مستوى جديد من العلاقات بين مصر والمحور الروسي – الصيني

20
مستوى جديد من العلاقات بين مصر والمحور الروسي - الصيني
مستوى جديد من العلاقات بين مصر والمحور الروسي - الصيني

أفريقيا برس – مصر. على مدار الأيام القليلة الماضية، شهدت العلاقات المصرية الروسية زخماً وتطوراً في مستويات عدة، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بمرور 80 عاماً على تدشين العلاقات بين البلدين.

وأُعلن عن تدريس اللغة الروسية لغة ثانية في المدارس والجامعات المصرية، وذلك بعد استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفداً روسياً رفيعاً الأحد الماضي، مع الإعلان عن قرارات عدة توحي بأن العلاقات بين القاهرة وموسكو وصلت إلى مستويات جديدة. واتفق الوفدان الروسي والمصري في اجتماع الأحد الماضي على إنشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس المصرية.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي أن الجانبين “أكدا على الالتزام المتبادل بمواصلة تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات”. كذلك ذكر بيان فهمي أن السيسي ناقش مزيداً من “التعاون في مجال إمدادات الحبوب والغذاء في ضوء الأزمة العالمية” مع الوفد الروسي.

والأربعاء الماضي أعلنت شركة “روس آتوم” الروسية عن وصول أول “مصيدة قلب المفاعل النووي” إلى موقع بناء محطة الضبعة النووية في مصر، بعد نقلها من مدينة سانت بطرسبورغ في روسيا. وتم تسليم المعدات الصناعية، في حفل أقيم في أرض الموقع.

بالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان الأربعاء الماضي أيضاً رسمياً عن انضمام مصر كعضو جديد في بنك التنمية الجديد “بريكس”، الذي يمول مشاريع تطوير البنية التحتية في الدول الأعضاء (روسيا، الصين، البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا) في “بريكس” والدول النامية.

ووُصفت كتلة “بريكس” بأنها تحدٍ لـ”الهيمنة الأميركية والأوروبية” على المستوى العالمي، وهو الموقف الذي يشكل حجر الزاوية الأساسي لسياسة روسيا الخارجية.

انضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد

وأكدت المديرة المؤسسة لبرنامج مصر في معهد الشرق الأوسط، ميريت مبروك، أن “انضمام مصر لبنك التنمية الجديد تم آخر فبراير/ شباط الماضي، ولكن حدث الإعلان عنه أخيراً”. وأضافت أن “هذه الكتلة من العالم بحاجة إلى هذه النوعية من التعاون الاقتصادي”، مضيفة “أعتقد أن الدولة التي دفعت مصر للانضمام هي الهند وليس روسيا كما هو متداول”.

وأوضحت: “لا ننسى زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة إلى الهند في يناير/ كانون الثاني الماضي، ومن بعدها جاء الانضمام إلى بنك التنمية الجديد”، معتبرة أن “مصر دائماً لا تفضل أن تضيق على نفسها الخناق في زاوية واحدة”.

وأشارت مبروك إلى أنه “عندما حدث الهجوم الروسي على أوكرانيا انتظر الغرب من جميع الدول أن تعارض روسيا، لكنهم اكتشفوا أن لبقية دول العالم علاقات مختلفة مع البلدان التي لا تخضع لمعايير الغرب”.

ولفتت إلى أن بنك التنمية الجديد “يمنح البلاد صلاحية التعامل بعملاتها المحلية، وبذلك تحافظ مصر على عملتها الصعبة، وهي في أمس الحاجة لكل دولار”. وقالت إن “هناك قمة مقررة في أغسطس/ آب المقبل (قمة دول بريكس) في جنوب أفريقيا، سيعلن خلالها استخدام العملات المحلية في التعاملات التجارية”.

وبرأي مبروك: “من المتوقع في المراحل المقبلة أن تنضم مصر إلى دول بريكس، إلى جانب روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهي خطوة مهمة، فمن مصلحة مصر زيادة علاقاتها الاقتصادية مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، لحاجتها الشديدة لتقوية الاقتصاد”. وأضافت: “صحيح أن بريكس تضم روسيا والصين، لكنها أيضاً تضم الهند والبرازيل، وهي دول استثمارية مهمة للغاية”.

وفي اجتماع القمة الأخير لدول “بريكس” في يونيو/ حزيران 2022، بذل الرئيسان الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، جهوداً حثيثة لصالح توسيع المجموعة إلى “بريكس+”.

وبدت بكين مهتمة بشكل خاص بتطوير المنتدى إلى قوة موازنة لمجموعة السبع، فتقدمت الأرجنتين وإيران والمملكة العربية السعودية بالفعل بطلب للحصول على عضوية “بريكس+”، ويبدو أن العديد من الدول الأخرى مهتمة.

ورأت مبروك أن انضمام مصر لبنك التنمية الجديد “لن يؤثر على علاقاتها بالولايات المتحدة”، قائلة إن “ما يغضب الولايات المتحدة من حلفائها هو أن تحدث معاداة واضحة، لكن لا ضرر ألا تكون الدول متعاونة معهم على طول الخط. لا يوجد بلدين يتفقان على سياسة واحدة في كل الملفات”.

ولفتت إلى أن “مصر تحاول توسيع نطاقها الاقتصادي، وهذا ليس فقط حق لمصر، بل واجب عليها، خصوصاً هذه الأيام بسبب الأزمة الاقتصادية. ومن الأكيد أن مصر ستتقدم بطلب قروض، وهذا هو الهدف من الانضمام في الأساس، والهدف من القرض ليس قيمته المالية، لأنه لن يحل أزمات مصر، لكن ما يحدث هو أن القرض يعني موافقة ودعم الجهة المانحة، ومعناه اعتراف من الجهة المانحة بقدرة مصر على تنمية الاقتصاد”.

عدم ارتياح أميركي

من جهته، رأى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أيمن سلامة أن تقارب القاهرة مع كل من موسكو وبكين “يمكن أن يُشعر الولايات المتحدة بعدم الارتياح، خصوصاً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك لأن واشنطن تريد تطويق كل الدول خارج الحزام الأوروبي في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وذلك بواسطة الضغوط الاقتصادية (العقوبات والجزاءات) التي لم تحدث في التاريخ الحديث”.

ولفت سلامة إلى أن توجه القاهرة ناحية الشرق “يأتي في إطار حقبة جديدة ونهج اعتمدته مصر في السنوات العشر الأخيرة، إذ حرصت في سياستها الخارجية على ألا تقتصر توجهاتها الاستراتيجية سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية على قوة واحدة”.

وأوضح أن “مصر عزفت عن التوجه ناحية الشرق وتحديداً الاتحاد السوفييتي السابق منذ خمسينات القرن الماضي، مع الاستغناء عن الخبراء السوفييت في مصر عام 1972، وانتهت بذلك تلك الحقبة”.

واعتبر أنه “اعتباراً من توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بوساطة أميركية في مارس/آذار 1979، عزفت مصر عن التوجه ناحية الاتحاد السوفييتي السابق ووجهت قبلتها شطر البيت الأبيض”.

وتعليقاً على الإعلان عن تدريس اللغة الروسية لغة ثانية في المدارس والجامعات المصرية، رأى سلامة أنه “في أوج العلاقات المصرية السوفييتية بين عامي 1955 و1972، وعلى الرغم من التقارب الثقافي الكبير بين مصر والاتحاد السوفييتي وكل الكتلة الشرقية الشيوعية السابقة، لم تخط مصر مثل هذه الخطوة، وهو ما يدل على تطور كبير في العلاقات بين القاهرة وموسكو”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here