محامون ومرشحون في مرمى الاتهامات بعد كشفهم انتهاكات انتخابية

محامون ومرشحون في مرمى الاتهامات بعد كشفهم انتهاكات انتخابية
محامون ومرشحون في مرمى الاتهامات بعد كشفهم انتهاكات انتخابية

أفريقيا برس – مصر. أخلت نيابة دمياط سبيل تسعة محامين بكفالة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه لكل منهم (نحو مئة دولار أميركي)، في منتصف نهار اليوم الخميس، بعد احتجاجهم على وجود مخالفات في انتخابات مجلس النواب. وقررت النيابة إخلاء سبيل المحامين، وهم أنصار المرشح البرلماني عصام بشتو، بعدما كانت قررت حبسهم بعد القبض عليهم على خلفية احتجاج المرشح البرلماني وأنصاره، الاثنين الماضي، على المخالفات التي شابت العملية الانتخابية في مصر من رشاوى وشراء للأصوات وكوبونات لمتاجر كبرى.

وكان المرشح البرلماني وأنصاره توجهوا إلى قسم شرطة فارسكور لفتح محضر وإثبات الحالة. لكن تم رفض طلبهم والقبض عليهم أمام ديوان المركز بعد التعدي عليهم من قبل قوات الأمن المركزي. وتم عرضهم على نيابة دمياط، الثلاثاء الماضي، والتي قررت إخلاء سبيل المرشح البرلماني بكفالة مالية قدرها عشرين ألف جنيه (نحو 400 دولار أميركي)، وعرض باقي المتهمين، وعددهم تسعة، على النيابة بعد طلب تحريات المباحث حول الواقعة.

هذه الواقعة لم تحدث فقط مع أنصار المرشح البرلماني في محافظة دمياط، بل أصبحت ظاهرة لافتة في المشهد السياسي في مصر بالتزامن مع إجراء انتخابات مجلس النواب، حيث ألقت قوات الأمن القبض على مرشحين وسياسيين ومحامين إثر مشاركتهم في العملية الانتخابية وإصرارهم على فضح انتهاكات دارت في عدد من اللجان.

وفي واقعة شهيرة أخرى انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على والدة وشقيقة المرشحة عن دائرة شبرا وروض الفرج وبولاق أبو العلا مونيكا مجدي، التي خرجت في بث حي عبر فيسبوك تعلن القبض على ذويها إثر رصدهم مخالفات “مال سياسي” في دائرتها. وقالت المرشحة إن اليوم الثاني لعملية الاقتراع بالجولة الثانية لانتخابات مجلس النواب شهد استمرار عمليات التضييق عليها وعلى أفراد من أسرتها، على خلفية رصدها “توزيع أموال وشراء أصوات ناخبين” من قبل أحد المنافسين.

وقالت مونيكا مجدي إنها “تعرضت هي وأفراد من أسرتها لاعتداءات بسبب كشف مخالفات المال السياسي”، وإنها رصدت ووثقت نقاط توزيع الأموال، ونشرت مقاطع فيديو عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وثقت فيها التعدى على شقيقتها في إحدى المدارس بشارع الترعة، حيث جرى الاعتداء عليها بالسب والضرب من إحدى السيدات التابعات لأحد المرشحين، كما سُرق هاتف أحد مندوبي حملتها داخل اللجنة. بعدها، اصطُحبت والدتها وشقيقتها إلى قسم شرطة شبرا لاتخاذ الإجراءات القانونية، واحتُجزتا في النيابة العامة مدة 12 ساعة.

الواقعة نفسها تكررت مجدداً ومباشرة مع المنسق العام للحركة المدنية والمرشح لمجلس النواب طلعت خليل، الذي أخلي سبيله فجر الأربعاء هو وشقيقته من قسم الأربعين بمحافظة السويس، بعد دفع كفالة قدرها عشرة آلاف جنيه لكل منهما (نحو 200 دولار أميركي). وكان خليل كشف ليلة الثلاثاء عن توقيفه هو وشقيقته، وظهر في بث مباشر عبر فيسبوك قال فيه إنه محتجز داخل مركز شباب المدينة من دون أي أساس قانوني. وكان خليل انتقد ما وصفه بـ”المال السياسي” في السويس خلال الجولة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025، لافتاً إلى استمرار عمليات النقل الجماعي وشراء الأصوات واستغلال الفئات الأكثر احتياجاً، رغم دعوة الرئيس الأخيرة إلى التصدي لهذه الممارسات.

وشهدت المرحلة الأولى جملة من التجاوزات والاعتراضات، سواء في الدعاية أو التصويت أو عملية الفرز، وقوبلت باعتراضات جمة على النتائج المعلنة من اللجان العامة في بعض الدوائر، ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي لمطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة المخالفات التي حدثت خلال المرحلة الأولى، وأسفر ذلك عن إلغاء النتائج في 19 دائرة موزعة على سبع محافظات، من بينها الجيزة والفيوم وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة.

وانطلقت الجولة الأولى للانتخابات بالاقتراع في الخارج يومَي 7 و8 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي الداخل يومَي 10 و11 الشهر نفسه، في 14 محافظة. واختُتمت الجولة الثانية للانتخابات في 25 نوفمبر، وضمت 13 محافظة تنافس فيها 1316 مرشحاً على 141 مقعداً بالنظام الفردي.

وحولت صورة المشهد السياسي، الشبيهة بالكوميديا السوداء، كل بارقة أمل بتحقيق مناخ سياسي حقيقي إلى محض أمنيات، وصفتها منظمات حقوقية في بيان بأنها “مسار انتخابي زائف” يهدف إلى إفراغ العملية الانتخابية من شرعيتها. وقدمت حالة الفوضى، التي شابت عملية الاقتراع في المرحلة الأولى وصولاً إلى التدخل المباشر والعلني من السيسي في مجريات العملية، براهين قاطعة على الطبيعة الصورية لهذه الانتخابات وانعدام استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات.

واستندت المنظمات في بيانها إلى التحول الجذري في موقف الهيئة الوطنية للانتخابات؛ وقالت: “بعد أن دافعت الهيئة لأسبوع كامل عن نزاهة العملية ونفت وجود مخالفات، تراجعت بشكل مفاجئ في 17 نوفمبر الجاري عن تصريحاتها، وذلك بعد ساعات قليلة من نشر الرئيس السيسي رسالة علنية طالب فيها الهيئة – التي يفترض دستورياً أنها مستقلة – بتكثيف الرقابة والتحقيق في التجاوزات وإلغاء النتائج إذا لزم الأمر”. واعتبرت المنظمات أن هذا الامتثال الفوري من الهيئة للتوجيه الرئاسي يكشف خضوع العملية الانتخابية والمجال السياسي برمته لإرادة السلطة التنفيذية، ما ينفي أي صفة استقلالية عن الهيئة المشرفة.

وتطرق البيان الحقوقي إلى تفاصيل ما وصفه بـ”هندسة الأجهزة الأمنية” القوائم الانتخابية، والتي شملت الاستبعاد التعسفي للمرشحين لإحكام السيطرة، واستمرار الحرمان غير القانوني للسجناء السياسيين السابقين والمحبوسين احتياطياً من حقوقهم السياسية بشطبهم من قواعد الناخبين، حتى من حصل منهم على أحكام برد الاعتبار. كما لفت البيان إلى أن “هندسة النتائج بدأت مبكراً عبر استبعاد مرشحين لأسباب واهية مثل عدم أداء الخدمة العسكرية بناءً على قرارات منفردة، وهو ما طاول نواباً سابقين من المعارضة، وسط رفض المحكمة الإدارية العليا الطعون المقدمة ضد هذه القرارات”.

كذلك توصّل تقرير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان إلى أنّ المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب جرت في بيئة مغلقة خالية من التنافس، بعد استبعاد القوائم المنافسة للقائمة الوطنية، ما أدى عملياً إلى احتكارها مقاعد القوائم. ورصد التقرير ممارسات تضعف الثقة العامة، من بينها ما وصفه بـ”توريث المقاعد” داخل القوائم المطلقة، وترشح شخصيات تمثل محافظات لا تنتمي إليها فعلياً، الأمر الذي أدى إلى حساسيات محلية وتفكيك الرابط بين المرشح والناخب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here