منظمات حقوقية تدين انتهاكات سجن بدر وتنامي محاولات الانتحار

4
منظمات حقوقية تدين انتهاكات سجن بدر وتنامي محاولات الانتحار
منظمات حقوقية تدين انتهاكات سجن بدر وتنامي محاولات الانتحار

أفريقيا برس – مصر. أعربت 13 منظمة حقوقية مصرية ودولية عن قلقها البالغ إزاء تصاعد الانتهاكات داخل مجمع مراكز إصلاح وتأهيل بدر، لا سيما في مركز بدر 3، وسط تدهور متسارع في أوضاع الاحتجاز، وحرمان السجناء من أبسط حقوقهم الأساسية، في ظل غياب شبه تام للشفافية والمساءلة. واعتبرت المنظمات أن هذه الممارسات تمثل خرقًا واضحًا للدستور المصري، ولأحكام قانون تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل رقم 396 لسنة 1956، ولائحته التنفيذية رقم 79 لسنة 1961 وتعديلاتها، فضلًا عن تعارضها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وقالت المنظمات، في بيان مشترك، اليوم الأربعاء، إن مركز بدر 3 يشهد منذ افتتاحه قيودًا جماعية على الزيارات، تتراوح بين المنع الكامل، أو فرض زيارات عبر الحاجز الزجاجي دون تلامس جسدي أو حتى مصافحة، ما يفرغ الزيارة من معناها. كما تُمارَس تعقيدات في تفتيش الأهالي، ويُمنع إدخال الطعام والملابس، ويُحرم المحتجزون من التريض إلا مرة واحدة أسبوعيًا، بالمخالفة الصريحة للقانون.

وأشارت المنظمات إلى استمرار الإهمال الطبي داخل السجن، إذ يُكتفى بصرف المسكنات بدلًا من توفير العلاج اللازم، وهو ما تُجسده حالة السجين محمد هلال، الذي توفي في 8 إبريل/نيسان 2025 بمستشفى القصر العيني بعد تدهور صحته، وسط شكوك حول تعرضه للتعذيب. وأدى خبر وفاته إلى احتجاجات داخل السجن، حيث قام السجناء بتغطية الكاميرات، حرق الأغطية، وطرق الأبواب بعنف. وردّت إدارة السجن بإجراءات عقابية عنيفة شملت الاعتداء الجسدي واستخدام خراطيم المياه داخل الزنازين، فضلًا عن حرمان جماعي من التريض.

وأبرز البيان تنامي محاولات الانتحار في مركز بدر 3، كان من بينها محاولة انتحار أحد السجناء شنقًا، بعد حرمانه لفترة طويلة من الزيارات العائلية. وعلى الرغم من سماح الإدارة له مؤخرًا بزيارة أسرته، فقد رُفض إدخال متعلقاته، ما أدى إلى مشادة مع أحد ضباط الأمن الوطني، هدده خلالها الضابط قائلًا: “يبقى أحسن، موت نفسك”، قبل أن يأمر بإيداعه زنزانة التأديب، ما دفعه لتنفيذ تهديده. وقد تم إنقاذه لاحقًا ونقله إلى مستشفى المنيل الجامعي ثم إلى مركز بدر الطبي. وأفاد البيان بتوثيق محاولات انتحار أخرى داخل السجن، تنوعت بين الشنق، إشعال النيران، قطع الشرايين، وتناول جرعات زائدة من الأدوية، ما يعكس حالة من الانهيار النفسي العام بين السجناء وفقدانهم للأمل في تحسين الأوضاع أو الاستجابة لمطالبهم.

وفي سياق متصل، دخل عدد من المحتجزين في إضراب جزئي عن الطعام، بينما امتنع آخرون عن استقبال الزيارات، احتجاجًا على الظروف القاسية، مطالبين بتطبيق لائحة السجون، وضمان حقوقهم في التريض، والزيارات، وتبادل الرسائل مع ذويهم.

وحملت المنظمات الموقعة وزارة الداخلية وإدارة مجمع سجون بدر المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات، وعن سلامة المحتجزين، مطالبة بعدة إجراءات عاجلة، أبرزها الوقف الفوري لكافة الانتهاكات، وضمان احترام الحقوق الأساسية للمحتجزين، وتنفيذ أحكام لائحة مراكز الإصلاح والتأهيل، خاصة في ما يتعلق بالتريض، والتغذية، والرعاية الصحية والنفسية، والزيارات، وفتح تحقيق شفاف في وقائع محاولات الانتحار، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتفعيل آليات الرقابة والمساءلة على أماكن الاحتجاز، والسماح للمنظمات المستقلة بزيارة السجون، وتعديل اللائحة الداخلية للسجون بما يضمن وضوح قائمة الممنوعات، منعًا لإساءة استخدام السلطة، وتفعيل المادة 60 من لائحة 1961 بشأن عدد الزيارات المقررة شهريًا، ووقف استخدام الحبس الانفرادي أداة تنكيل بالسجناء.

وحذّرت المنظمات من أن استمرار هذه الانتهاكات في بيئة مغلقة ومنعدمة الرقابة يمثل تهديدًا مباشرًا للحياة والكرامة الإنسانية، داعية المجتمع الدولي، وبالأخص الآليات الأممية المعنية، وعلى رأسها المقرر الخاص بالتعذيب، إلى التحرك العاجل للضغط على الحكومة المصرية من أجل وقف هذه الانتهاكات، وضمان كرامة وحقوق المحتجزين في سجونها.

المنظمات الموقعة على البيان ضمت، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، ومنصة اللاجئين في مصر، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، ومركز دعم القانون والديمقراطية، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، وريدوورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ولجنة العدالة، ومركز ديمقراطية الشرق الأوسط.

وفاة 15 مصرياً مسجوناً خلال 4 أشهر

من جهتها، كشفت مؤسسة جوار للحقوق والحريات في بيانين حديثين عن تصاعد خطير في الانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية خلال الأشهر الأولى من عام 2025، مؤكدة أنها وثقت وفاة 15 معتقلاً على الأقل نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب، إلى جانب تحذيرها من خطر داهم يهدد حياة الطفل المعتقل محمد عماد إبراهيم (16 عامًا) بسبب حرمانه من العلاج رغم معاناته من ربو حاد.

وأشارت المؤسسة إلى أن الضحايا لقوا حتفهم في ظروف مأساوية، تنوّعت بين التعذيب الوحشي والإهمال الطبي المتعمّد، ما يشكل – بحسب البيان – “جريمة ممنهجة” و”خرقًا صارخًا للمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان”.

وضمت قائمة الضحايا المهندس عبدالسلام محمود صدومة الذي توفي في سجن الجيزة المركزي نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرعاية الصحية، ومحمد سليم سلمي الذي فارق الحياة داخل مركز شرطة قليوب إثر تعذيب وصفته المؤسسة بـ”الوحشي”، وسعد السيد مدين داخل سجن برج العرب، ومتولي أبو المجد سليمان في سجن جمصة، وأحمد جبر الذي توفي بالمستشفى الجامعي بالإسكندرية بعد تدهور حالته داخل محبسه.

كما شملت القائمة: هشام الحداد، نبيل فرفور، محمد عبد الرازق أحمد، عبدالفتاح عبيدو، محمد حسن هلال، ياسر خشاب، محمود محمد أسعد، معتقلاً مجهول الهوية، حمدي يسري هاشم، وسعد أبو العنين – جميعهم توفوا في ظروف مرتبطة بالإهمال الطبي أو التعذيب في أماكن احتجاز مختلفة.

وفي بيان آخر، سلطت المؤسسة الضوء على حالة الطفل محمد عماد إبراهيم، المعتقل منذ قرابة عام، والذي يعاني من ربو حاد ويُحرم من الرعاية الصحية اللازمة داخل محبسه، ما يشكل تهديدًا خطيرًا لحياته. وأوضحت المؤسسة أن قوات الأمن اعتقلت محمد فجر يوم 26 أغسطس/آب 2024 من منزله دون إذن قضائي، وأخفته قسرًا لمدة تسعة أيام قبل ظهوره أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي أمرت بحبسه على ذمة القضية رقم 4240 لسنة 2024 بتهم قالت المؤسسة إنها “لا يُعقل أن تُوجه لطفل”.

واعتبرت “جوار” أن ما يتعرض له محمد هو نموذج لحالات متعددة لأطفال يُختطفون ويُزجّ بهم في السجون دون محاكمات عادلة، ويُحرمون من أبسط حقوقهم، بما فيها الحق في العلاج.

واختتمت المؤسسة بيانها بالتأكيد على أن هذه الانتهاكات تمثل “سياسة ممنهجة للقتل البطيء”، محمّلة السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن حياة المعتقلين، ومشددة على أن “هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وسينال كل متورط فيها جزاءه العادل”.

محاكمة 54 مصرياً بتهم الانضمام لجماعة إرهابية بـ”خلية الشرقية”

من جهة أخرى، أحالت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، اليوم الأربعاء، 54 مواطنًا مصريًا إلى المحاكمة الجنائية، وذلك على خلفية اتهامهم في القضية رقم 1977 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميًا بقضية الانضمام لجماعة إرهابية في محافظة الشرقية. وتُعد هذه القضية واحدة من أحدث القضايا ذات الطابع السياسي التي تنظر فيها نيابة أمن الدولة، في ظل تصاعد وتيرة الإحالات إلى المحاكم الجنائية بتهم تتعلق بالانتماء لتنظيمات محظورة أو التحريض ضد الدولة، وأغلب المحالين فيها للمحاكمة من محافظة الشرقية.

وبحسب أوراق القضية، وجّهت النيابة إلى المتهمين جملة من الاتهامات المتنوعة، كان أبرزها “الانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة أُسست على خلاف أحكام القانون والدستور، تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي”. كما نسبت إليهم النيابة اتهامات بتمويل تلك الجماعة مع العلم التام بأغراضها التي وصفتها النيابة بـ”المناهضة لكيان الدولة ومؤسساتها”.

وشملت قائمة الاتهامات كذلك: “المشاركة في تنفيذ أهداف الجماعة”، و”التحريض على العنف واستخدام القوة”، بالإضافة إلى “نشر أخبار وبيانات كاذبة تهدف إلى إثارة البلبلة وتقويض الثقة في مؤسسات الدولة، عبر وسائل متعددة من بينها منصات التواصل الاجتماعي”. ووفقًا للنيابة، فإن بعض المتهمين كانوا “يشكلون تجمعات تتجاوز خمسة أشخاص بشكل متكرر، من دون الحصول على تصاريح أمنية مسبقة، إلى جانب حيازتهم لمنشورات دعائية تتضمن مضامين تحريضية، وتداول محتوى إلكتروني ذي طابع تحريضي عبر الإنترنت”.

وفي المقابل، أكد محامو الدفاع عن المتهمين أن الاتهامات المنسوبة إلى موكليهم تفتقر إلى الأساس القانوني السليم، مشيرين إلى غياب الأدلة المادية الملموسة التي يمكن أن تؤسس لإدانة أمام محكمة جنائية. وأوضح الدفاع أن الاعتماد على تحريات الأجهزة الأمنية وحدها، دون ضبط مستندات أو مضبوطات فعلية تؤيد رواية الاتهام، يمثل ـ وفق وصفهم ـ “إخلالًا جسيمًا بحقوق المتهمين ويُضعف من حجية القضية برمتها”.

ويرى حقوقيون أن استمرار الاعتماد على التحريات كدليل وحيد في قضايا من هذا النوع يفتح الباب أمام انتهاكات للضمانات القانونية الواجبة في المحاكمات، مشددين على ضرورة التزام النيابة العامة ومؤسسات العدالة بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والتي تتطلب أدلة دامغة تتجاوز الشبهات والشكوك العامة.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here