تامر هنداوي
أفريقيا برس – مصر. رغم الحديث عن وجود انفراجة سياسية في مصر، ومحاولات لمعالجة الخلل في ملف حقوق الإنسان، منذ دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإطلاق حوار وطني في أبريل/ نيسان الماضي، وقبل بأشهر أطلق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إلا أن منظمات حقوقية ترى أن التضييق على المعارضين، واستمرار سياسة الاعتقال مستمران.
ودعت 12 منظمة حقوقية في بيان، السلطات المصرية بالإفراج الفوري، وغير المشروط، عن جميع المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم، فضلا عن وقف ملاحقة نشطاء ومنظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، مع الرفع الفوري للحظر والحجب عن المواقع الإلكترونية لأكثر من 700 منظمة إعلامية وحقوقية مستقلة.
وضمت قائمة المنظمات الموقعة، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وكوميتي فور جستس، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إيجيبت وايد، ومركز النديم، ومنصة اللاجئين في مصر، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومبادرة الحرية، والمنبر المصري لحقوق الإنسان.
وعبرت المنظمات عن قلقها بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر؛ خاصة القيود التي تفرضها الحكومة المصرية على الحقوق والحريات، مثل حرية التعبير، والتجمع السلمي، والقيود على المجتمع المدني والمعارضة السياسية في البلاد، في الوقت الذي تستضيف الدولة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ «COP27»، والمقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ، في الفترة بين 7 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وأضاف البيان: العمل المناخي الفعال لن يكون ممكنًا في غياب فضاء مدني حر؛ كما أن مصر، بصفتها الدولة المضيفة لـ«COP27»، تخاطر بنجاح القمة، إذا لم توقف السلطات – بشكل عاجل انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، والقيود المفروضة على المجتمع المدني.
ولفت بيان المنظمات، إلى أنه رغم إفراج السلطات المشروط عن عدد محدود من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الأفراد المحتجزين بشكل تعسفي في الأشهر الأخيرة؛ فإننا نحث مصر على الإفراج الفوري، وغير المشروط، عن جميع المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم، وتطبيق معايير المنظمات غير الحكومية المحلية لعمليات الإفراج هذه، وتشمل العدالة، والشفافية، والشمولية، والضرورة الملحة.
كما دعت المنظمات إلى وقف ملاحقة نشطاء ومنظمات المجتمع المدني، وضمان مساحة للمجتمع المدني؛ بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان، للعمل دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو أي شكل آخر من أشكال الانتقام، بما في ذلك؛ رفع حظر السفر وتجميد الأصول، وإغلاق جميع القضايا المرفوعة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان.
وشدد البيان على أن النهوض بالعدالة المناخية يتطلب نهجًا شاملًا ومتكاملًا للسياسات البيئية؛ يتضمن حقوق الإنسان ومعالجة المشاكل الهيكلية، بما في ذلك الظلم الاجتماعي المتجذر تاريخيًا، والتدمير البيئي، والانتهاكات الجسيمة من جانب الأنشطة التجارية، والفساد، والإفلات من العقاب، وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدا أن المجتمع المدني طالما كان أعلى الأصوات المناهضة لهذه المشاكل الهيكلية في جميع أنحاء العالم، مطالبًا بإجراءات مناخية أكثر طموحًا وفعالية.
ودعمت المنظمات مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ من أجل الاعتراف بعمل المجتمع المدني، علنًا وعلى أعلى المستويات، باعتباره ضروريًا للنهوض بالعمل المناخي والانتقال العادل، مشددين على أهمية الحق في حرية التعبير لتعزيز الجهود الهادفة لمعالجة أزمة المناخ، مطالبة بضمان مشاركة منظمات المجتمع المدني والنشطاء والمجتمعات بشكل هادف في جميع المناقشات والأنشطة المتعلقة بالمناخ، والمشاركة في تطوير وتنفيذ سياسة الانتقال العادل على جميع مستويات صنع القرار دون الخوف من الانتقام.
كما طالبت السلطات المصرية باتخاذ خطوات عملية وشفافة لضمان حصول الجميع؛ بما في ذلك النساء والسكان الأصليون والمجتمعات المحلية والعاملون والشباب والأطفال والأشخاص ذوو القدرات الخاصة والفئات الأخرى التي تواجه التهميش أو التمييز، على فرص متساوية للمشاركة بفعالية في عملية صنع القرار المناخي.
