أفريقيا برس – مصر. في خطوة تثير قلق منظمات حقوق الإنسان، تواصل السلطات المصرية اعتقال مواطنين يعبّرون عن دعمهم للقضية الفلسطينية، في وقت يترقب فيه المجتمع انفراجة سياسية بشأن المحبوسين. وأفادت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في بيان أصدرته مساء الأربعاء 4 يونيو /حزيران، أن نيابة أمن الدولة العليا حققت أمس مع سيف الدين عادل (24 عامًا، بكالوريوس هندسة) على ذمة القضية رقم 3562 لسنة 2025 حصر أمن الدولة العليا.
واتهمت النيابة عادل بالانضمام إلى جماعة إرهابية وأمرت بحبسه احتياطيًا لمدة 15 يومًا. تأتي هذه التطورات بعد ضم عادل إلى قضية أُلقي القبض على متهميها إثر تعليقهم لافتات تعلن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة. وكان سيف الدين عادل قد اعتُقل من منزله في 13 مايو/أيار الماضي، وظلت أسرته عاجزة عن التواصل معه أو معرفة سبب القبض عليه أو مكان احتجازه لمدة 21 يومًا. كذلك لم يُبَتّ في أي من الشكاوى المرسلة إلى النائب العام بشأن اعتقاله وإخفائه قسريًا.
وتضم القضية 3562 لسنة 2025 حاليًا 20 شخصًا، جميعهم أُلقي القبض عليهم في مايو الماضي، ولم تبدأ التحقيقات معهم إلا في مطلع يونيو الجاري. من بين هؤلاء المحامي سيف ممدوح الذي اعتقل من مكتبه في الشارع نفسه الذي يقطن فيه سيف الدين عادل. وتشير المبادرة إلى أن القضية تشمل أيضًا أصدقاء للمتهمين الذين شاركوا في تعليق اللافتات، وكانوا أعضاء في مجموعات محادثات مغلقة على تطبيق “واتساب” دون مشاركة فعلية في أي أنشطة. ويتوزع المتهمون في هذه القضية على مراكز “الإصلاح والتأهيل” في العاشر من رمضان 5، وبدر 1، وأبو زعبل.
ومنذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، واعتقال 186 شخصًا في 16 قضية حصر أمن دولة عليا، جميعهم متهمون بـ”الإرهاب” على خلفية محاولات سلمية لدعم الفلسطينيين، سواء بالتظاهر أو رفع اللافتات أو حتى التبرع لجهود الإغاثة، وحتى يونيو/حزيران 2025، لا يزال 150 شخصًا محبوسين على ذمة 12 قضية، من بينهم ثلاثة أطفال كانوا دون سن 18 عامًا وقت اعتقالهم.
هذه الحملة أثارت مخاوف متزايدة لدى المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بشأن تضييق مساحة الحريات في مصر. وتُشير تقارير تلك المنظمات إلى استمرار الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والمحاكمات غير العادلة، والقيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع. ورغم الحديث عن استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وبعض حالات الإفراج عن المعتقلين السياسيين، فإن الواقع على الأرض لا يزال يشير إلى تدهور مستمر في ملف الحريات، خصوصًا مع تزايد عدد المحبوسين على خلفية التعبير عن آرائهم السياسية أو تضامنهم مع قضايا إقليمية.
واندلعت الحرب في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتقود قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية واسعة النطاق على القطاع أدت إلى دمار هائل وأوقعت عددًا غير مسبوق من الضحايا المدنيين. وتُشير أحدث الإحصائيات (حتى 4 يونيو/حزيران 2025) إلى استشهاد ما يزيد على 36 ألف فلسطيني في غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 80 ألفًا آخرين. وأدت الحرب أيضاً إلى نزوح قسري لأكثر من 85% من سكان القطاع، وتدمير واسع للبنية التحتية، ونقص حاد في الغذاء والماء والدواء، ما خلق كارثة إنسانية غير مسبوقة. أثارت هذه الأرقام والظروف الإنسانية انتقادات دولية واسعة واتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النائب العام محمد شوقي مجددًا بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيًا على خلفية إبداء دعمهم لفلسطين، وإسقاط كل التهم الموجهة إليهم، وحفظ جميع القضايا المفتوحة بهذا الشأن. وأكدت المبادرة أن الدستور والقانون المصري يضمنان حق جميع المواطنين في التعبير عن رأيهم السياسي بجميع الأشكال السلمية، بما في ذلك التضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم الإسرائيلية، وهو ما يتماشى مع الموقف المصري الرسمي المعلن من القضية الفلسطينية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس