قوافل إغاثة غزة تواجه قبضة الأمن المصري

3
قوافل إغاثة غزة تواجه قبضة الأمن المصري
قوافل إغاثة غزة تواجه قبضة الأمن المصري

أفريقيا برس – مصر. في مشهد تتشابك فيه الإنسانية مع القيود السياسية، تصاعدت وتيرة الأحداث في مصر خلال الأيام الماضية، مع محاولة مئات النشطاء الدوليين كسر الحصار المفروض على قطاع غزة تزامناً مع تدهور الأوضاع الإنسانية هناك. وشهدت هذه الجهود الشعبية اصطداماً مباشراً مع السلطات المصرية التي منعت القوافل الإغاثية من الوصول إلى سيناء، وقامت بترحيل عدد كبير من المشاركين بعد احتجازهم.

بنداء مؤلم على أبواب الإسماعيلية؛ برز مشهد مؤثر لناشط بريطاني من “قافلة الصمود” خاطب الجنود المصريين عند بوابة الإسماعيلية بكلمات مؤثرة، تخللها البكاء والتوسل، قائلاً: “إن الإسرائيليين يُجِيعون الأطفال حتى الموت. أتوسل إليكم باسم الإنسانية وباسم الإسلام أن تقفوا مع إخوتكم وأخواتكم في الإسلام… رجاء… اسمحوا لنا بالزحف إلى فلسطين؟”. هذه الكلمات الصادقة، التي جاءت قبيل إلقاء القبض على المشاركين وترحيلهم تلخص حجم اليأس والألم الذي يدفع هؤلاء النشطاء إلى قطع آلاف الأميال في محاولة لتقديم يد العون لأطفال غزة المحاصرين.

رافقت هذا النداء الإنساني حملة أمنية واسعة وترحيل قسري لعدد من النشطاء الأجانب؛ فوفقاً لشهادات جمعتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، استوقفت قوات الأمن المصرية المئات من النشطاء من جنسيات متعددة، بينها أميركية وبريطانية وفرنسية وإيطالية ومغربية وجزائرية وتونسية وإسبانية ويونانية، وذلك أثناء محاولتهم الوصول إلى شمال سيناء للمشاركة في “المسيرة العالمية للتنديد بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة” التي كان من المزمع انطلاقها بين 15 و19 يونيو/حزيران الحالي.

وشملت الإجراءات الأمنية إيقاف النشطاء في مناطق متفرقة على طريق الإسماعيلية، بعضهم على بعد كيلومترات من مدخل المحافظة. وتحدثت شهادات عن “استخدام القوة” لإجبار النشطاء على ركوب حافلات لنقلهم إلى مطار القاهرة الدولي تمهيداً لترحيلهم. كما أشارت بعض الشهادات إلى قيام “أشخاص بملابس مدنية” بالاعتداء على النشطاء بزجاجات المياه لدفعهم إلى الرحيل.

من بين المحتجزين، كان هناك 30 تونسيا وخمسة جزائريين وثلاثة فرنسيين بالإضافة إلى حفيد المناضل الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا. هذا التضييق لم يقتصر على الطرق المؤدية إلى سيناء، بل امتد ليشمل مطار القاهرة الدولي وأماكن إقامة النشطاء في العاصمة، حيث جرى توقيف عشرات آخرين قبل أن يشرعوا في رحلتهم نحو غزة. بعد ساعات طويلة من الاحتجاز، رُحّل بعض النشطاء إلى بلدانهم، بينما تمكن آخرون من الدخول إلى مصر بفضل تدخل سفارات بلادهم.

في السياق نفسه، استنكرت “لجنة العدالة-كوميتي فور جستس” ما وصفته بـ”الانتهاك الصارخ لحرية التنقل” بعد احتجاز ثلاثة محامين جزائريين في مطار القاهرة الدولي بتاريخ 11 يونيو/حزيران. وسُحبت هواتفهم ووثائقهم الرسمية من دون مبرر قانوني، في خطوة وصفتها اللجنة بـ”القمع لحرية التعبير” ومحاولة لعرقلة “قافلة الصمود” الهادفة لفك الحصار عن غزة. وطالبت اللجنة السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن المحامين وتحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

وفي ظل هذه التطورات، أصدرت جهات حقوقية تحذيرات وإرشادات للمشاركين المحتملين في القافلة داعية إياهم لاتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر. شملت هذه الإرشادات “التأكد منال شروط القانونية للدخول إلى مصر وإبلاغ الأهل والسفارات بخطط السفر، والامتناع عن نشر المحتوى السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي، ومسح البيانات الحساسة من الأجهزة الرقمية، وتجنب المناطق الحساسة أمنياً والابتعاد عن التجمعات، وعدم التوجه إلى سيناء أو العريش بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة، وتجهيز رسالة طوارئ سريعة للإبلاغ عن أي توقيف أو خطر”.

وتعكس هذه الأحداث التحديات الجمة التي تواجه الجهود الإنسانية لكسر حصار غزة، في ظل قيود أمنية مشددة تهدف إلى منع أي تحركات قد تُفسر بأنها تهديد للأمن القومي، بينما تظل معاناة الأطفال والمدنيين في القطاع على رأس الأولويات الإنسانية العالمية.

وشنت قولت الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة على قطاع غزة في أعقاب عملية عسكرية شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”، في رد فعل على المخططات الإسرائيلية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات.

بعد هذه العملية، بدأت إسرائيل شن هجوم عسكري واسع النطاق على قطاع غزة، أطلقت عليه اسم “السيوف الحديدية”، متعهدة بالقضاء على حماس وتدمير بنيتها التحتية العسكرية، وإعادة الأسرى الإسرائيليين. تضمن الهجوم قصفاً جوياً مكثفاً، ثم توغلاً برياً واسعاً في أجزاء مختلفة من القطاع، ما أدى إلى دمار هائل ونزوح جماعي للسكان.

ومنذ ذلك الحين، تتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع بشكل كبير بسبب القصف المستمر، وتدمير البنى التحتية، ومنع دخول المساعدات الإنسانية الكافية، ما أدى إلى تفاقم الأزمات الصحية والغذائية ونزوح ما يقارب مليوني فلسطيني داخل القطاع. وبلغ عدد الشهداء والمصابين في غزة حتى أمس السبت نحو 55 ألفاً و297 شهيداً، و128 ألفاً و426 مصاباً، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here