وزادت: في سبيل تحقيق هذا؛ ندعو الدولة المصرية لرفع الحظر الفوري والحجب عن المواقع الإلكترونية لأكثر من 700 منظمة إعلامية وحقوقية مستقلة، والإفراج عن جميع الصحافيين المعتقلين بسبب عملهم، وإنهاء سياستها المتمثلة في فرض قيود على الإعلام والمجالات الرقمية؛ إذ إن الوصول إلى المعلومات يعد أمرًا أساسيًا للمشاركة الفعالة.
قوانين شديدة القسوة
وواصلت: على مدار سنوات، استخدمت السلطات المصرية قوانين شديدة القسوة والصرامة، من بينها قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة الإلكترونية وقوانين تنظيم العمل الأهلي؛ لأجل إخضاع المواطنين المدنيين، وخنق جميع أشكال المعارضة ومنع التجمع السلمي، فيما واجه عشرات الآلاف أحكامًا تعسفية بالسجن لفترات طويلة، وخضعوا للمحاكمة والحبس الاحتياطي المطول بسبب نشاطهم السلمي، بما في ذلك ممارسات بسيطة، مثل مجرد نشر منشور على منصات التواصل الاجتماعي كمنصة فيس بوك”.
ولفت البيان إلى أن مصر أضحت من بين أسوأ ثلاث دول فيما يتعلق بأعداد الصحافيين المسجونين، واستخدمت قوات الأمن أساليب، من بينها الإخفاء القسري والتعذيب، فضلًا عن عمليات القتل خارج نطاق القانون، في ظل إفلات شبه كامل من العقاب، وأن نظام العدالة يتجاهل شهادات معتقلين بشأن التعذيب وسوء المعاملة. بينما تُبقي المحاكم المعارضين في الحبس الاحتياطي لفترات طويلة خارج نطاق القانون.
عدد غير مسبوق في أحكام الإعدام
واستكمل: على مدار السنوات الأخيرة، نفذت السلطات عددًا غير مسبوق من أحكام الإعدام، الأمر الذي وضع مصر في المراكز الثلاثة الأولى على مستوى العالم من حيث عدد الإعدامات المسجلة في عام 2021. كما أصدرت المحاكم أحكامًا بحق العديد من النساء بتهم تتعلق بالأخلاق؛ بسبب تصوير مقاطع فيديو على موقع تيك توك، بالإضافة إلى توجيه اتهامات للأقليات الدينية بازدراء الأديان.
حصيلة صفرية
إلى ذلك قالت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، إنه رغم مرور عام على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن الحصيلة صفرية في المسار الحقوقي.
وقالت المؤسسة في بيان: مرت منذ أيام الذكرى الأولى لصدور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تلك التي احتفت بها الدولة في احتفال كبير، وسط ظن الكثيرين في هذا الوقت بأن مرحلة جديدة من حقوق الإنسان قد بدأت للتو، ما لم يحدث حتى الآن.
ولفت البيان، إلى أن الاستراتيجية تغطي عددا من المحاور أبرزها الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق المرأة والطفل وبناء القدرات في مجال بحقوق الانسان، وأكدت الوثيقة إلى الحاجة إلى تعزيز ثقافة حقوق الانسان، وضعف هذه الثقافة وبعض الموروثات الثقافية التي تتعارض مع فهمها ومبادئها، والحاجة إلى تعزيز المشاركة في إدارة الشأن العام وأهمية معالجة ضعف مستوى المشاركة بما يعني إلقاء المسؤولية على المواطنين دون الحديث عن دور أجهزة الدولة.
خطوات محدودة
شريف هلالي المدير التنفيذي للمؤسسة العربية، قال إنه رغم مرور عام على تلك الذكرى، لا تزال تتدهور أوضاع حقوق الإنسان من سيئ إلى أسوأ ولم تتغير باستثناء بعض الخطوات الجزئية التي لم تعالج الجوانب الهيكلية في ملف حقوق الإنسان، وأهمها وقف حالة الطوارئ، وهي التي يمكن أن يعاد تفعيلها بجرة قلم، ثم إعادة تفعيل ما يسمى بلجنة العفو الرئاسي مرة أخرى في أبريل/ نيسان الماضي بعد تجميدها لسنوات، والدعوة لحوار وطني، بين القوى السياسية المختلفة مع استثناء جماعة الإخوان المسلمين وهو الحوار الذي لم يلازم محطة الترتيبات الإدارية والفنية منذ خمسة شهور، وبعض قرارات إخلاءات السبيل من النيابة العامة والتي لم تتعد الخمسمائة منذ عمل اللجنة، بالإضافة إلى 5 قرارات عفو رئاسي لمحكوم عليهم في قضايا سياسية ضمت 12 سجين رأي في قضايا مختلفة.
وزاد الهلالي: باستثناء تلك الخطوات المحدودة والقاصرة لم تشهد الساحة الحقوقية المصرية تغييرا إيجابيا يذكر خاصة على ساحة احترام الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ومنها الحق في حرية الرأي والتعبير، وحقوق السجناء حيث استمرت نفس البنية المقيدة لحقوق السجناء والمحبوسين احتياطيا وبشكل خاص الحق في الرعاية الصحية واحترام حقوق المنصوص عليها في قواعد نيلسون مانديلا للسجناء.
وعن أوضاع السجون، قال الهلالي: وضع السجون لم يشهد إلا تغيرا شكليا في مسميات السجون المركزية والعامة ومصلحة السجون بموجب القانون 14 لسنة 2022.
المؤسسة العربية، قالت في بيانها، إنها لم ترصد أية خطوة جدية تتعلق بتغييرات تشريعية فيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية والعقوبات، وقانون التظاهر 107 لسنة 2013، والقانون 149 لسنة 2019 بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وعلى صعيد الحقوق السياسية والمدنية، لفت البيان إلى استمرار نفس الانتهاكات الخاصة بالحق في الحرية الشخصية والحق في سلامة الجسد، من خلال استمرار الحبس الاحتياطي المطول وسياسة التدوير على قضايا مختلفة بنفس الاتهامات تقريبا، واستمرار القبض على ناشطين جدد باتهامات نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية واساءة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لمجرد إبداء آراء أو بث فيديوهات خاصة بـأوضاعهم الإنسانية والاقتصادية.
وفاة 25 سجينا
وزاد البيان: استمر انتهاك حقوق السجناء على الرغم من إنشاء سجون جديدة باسمها الجديد “مراكز تأهيل”، في وادي النطرون ومع ذلك لم يؤثر ذلك على تغيير إيجابي باحترام حقوق السجناء، وهو ما أدى إلى وفاة عشرات السجناء بتأثير تردي الحالة الصحية داخل أقسام الشرطة والسجون المختلفة، حيث تم رصد وفاة 25 سجينا حتى شهر أغسطس/ آب الماضي، كما استمرت شكاوى السجناء المحبوسين احتياطيا فيما يتعلق بحقوقهم في الرعاية الصحية والتعليم والتريض والاتصال بالعالم الخارجي.
وأكدت المؤسسة في تقريرها: استمرار جرائم التعذيب واستخدام القسوة داخل مقار الاحتجاز ما أدى لعدد من الوفيات تحت تأثير التعذيب ولم يتم التحقيق فيها بشكل جاد من النيابة العامة.
الصحافية والمخرجة
وعن ملاحقة الصحافيين، قالت المؤسسة: استمر حبس الصحافيين والإعلاميين، ومنهم هالة فهمي وصفاء الكوربيجي في مبنى التلفزيون المصري “ماسبيرو”، كما تواصل حبس عدد من المحامين ونشطاء حقوق الإنسان بسبب عملهم المهني ونشاطهم الحقوقي، ومنهم المحامي محمد الباقر، وعمرو نوهان وزياد العليمي، ويوسف منصور، وإبراهيم متولي وهدى عبد المنعم على سبيل المثال.
الإخلاء القسري
ولفت البيان، إلى استمرار انتهاك حق المواطنين في السكن، وإصرار أجهزة الدولة على تبني منهج الإخلاء القسري لآلاف المواطنين في جزيرة الوراق و نزلة السمان في محافظة الجيزة، والحي السادس والسابع بمدينة نصر ومساكن الماظة في حي مصر الجديدة ومنطقتي المرج وعزبة النخل ومصر القديمة في القاهرة، فضلا عن آلاف المساكن على الطريق الدائري، ومنطقة عزبة الصيد في الإسكندرية – شمال مصر.
وطالبت المؤسسة العربية بتفعيل الاستراتيجية فضلا عن تنفيذ التوصيات التي وافقت عليها الحكومة المصرية أمام مجلس حقوق الإنسان عام 2019، وتعديل شامل لقانوني العقوبات فيما يتضمنه من المواد العقابية التي تتسم بالعمومية وبصعوبة تحديدها في الأبواب الخاصة بالجرائم الموجهة إلى أمن الدولة من الداخل والخارج، والجرائم التي تتعلق بحرية الرأي والتعبير واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
كما جددت المؤسسة التأكيد على ضمانات المحاكمة العادلة بنصوص قانون الاجراءات الجنائية، وضرورة تعديل المواد الخاصة بالحبس الاحتياطي، وإلغاء التشريعات سيئة السمعة مثل قانون التظاهر وقانون الإرهاب، وقانون الادراج على قوائم الكيانات الإرهابية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس