مشاكل استصدار المصريين في الخارج وثائقهم على طاولة الحوار الوطني

5
مشاكل استصدار المصريين في الخارج وثائقهم على طاولة الحوار الوطني
مشاكل استصدار المصريين في الخارج وثائقهم على طاولة الحوار الوطني

مصطفى الأعصر

أفريقيا برس – مصر. تتعالى من وقت إلى آخر أصوات ومطالب من المنظمات الحقوقية أو الأفراد الفاعلين في المجال العام، موجهة إلى السلطات المصرية بفك الضغوط والتضييقات على المصريين في الخارج، خصوصاً على المعارضين والصحافيين والحقوقيين، خلال محاولاتهم استخراج أوراقهم الثبوتية أو تجديدها، مثل بطاقات الهوية أو جوازات السفر، أو أي معاملات رسمية أخرى، كالتصديقات التجارية أو اعتماد وتوثيق الأوراق والشهادات الدراسية.

ويزيد هذا الأمر من معاناة هؤلاء الأفراد الذين فروا من بلدهم بحثاً عن الأمان، بعدما تعرضوا لتهديدات أو ملاحقات أمنية، أو صدرت ضدهم أحكام سياسية بالسجن، أو لخوفهم من البقاء في وطنهم لمجرد وجود ملف سياسي لهم في أرشيف جهاز الأمن الوطني، أو لنشاطهم السياسي أو الصحافي أو الحقوقي السلمي.

طرح موضوع المعاملات على الحوار الوطني

ويقول عضو مجلس أمناء الحوار الوطني كمال زايد، إن “مشاكل المصريين بالخارج المتعلقة بالمعاملات الرسمية مع السفارات، أو استخراج أوراقهم الثبوتية، أو حتى عودتهم إلى البلاد بشكل آمن، هي أحد الموضوعات المطروحة للنقاش داخل الحوار الوطني، لكن ما زلنا لم ننتج رؤية واضحة، ونترك المجال للمشاركين في الحوار لصياغة رؤيتهم، متى بدأ الحوار”.

ويضيف زايد أن “مبادرة عودة آمنة التي أطلقها السياسي والنائب البرلماني السابق محمد أنور السادات هي بادرة طيبة، ولكنها كانت تخضع لرؤية السادات الشخصية، ولم تكن إحدى مخرجات مجلس الأمناء”.

وبحسب معارضين مصريين في الخارج، فقد تحولت السفارات والقنصليات المصرية إلى عقبة أمامهم بدلاً من كونها مساحة آمنة لمساعدة المهاجرين وتيسير أمورهم، وأصبحت ذراعاً من أذرع القبضة الأمنية الممتدة منذ سنوات، وأداة من أدوات جهاز الأمن الوطني.

ويقول أحد الشبان المصريين المقيمين بتركيا منذ بضع سنوات، والذي تحفظ على ذكر اسمه، إنه فقد جواز السفر المصري وذهب لتجديده في القنصلية، ليفاجأ بردهم بعد 3 أشهر برفض تجديد وثيقة السفر، وإبلاغه بإمكانية منحه وثيقة عودة للبلاد.

ويضيف الشاب: “أخيراً، توسعت السفارات والقنصليات المصرية في الخارج في استخدام سلاح التضييق على المواطنين في الجوانب الخاصة بالمعاملات الرسمية والوثائق الثبوتية”.

ويوضح أنه “في البداية كانت التضييقات مقتصرة على تجديد جوازات السفر المنتهية أو المفقودة أو التالفة، أما الآن فقد امتدت إلى التصديقات التجارية أو توثيق أي أوراق رسمية، كالشهادات التعليمية. هناك أشخاص يعيشون منذ 3 أو 4 سنوات من دون أوراق رسمية، والبعض الآخر لديه مشكلة في تسجيل أطفاله الذين وُلدوا بالخارج”.

ويضيف المصدر أن “القنصلية المصرية في إسطنبول تحولت إلى ما يشبه فرعاً من أفرع جهاز الأمن الوطني، فجميع العمليات بحاجة إلى موافقة أمنية. القنصلية تُرسل الأوراق إلى الأمن الوطني، الذي يعيدها بالموافقة أو الرفض إلى الخارجية المصرية”.

ويحكي مصري آخر مقيم في لندن، تجربته مع السفارة المصرية بالخارج، حيث تعامل معها مرتين فقط، كما يقول. وفي واحدة من المرتين كان يهدف إلى تجديد جواز سفره، وهي العملية التي استغرقت أكثر من 13 شهراً، حتى تمكن من استلام جواز السفر.

ويضيف المصدر: “من واقع خبرتي، فالتعامل مع السفارات المصرية عشوائي بالكامل، ويخضع لاعتبارات كثيرة، من بينها الحظ. فقد رأيت أشخاصاً أرفقتهم السلطات المصرية على قوائم الإرهاب وأصدرت ضدهم أحكاماً قضائية، ومع ذلك تمكنوا من استخراج أوراقهم الثبوتية من السفارات بالخارج في غضون ثلاثة أشهر، وهناك آخرون لم يتمكنوا من استخراج أوراقهم، رغم عدم وجود أي إدانة ضدهم”.

نمط لمعاقبة المعارضين

ويعلّق الباحث والاستشاري المتخصص في قضايا الهجرة واللجوء نور خليل، قائلاً إن “هناك نمطاً تستخدمه السلطات المصرية لمعاقبة المعارضين من الحقوقيين وأصحاب النشاط السياسي السابق والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، بمنع إصدار الوثائق الرسمية لهم بقرارات أمنية غير معروفة الجهة التي أصدرتها وكيفية الطعن عليها، وهو انتهاك صارخ لحق كل مواطن في الحصول على أوراق ثبوتية خاصة به، وهو حق لا يملك أحد إسقاطه”.

ويضيف خليل: “رأينا هذا النمط في السنوات الأخيرة من سفارات مصرية في دول مختلفة، وأعتقد أننا سنراه كثيراً في ما بعد، لوضوح تحول هذا الانتهاك إلى نمط وأيضاً لطول المدة الزمنية لبقاء العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في الخارج ما يستدعي تجديد الأوراق الثبوتية”.

ويرى خليل أن تأثيرات هذا الانتهاك خطيرة على الضحايا، حيث يضعهم تحت الشعور بالتهديد والملاحقة المستمرة، وأيضاً يعرضهم لخطر الإقامة غير الرسمية بدون وثائق، ويحرم الضحية من الوصول للمرافق العامة، من خدمات صحية وتعليمية وغيرها، في الدولة التي يقيم بها، ناهيك عن حرية الحركة والتجول داخلياً في دولة الإقامة أو خارجياً، ما يحرم الشخص من فرص التطوير والاندماج.

ويضيف: “يبقى، رغم صعوبة إجراءاته، طريق واحد أمام الشخص، وهو التماس اللجوء في الدولة التي علق بها أياً كانت ظروف اللجوء في هذا البلد”.

وكان السياسي المصري، رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، قد أطلق، في سبتمبر/ أيلول الماضي، مبادرة “عودة آمنة”، وتهدف إلى فتح الأبواب أمام عودة المعارضين بالخارج، ضمن ضوابط محددة، من بينها ألا يكونوا من المتورطين في قضايا العنف، أو صدرت بحقهم أحكام قضائية.

ورغم ذلك، لم يعد إلى مصر إلا أسماء معدودة، من بينهم الناشط السياسي وائل غنيم الذي اختفى تماماً من الساحة السياسية منذ عودته، والناشط السياسي ياسر الهواري، الذي تم اختياره منذ يومين كأحد المشاركين في الحوار الوطني.

وكان تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في 13 مارس/ آذار الماضي، قد وثق، بحسب نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة آدم كوغل، “تشديد حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخناق على المعارضين في الخارج بحرمانهم من الوثائق الثبوتية الأساسية”.

وأضافت المنظمة أن تعذّر استصدار شهادات الميلاد، أو تجديد الوثائق الأساسية كجوازات السفر والبطاقات الشخصية، أدى إلى عرقلة إحقاق الحقوق الأساسية للمعارضين في الخارج وأفراد أسرهم الذين يعولونهم، وقوّض ذلك فعلياً قدرتهم على السفر والعيش والعمل بشكل قانوني، وأحياناً هدد قدرتهم في الحصول على الرعاية الطبية الأساسية والخدمات التعليمية أو لمّ شملهم مع أفراد أسرهم الآخرين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here