مصر تشرع بمباحثات لإنهاء الانقسام الفلسطيني

10
وفد حماس في القاهرة

المهمة الحالية التي سيقوم بها جهاز المخابرات المصرية المشرف على ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، تقوم على أساس إيجاد «مقاربات» من أجل «تكييف» تنفيذ اتفاق تطبيق المصالحة الموقع بين حركتي فتح وحماس في 12 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بعد تجاوز نقاط خلاف مهمة عرقلت في المرحلة السابقة سبل التنفيذ، وفي مقدمتها رواتب موظفي غزة. في الوقت ذاته أكدت حركة فتح استعدادها للحل، لكن بدون توقيع اتفاقيات جديدة.

ومع اقتراب انطلاق جولة المباحثات الجديدة التي تقودها المخابرات المصرية، التي ستبدأ بلقاءات معمقة مع وفد قيادي رفيع من حماس، علمت «القدس العربي» أن المسؤولين المصريين يتحركون من أجل إيجاد «مقاربات» هدفها «تكييف» الاتفاق الذي يشمل مواعيد زمنية لتنفيذ عملية التطبيق على الأرض، تبدأ باستلام حكومة التوافق مهامها كاملة في القطاع، كما في الضفة الغربية.

ومن ضمن ما يجري الترتيب له من أجل العودة إلى عملية تنفيذ اتفاق ومن أجل تجاوز الخلافات بين فتح وحماس، التي اعترضت التطبيق، يتوقع أن يلجأ المسؤولون المصريون إلى إيجاد عملية «مقاربة» للمواقف، من خلال «تقديم وتأخير» تطبيق بعض البنود، حسب الحاجة التي تضمن سير التنفيذ في المرحلة المقبلة.

وتؤكد مصادر مطلعة على الحوارات الأخيرة التي أجراها المسؤولون المصريون في غزة ورام الله والقاهرة، أن تفاهمات إعادة الهدوء إلى قطاع غزة في المرحلة الأولى، التي شملت تمويلا من دولة قطر لدفع رواتب موظفي غزة الذين عينتهم حماس، بعد سيطرتها على القطاع، من شأنها أن تساهم كثيرا في تجاوز عقبة اعترضت سابقا عملية التنفيذ، خاصة أن هذا الملف كان من أكثر الملفات تعقيدا خلال بحثه في المرحلة السابقة، إضافة إلى الحلول التي شملت تحسين وضع الكهرباء في غزة، وتنفيذ مشاريع من شأنها أن تساهم في خفض نسب الفقر والبطالة.

وبرز خلاف كبير حول كيفية دفع رواتب موظفي غزة المعينين من حماس، خلال المرحلة التي سيتم فيها بحث ملفات استيعابهم من قبل الحكومة وفق اتفاق المصالحة، وهو ما كان سببا رئيسيا في فشل الجهود التي بذلتها مصر في ذلك الوقت، إضافة إلى الخلاف الذي برز حول ملف تمكين الحكومة، وكذلك استلام المسؤولية عن سلطتي الأراضي والقضاء.

وحسب ما يتردد فإن «المقاربات» المصرية الجديدة، تشمل إلى جانب تسلم الحكومة مهامها في المرحلة الحالية، على أن يتم لاحقا بحث عملية استبدالها بموافقة الفصائل بحكومة وحدة وطنية، وتسليمها سلطتي الأراضي والقضاء للسلطة الفلسطينية، وكذلك المسؤولية الكاملة على عمل المعابر، على أن يخضع الأمر لإشراف فريق أمني مصري يوجد في قطاع غزة لحل أي مشاكل قد تعترض سبل التنفيذ.

وفد حماس يصل إلى القاهرة

ويجري وقد حماس الذي وصل إلى القاهرة أمس برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، لقاءات مع المسؤولين المصريين في القاهرة، ويتوقع أن يلحق به وفد آخر من فتح الأسبوع المقبل، في حال حدث التقدم المطلوب بشأن عملية التطبيق.

وتريد حركة فتح في المرحلة الأولى أن تتسلم كتابا رسميا من المسؤولين المصريين، يفيد بقبول حماس بتسليم زمام الحكم للحكومة، بعد أن نقل المسؤولون المصريون موافقة شفهية في وقت سابق.

وفي هذا السياق قال عاطف أبو سيف الناطق باسم فتح إنه في حال تمكنت مصر من إحداث اختراق في مواقف حماس، باتجاه تطبيق اتفاق 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، فإنه لن تكون هناك أي مشكلة لدى فتح في عودة اللقاءات الثنائية مع حماس.

يذكر أن اللقاءات الثنائية بين الحركتين توقفت في مارس/ آذار الماضي، عقب حادثة التفجير التي طالت موكب رئيس الحكومة رامي الحمد الله، ومدير جهاز المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، لحظة دخولهما إلى قطاع غزة.

وأكد أبو سيف أن فتح مستعدة لنقاش تطبيق الاتفاق الموقع، لكنه جدد رفض حركته الذهاب باتجاه توقيع اتفاق جديد، وقال «من لم يحترم تطبيق التوقيع على الاتفاقيات السابقة، لن يحترم تطبيق الاتفاقيات الجديدة». ورفض أبو سيف أن يكون تغيير الحكومة الحالية «شرطا» لإتمام عملية المصالحة، وأن يكون وجودها مرهونا بيد حماس، التي قالت إنها وضعت الحكومة منذ تشكيلها «هدفا» لها.

وأكد وجود «إشارات إيجابية» حتى اللحظة، بما يخص تطبيق المصالحة، لكنه أعاد الطلب من حماس بالالتزام بما جرى التوقيع عليه في اتفاق 2017. وشن أبو سيف هجوما عنيفا على خالد البطش، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، وقال إنه «لم يعد قاسما مشتركا ليترأس لجنة القوى الوطنية والإسلامية»، وذلك على خلفية مشاركته أول من أمس في احتفال لإحياء الذكرى الـ 14 لوفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، أقامه محمد دحلان، القيادي المفصول من الحركة في مدينة غزة.

وقال إن حضور البطش وكلمته «لا تمثل بأي حال لجنة القوى الوطنية والإسلامية»، مضيفا «كان وحيدا في ظل مقاطعة جل التنظيمات الأعضاء في اللجنة، ومشاركته بعيدة كل البعد عن الإجماع الوطني داخل اللجنة».
ودعا أبو سيف إلى إعادة التفكير في استمراريته في ترؤس اللجنة. وقال «مع تقديرنا لحركة الجهاد الإسلامي والعلاقات الثنائية التي تربطنا بها وهو أمر نفتخر به منذ عهد الشهيد فتحي الشقاقي (أمينها العام الذي اغتالته اسرائيل عام 1995، إلا ان مشاركة البطش وتقديمه كمسؤول لجنة القوى الوطنية والإسلامية يثير العديد من علامات الاستفهام حول استمراره في موقعه في اللجنة وهو ما لن نقبل به».

وكان البطش قد ألقى في المهرجان المذكور كلمة باسم الفصائل الفلسطينية، بالرغم من مقاطعة فصائل منظمة التحرير، وردت الجهاد الإسلامي على انتقاد فتح في بيان أصدره مسؤول المكتب الإعلامي داوود شهاب، أكد فيه أن حركته دعيت لمهرجان تأبين للراحل الشهيد ياسر عرفات. وأضاف «ونحن من باب الوفاء لمسيرة الشهداء شاركنا بكلمة أمام حشد جماهيري كبير من أبناء قطاع غزة المحاصرين والمعذبين والملاحقين في قوتهم ومستقبلهم».

وقال «ليس من حق فتح أن تحدد جدول عمل، ولا التدخل فيما ينبغي أن نشارك أو لا نشارك، وأساليب الترهيب هذه مرفوضة وغير مقبولة وطنيا»، وأكد أن البطش هو رجل العلاقات الوطنية المجمع عليه.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here