أفريقيا برس – مصر. وافقت لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، بصفة نهائية على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية المقدّم من الحكومة، الذي يلزم المؤسّسات والوسائل الصحافية والإعلامية، والمواقع الإلكترونية، وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الإلكترونية، بنشر وبثّ الفتاوى الشرعية الصادرة عن المختصين وحدهم.
تسري أحكام القانون المعروض من الحكومة، على المختصين بمهام الإفتاء الشرعي، من دون الإخلال بالإرشاد الديني ولا الاجتهادات الفقهية في مجال الأبحاث والدراسات العلمية والشرعية، على أن يصدر وزير الأوقاف قراراً بتشكيل لجنة أو أكثر في الوزارة للفتوى الشرعية الخاصة، وتحديد شروط اختيار من يتولى الإفتاء في اللجان، وضوابط عملها.
في المقابل، أعلن ممثلو الأزهر الشريف، في اجتماع اللجنة، رفضهم القاطع مشروع القانون اعتراضاً على منح لجنة الفتوى التابعة لوزارة الأوقاف الحق في الفتوى، بالمخالفة للمادة السابعة من الدستور التي اختصت الأزهر الشريف دون غيره بـ”القيام على شؤونه كافّة، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية. ويتولى مسؤولية الدعوة، ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم”.
وقال وكيل الأزهر محمد الضويني، إن “الأزهر مسؤول أمام الله تعالى عن كل فتوى تخرج على مستوى الجمهورية، ولذلك انتهت هيئة كبار العلماء في الأزهر إلى رفض مشروع القانون، بسبب الإصرار على منح وزارة الأوقاف الحق في الفتوى الشرعية”.
وفي استدعاء لدور يمارسه البرلمان لتعميم قوانين مخالفة للدستور والأحكام القضائية، احتد رئيس اللجنة النائب المعين علي جمعة على ممثلي الأزهر بسبب رفضهم القانون، قائلاً: “إن البرلمان “سيد قراره”، وأبلغوا الجماعة في الأزهر بأنه ما كان ينبغي نشر الرفض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل أن تنتهي اللجنة من مناقشة مشروع القانون”. مضيفاً: “أبلغوهم أن اللجنة مستاءة للغاية من نشر رفض الأزهر على الرأي العام، والذي خالف كل البروتوكولات والأعراف البرلمانية”، على حدّ قوله.
وينصّ الدستور على أن مؤسسة الأزهر هي الراعية للشؤون الإسلامية، وفقاً للدستور، بما يحق له الاعتراض على أيّ قوانين مخالفة للشريعة أو تتعارض مع دوره المسند إليه بدستور 2014. وكان الأزهر قد أصدر بياناً، في وقت متأخر من مساء الاثنين، ينفي فيه الموافقة على تشكيل لجان فتوى مشتركة من أعضاء بالأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، خلال مناقشات مشروع القانون داخل اللجنة الدينية بالبرلمان، انطلاقاً من الحرص على ضبط الشأن الديني، وإسناد الفتوى للمعنيين بها، وفقاً لأحكام القانون والدستور، وعدم التداخل في الاختصاصات المنصوص عليها دستورياً وقانونياً، وجدّد الأزهر التأكيد على موقف هيئة كبار العلماء الرافض لمشروع القانون بصورته المطروحة، وإرسال الهيئة رفضها الرسمي إلى الجهات المعنية ذات الاختصاص.
ومع تمسك الأزهر برفض القانون، قال مستشار رئيس مجلس النواب محمد كفافي، إنّ “المشروع سيخضع للمناقشة مجدداً في الجلسة العامة للبرلمان، الذي سيكون منفتحاً على أيّ ملاحظات ترد من الأزهر الشريف أو دار الإفتاء حول أيٍّ من مواده”.
ونص مشروع القانون بأن “الفتوى الشرعية العامة، التي تتعلق بإبداء الحكم الشرعي في شأن عام يخص المجتمع، يختص بها كل من هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية دون غيرهما، أما الفتوى الشرعية الخاصة، التي ترتبط بإبداء الحكم الشرعي في شأن خاص بالأفراد، فمن مسؤولية كل من هيئة كبار العلماء في الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية ولجان الفتوى في وزارة الأوقاف”.
ويختصّ الأئمة والوعاظ في الأزهر والهيئات التي يشملها، والمعيّنون المتخصّصون في وزارة الأوقاف، وغيرهم من المصرح لهم قانوناً، بأداء مهام الإرشاد الديني بما يبين للمسلمين أمور دينهم، من دون أن يعد ذلك تعرضاً للفتوى الشرعية، شريطة مراعاة أحكام قانون تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد، وما في حكمها، وفق القانون.
وفرض المشروع عقوبات على كل من يخالف أحكامه، لا سيّما ما يتعلق بتحديد المختصين بالفتوى الشرعية، أو التزامات وسائل الإعلام والصحافة.
ويتبع الأزهر ما يقرب من 250 لجنة فتوى رئيسة منتشرة في مختلف المحافظات المصرية، من أجل تلبية احتياجات المواطنين الشرعية بكل مهنية واستقلالية، وهي تخضع للإشراف الكامل من الأزهر وهيئاته المختصّة، كما كسب شعبية كبيرة بين المصريين جراء تمسكه بمواقفه المناوئة للسلطة الحاكمة، خلال السنوات الأخيرة، ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى اتهام مؤسسة الأزهر بـ”الجمود، وعدم التحرك بالشكل المطلوب في ملف تجديد الخطاب الديني”.
وتشهد العلاقة بين السيسي وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب توتراً حاداً منذ فترة، لاختلاف حول العديد من مواقف الأزهر التي تصدى فيها لرؤى رئاسية ذات علاقة بنصوص شرعية وفقهية، والمجاهرة بمعاداة الاحتلال الإسرائيلي لغزة، وهو الأمر الذي عطل إصدار قانوني الأسرة الجديد وتنظيم دار الإفتاء.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس