مصر.. فلسطينيتان تنعشان حلم التعلم بأذهان أطفال غزة

0
مصر.. فلسطينيتان تنعشان حلم التعلم بأذهان أطفال غزة
مصر.. فلسطينيتان تنعشان حلم التعلم بأذهان أطفال غزة

أفريقيا برس – مصر. رغم أهوال حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتدمير المدارس والفصول الدراسية، لم تتوقف الحياة عند أطفال القطاع، وبقي حلما التعلم والعودة إلى أرض الوطن مرافقين لهم أينما حلوا.

في القاهرة، المحطة المؤقتة لأطفال من غزة دفعتهم الحرب الإسرائيلية لترك أرضهم، أعادت معلمتان فلسطينيتان نقش التعلم في أذهانهم عبر مبادرة لمتابعة تحصيلهم الدراسي.

وتمنى أحد أطفال غزة النازحين بالقاهرة، وتملأ عيونه البراءة والدموع، أن يعود للقطاع سريعا بعد وقف الحرب للقاء والده الذي حالت الظروف دون خروجه من هناك.

المعلمتان الفلسطينيتان هناء الطباع وجوان أبو شعبان، صاحبتا مبادرة تعليم أطفال من غزة يعيشون في مصر مؤقتا، تحدثتا عن تلك الخطوة التي “ترسم الملامح الأولى للتعليم الأساسي في عقول أولئك الأطفال بشكل سلس ينسيهم صعوبات فقد التعليم في غزة”.

ألف، باء، واحد، اثنان، A،B كلمات وحروف بسيطة، لكنها تجري على ألسنة أولئك الأطفال في فصول غير حكومية بأحد المراكز شرقي القاهرة، كمن يرتوي ماء بعد تعطيش إسرائيلي متعمد بإبعادهم عن التعليم على مدى نحو عامين بسبب الحرب المدمرة، وفق المعلمتين.

المعلمة الطباع، من داخل قاعة التدريس التي تحتضن أطفالا من غزة بعد حرب الإبادة، قالت إنها عاشت نحو 8 أشهر من الحرب ونزحت للجنوب ثم اضطرت للسفر إلى مصر لتأمين تعليم أولادها، وكانت مع زميلتها أبو شعبان من المؤسسين لتعليم أبناء فلسطين بالقاهرة.

ولفتت إلى أنها تدرس أطفال غزة مرحلتي التأسيس (رياض الأطفال) والتعليم الأساسي (ابتدائي وإعدادي) عبر المراكز التعليمية والتدريس عن بعد “أون لاين”.

واستطاعت الطباع برفقة زميلتها أبو شعبان، أن تعلما خلال نحو عامين قرابة 300 طفل وطفلة من غزة، تواجدوا بمصر لظروف إما للعلاج أو الخروج مع ذويهم بعد الحرب، وأعمارهم تراوح بين 4 و10 سنوات.

الطباع، لا تستطيع أن تقاوم ظروف هؤلاء الأطفال الذين يجلسون أمامها، وهم يتلقون بالمركز التعليمي أساسيات اللغتين العربية والإنجليزية والحساب، فبعضهم قتل أصحابهم أو ذووهم، وآخرون لديهم بتر في القدم، أو يسيرون بقدم صناعية، ومنهم من خرج من تحت الأنقاض وفقد ذويه.

وأضافت الطباع بأسى: “بالطبع، الأطفال عاشوا ظروفا قاسية، ويحتاجون دعما نفسيا كبيرا، ونحاول أن نعيدهم لحياة المدرسة والتعليم بعد فقدانها في غزة جراء حرب الإبادة”.

وفي معرض وصفها لأسلوب تعليم أطفال من غزة، قالت إننا نحاول إخراجهم من أجواء الحرب التي عاشوها، بأسلوب تعليمي مرح ومبسط يمنحهم الأمان ويحي داخلهم أمل التعلم”.

وتقدر الطباع أن هناك مئات المراكز التعليمية ومئات المدرسين من فلسطين، الذين يقدمون خدمات التعليم لأطفال من غزة بمصر عقب حرب إسرائيل على القطاع.

وتتوقع أيضا أن يصل عدد الأطفال الذي يتعلمون بين مرحلتي التأسيس والتعليم الأساسي بمصر لعدة آلاف يتمركز معظمهم في القاهرة.

وعن الترحيب المصري، قالت الطباع: “بعد وصولنا وبمجرد أن يعلم المصريون أننا فلسطينيون نجد دعما كبيرا منهم ونشعر بأننا شعبا واحدا”.

وتأمل أن تمد السلطات المصرية رعايتها الكبيرة للفلسطينيين بعد الحرب، وتشمل تعليمهم بمدارسها، وإدماج المدرسيين الفلسطينيين بنظامها التعليمي على أمل أن تستمر الحياة المعيشية والتعليمية، دون صعوبات جديدة.

ودفع الأطفال ثمنا باهظا للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ أكثر من 21 شهرا، والتي قتلت خلالها ما يزيد على 18 ألف طفل وصل منهم للمستشفيات نحو 16 ألفا و854، وفق أحدث معطيات للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، أفادت وزارة التربية التعليم الفلسطينية بتدمير أكثر من 118 مدرسة في قطاع غزة، وتعرض 252 مدرسة حكومية لأضرار بالغة، إلى جانب قصف وتخريب 91 مدرسة إضافية، كما تم قصف 93 مدرسة تابعة لوكالة “أونروا”، خلال حرب الإبادة الإسرائيلية.

المعلمة أبو شعبان أيضا تحمل نفس الآمال والملامح والمثابرة لتعليم أبناء وطنها فلسطين، الذي يرى ويلات الحرب والاضطهاد والإبادة منذ نحو عامين، وتسترجع بأسى ذكريات الاستقرار بالقطاع قبل الحرب والدمار.

ومع وصولها مصر وبهدف التغلب على الأهوال التي يشهدها الأطفال القادمون من غزة، بدأت أبو شعبان رحلتها في تقديم خدمات تعليم العلوم الأساسية لهم، وسط إقبال منهم.

وترى أن كل طفل قدم من غزة يحمل معاناة قد لا يستطيع البوح بها، لكن وراء كل قصة ومعانة فرصة أن يمحو التعليم بعض آثارها الموجوعة سريعا.

وأشادت أبو شعبان بتجاوب الأطفال وحرصهم على التعلم رغم المعاناة الكبيرة التي شاهدوها في غزة قبل الوصول إلى مصر من ناحية، وبشعب مصر ودعمه للفلسطينيين من ناحية أخرى.

ومثل ذلك الطفل الذي تمنى العودة لبلده، لا تستطيع أبو شعبان أن تقاوم رغبتها في العودة يوما للقطاع، وأن تلم شمل عائلتها على مائدة يوم الجمعة من كل أسبوع كالعادة.

كما تمنت أبو شعبان أن يعود التعليم في بلادها كما كان، وتجد هؤلاء الأطفال في فصول تعليمية بين جدران مدارس لا تهدم ولا تدمر، كما تفعل إسرائيل في كل حرب.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 198 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here