أفريقيا برس – مصر. بدأت أجواء الاحتفال بالفوز تعم معسكر “القائمة الوطنية من أجل مصر” داخل عدد من الدوائر المخصصة لنظام القوائم المغلقة في انتخابات مجلس الشيوخ المصري لعام 2025، نتيجة غياب أي قوائم منافسة في بعض الدوائر. وقال خبراء قانون وقضاة عن إمكانية إعلان فوز مرشحي القائمة بالتزكية من دون الحاجة إلى اقتراع، إن الفوز في مثل هذه الحالة لا يُمنح بشكل تلقائي، بل تحكمه ضوابط قانونية صارمة نص عليها قانون مجلس الشيوخ المصري رقم 141 لسنة 2020، وعلى رأسها ضرورة حصول القائمة المنفردة على تأييد لا يقل عن 5% من إجمالي عدد الناخبين المقيدين في كل دائرة، وإلا تعاد الانتخابات ويفتح باب الترشح مجدداً.
قائمة المرشحين في 18 يوليو
وبحسب الجدول الزمني الذي أعلنته الهيئة الوطنية للانتخابات، فإن القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ المصري ستُعلن في 18 يوليو/تموز الحالي، تمهيداً لانطلاق عمليات التصويت التي تبدأ للمصريين في الخارج يومي 1 و2 أغسطس/أب المقبل، وفي الداخل يومي 4 و5 أغسطس، على أن تعلن النتائج النهائية يوم 4 سبتمبر/أيلول المقبل. وقال المستشار أشرف مصطفى، الرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة، إن “القانون المصري لا يعترف بمبدأ التزكية التلقائية لفوز قائمة انتخابية وحيدة، بل يشترط تحقيق الحد الأدنى من المشاركة الشعبية والتأييد، حتى وإن لم تكن هناك قائمة منافسة”.
وأوضح أن المادة 24 من قانون مجلس الشيوخ المصري نصّت صراحة على أنه “إذا لم يترشح في دائرة مخصصة لنظام القوائم إلا قائمة واحدة، أو إذا لم يتبقَ إلا قائمة واحدة، تعلن فوزها بشرط حصولها على 5% على الأقل من إجمالي عدد الناخبين المقيدين في هذه الدائرة”. وتابع: “بالتالي، فإن الهيئة الوطنية للانتخابات لا تملك إعلان فوز قائمة وحيدة في أي دائرة ما لم تتوافر فيها هذه النسبة، وإلا تُعاد العملية الانتخابية في هذه الدائرة من بدايتها بفتح باب الترشح مجددًا”. ورأى مصطفى أن هذا الشرط “يعكس رغبة المشرّع في الحفاظ على الحد الأدنى من الشرعية الانتخابية، وعدم ترك الأمور لمجرد ترتيبات سياسية مغلقة أو تفاهمات حزبية”، معتبراً أن “الإجراءات القانونية تضمن الحد الأدنى من المشاركة وتحول دون خلو الدوائر من التعبير الشعبي”.
من جانبه، أشار مصطفى علوان، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة ورئيس مؤسسة “رايتس للاستشارات القانونية والتحكيم الدولي”، إلى أن شرط الحصول على نسبة 5% “يُعد من الضوابط الجوهرية التي تحكم ترشح القوائم الفردية، ويختلف تماماً عن مفهوم التزكية”. ولفت علوان إلى أن هذه النسبة ليست من إجمالي عدد المصوتين فقط، بل من “إجمالي عدد المقيدين في قاعدة بيانات الناخبين بالدائرة”، مضيفاً أن “هذا يعني أن القائمة الوحيدة مطالبة بجلب تأييد فعلي من شريحة واسعة من الناخبين، وليس فقط من نسبة الحضور، وهو أمر قد يكون صعباً في ظل تدني نسب التصويت أحياناً، خاصة في انتخابات الغرفة الثانية”.
المادة 24 من قانون مجلس الشيوخ المصري
وفي السياق ذاته، أكد صالح حسب الله الجبالي، الخبير القانوني والمحامي بالنقض والدستورية العليا، أن الضمانة القانونية الواردة في المادة 24 من قانون مجلس الشيوخ المصري “تمثل سداً أمام احتمالات فرض قوائم أو مرشحين بعينهم دون رغبة شعبية حقيقية”. وقال الجبالي إنه “رغم أن فكرة القوائم المغلقة قد تجعل المشهد وكأنه محسوم لصالح قائمة بعينها، إلا أن المشرّع كان حريصاً على تأكيد عدم جواز إعلان فوز أي قائمة وحيدة إلا بشروط، أهمها هذا التأييد الرمزي بنسبة 5% من المقيدين، لضمان الحد الأدنى من الشرعية الانتخابية”. واعتبر أن “القائمة الوطنية من أجل مصر”، رغم قوتها وتماسكها التنظيمي، مطالبة بخوض غمار المنافسة على المستوى الجماهيري، حتى وإن لم يكن هناك منافس آخر، لأن “الشرعية في النظام المصري لا تُمنح مجاناً، بل تُنتزع عبر صندوق الاقتراع ولو بحده الأدنى”.
المصدر: العربي الجديد
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس