نقل المحاكمات السياسية لمجمع سجون شرقي القاهرة يثير غضب المحامين المصريين

6
نقل المحاكمات السياسية لمجمع سجون شرقي القاهرة يثير غضب المحامين المصريين
نقل المحاكمات السياسية لمجمع سجون شرقي القاهرة يثير غضب المحامين المصريين

أفريقيا برس – مصر. أثار قرار وزير العدل المصري بنقل محاكمات الإرهاب إلى مجمع سجون بدر شرقي القاهرة، بدلًا من مقر انعقادها السابق بمعهد أمناء الشرطة القديم في مجمع سجون طرة في منطقة المعادي، غضب محامين يتولون الدفاع عن متهمين في قضايا سياسية، بسبب المشقة التي يتحملوها في الانتقال إلى المقر الجديد.

وكان وزير العدل أصدر قرارًا، نشرته الجريدة الرسمية في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي برقم 5959 لسنة 2022، بإنشاء مأمورية تتبع محكمة استئناف القاهرة في مجمع سجون بدر شرقي القاهرة بدلًا من المأمورية التي أنشئت في معهد أمناء الشرطة القديم في مجمع سجون طرة في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وأسند إليها جميع الأعمال الإدارية والفنية الخاصة بقضايا الإرهاب منذ يوليو/ تموز 2019، على أن تقوم المأمورية الجديدة بعملها مع بداية العام القضائي في الأول من أكتوبر الجاري.

وكتب المحامي المصري نبيه الجندي على صفحته على الفيسبوك: في أي مكان في العالم، المحامون جزء أساسي من المنظومة القضائية، وأي قرار من الممكن أن يؤثر عليهم يكون على السلطة مناقشتهم في اتخاذ مثل هذه القرارات.

وأضاف: فجأة وبدون مقدمات، عرفنا أن محكمة الجنايات إرهاب ستنتقل من معهد أمناء الشرطة في طرة إلى سجن بدر الجديد، مع العلم أن جميع التجديدات باتت عبر خاصية الفيديو كونفرانس، والمتهمون لا يحضرون الجلسات، لذا أي تبرير للقرار بأنه يحمل بعدا أمنيا يتعلق بمقر المحكمة أو نقل المتهمين غير صحيح.

وعن أول يوم لانعقاد المحكمة في سجن بدر، قال الجندي: اليوم كان صعبا ومرهقا علينا جدا، يكفي اني أقول إننا ولمدة 8 ساعات تقريبا من الساعة 11 ظهرا حتى الساعة 7 مساء في المحكمة معزولون عن العالم الخارجي دون زجاجة مياه واحدة.

واختتم: محتاج للعودة إلى محاكمنا الطبيعية، ويكون هناك مراعاة لظروفنا ووضعنا، هل ذلك صعب.

منطقة منعزلة

وعن الصعوبات التي يواجهها المحامون في الحضور مع المتهمين في سجن بدر، كتب المحامي أسامة بدوي على صفحته على الفيسبوك: بالنسبة للمكان فهو في منطقه منعزلة تماما عن المدينة حولها الجبال والمقابر.

وعن تكلفة الانتقال إلى السجن كتب بدوي: لو فكرت الانتقال باستئجار سيارة سيكلفك الأمر ما يوازي 600 جنيه مصري في الذهاب والعودة.

وتابع: لو قررت الانتقال بوسائل المواصلات الجماعية، ستضطر للسير مسافة 2 كيلومتر في الشمس الحارقة في الصيف، وفي البرد في الشتاء.

وأكد أن المكان يخلو من الخدمات، ويسلم المحامين هواتفهم قبل الدخول إلى السجن، ما يجعلهم ينقطعون عن العالم.

وخلال الأسابيع الماضية، واصلت السلطات المصرية نقل سجناء من منطقة سجون طرة في القاهرة إلى مجمع سجون بدر – شرقي القاهرة- في إطار خطة الحكومة المصرية لإخلاء مجموعة من السجون الرئيسية في القاهرة.

في منتصف سبتمبر/ أيلول 2021، كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي افتتاح أكبر مجمع سجون في مصر على الطراز الأمريكي، ليكون، حسب مساحته وطاقته الاستيعابية، الأكبر من بين سجون مصر، بالتزامن مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وشُيّد على مساحة 515 فداناً، ومحاط بسورين خرسانيين يصل طولهما إلى 1330 متراً وارتفاعهما إلى سبعة أمتار، وعرضهما من متر إلى متر ونصف المتر تقريباً من الخرسانة المسلحة بالكامل. وتتراوح المسافة بين السورين بين 14 و20 متراً. وتقدر طاقته الاستيعابية بنحو 34 ألف سجين، حسب منظمة «نحن نسجل» الحقوقية.

وحددت الداخلية وقتها 12 سجنًا سيتم إفراغها في المجمع الجديد هي (استئناف القاهرة ـ ليمان طرة ـ طرق تحقيق ـ بنها ـ الإسكندرية ـ طنطا العمومي ـ المنصورة ـ شبين الكوم ـ الزقازيق ـ دمنهور القديم ـ معسكر العمل بالبحيرة ـ المنيا العمومي).

وبعد أشهر قليلة من تصريحات السيسي، نشرت وزارة الداخلية فيديو على صفحتها الرسمية، تعلن فيه افتتاح مركز “بدر 3” للإصلاح والتأهيل، وهو واحد من ثلاثة سجون شيدت في مدينة بدر، على مساحة 85 فدانا.

ورغم حديث السلطات المصرية عن التطور الذي يشهده قطاع السجون في مصر، خاصة الجديدة منها، إلا أن شكاوي أسر السجناء تكشف زيف هذه الأحاديث، بحسب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان – منظمة حقوقية مستقلة.

شكوى أهالي المعتقلين

وكانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان سبق وأدانت تدهور أوضاع الاحتجاز في مركز الإصلاح والتأهيل “بدر 3″، وبالتحديد أوضاع هؤلاء الذين تم نقلهم خلال الشهور الأخيرة من سجن شديد الحراسة المعروف بالعقرب.

وقالت الجبهة: بعد سنوات من تدهور أوضاع احتجازهم داخل سجن العقرب سيئ السمعة، تستمر إدارة مركز بدر 3 في حرمانهم من حقهم في الزيارة والتواصل مع العالم الخارجي ومعاملتهم بشكل مهين داخل هذا السجن، بما يدحض الدعاية الحكومية القائمة على تحسين أوضاع الاحتجاز بمجرد نقل المحتجزين إلى سجون جديدة، ويثبت أن هذا المركز لا يقدم أي جديد وإنما يُدار بنفس الفلسفة العقابية والثقافة المؤسسية لدى موظفي وإدارات السجون.

وتابعت الجبهة: خلال الأيام السابقة تقدم عدد من أسر المحتجزين في سجن بدر، بشكوى رسمية إلى رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب يشتكون فيها من استمرار حرمان ذويهم المحتجزين من حقوقهم القانونية، وطالبوا المجلس بالسماح لهم بزيارة ذويهم والسماح لهم بإدخال الطعام والكتب والملابس والأغطية وأدوات النظافة، بالإضافة للسماح لهم بالتواصل الكتابي، كما طالبوا بزيارة خاصة ينظمها المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى مركز بدر ٣.

وفيما يتعلق بالحق في الزيارة، أكدت الشكوى أن إدارة مركز بدر ٣، مستمرة في حرمان الأسر من حقهم في زيارة ذويهم، منذ بدء نقلهم إلى المركز في أغسطس/آب الماضي، وذلك بعد ٦ سنوات من منعهم من زيارة ذويهم في سجن العقرب.

وتابعت الجبهة: يأتي ذلك على عكس مزاعم السلطات عن مركز الإصلاح والتأهيل بدر بأنه يتيح تنظيم زيارات لأسر النزلاء “بشكل متطور”، حيث يتم نقلهم لأماكن الزيارة بأتوبيسات مخصصة للزوار، لمقابلة ذويهم في ساحات واسعة للتيسير عليهم.

وفيما يتعلق بالحق في التواصل مع العالم الخارجي، أكدت الشكوى المقدمة من أسر المحتجزين، أنه لا يوجد لديهم أي وسيلة للاطمئنان على ذويهم داخل مركز بدر ٣، ويجهلون أي أخبار عنهم، في ظل استمرار منع كل وسائل التواصل القانونية مع ذويهم، من مراسلات أو مكالمات هاتفية، ما يزيد من مخاوفهم على أوضاع احتجازهم وحالاتهم الصحية، خاصة في ظل استمرار منع الزيارة.

وفيما يتعلق بإدخال الزيارة، أو ما يسمى بـ “الطبلية”، تحدثت الشكوى، عن استمرار إدارة مركز بدر٣ في منع الأسر من إدخال طعام أو ملابس أو كتب دراسية أو أدوات نظافة، أو أي شيء آخر مسموح به قانونًا، أما الأدوية فتشير الأسر لمخاوفها من عدم وصولها إلى ذويهم بالفعل بعد تسليمها لموظفي المركز.

إهانة القيادات

وبخصوص معاملة المحتجزين، أكدت المنظمة الحقوقية، أن القيادات البارزة المحتجزة داخل المركز يتعرضون لإهانات من قبل موظفي المركز، ما دفع أحد المحتجزين، وهو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، لإعلان إضرابه عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لتعرضه للسب والإهانة داخل المركز.

وزادت الجبهة: يتم تسليط كشافات ضوء بشكل مستمر داخل الزنازين التي يُحتجز بها قيادات، إضافة إلى وجود كاميرات مراقبة داخل الزنازين، وهو ما يتطابق مع المشاهد في الفيديو الدعائي الذي أطلقته وزارة الداخلية عن المركز، والذي يأتي في سياق تمكين إدارة المركز من إدارته بشكل حديث، كجزء من الإدارة المركزية والتحكم في تشغيل المنظومة داخل المراكز من خلال قيادة مركزية للمجمع، لكنه يخترق خصوصية المحتجزين ويشكل ضغطًا نفسيًا إضافيًا على المحتجزين.

وطالبت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان السلطات المصرية بإجلاء مصير أوضاع المحتجزين داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر3، والتوقف الفوري عن حرمانهم من حقوقهم الأساسية، التي يكفلها قانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية، هم وذووهم. كما تطالب الجبهة المصرية المجلس القومي لحقوق الإنسان بالاضطلاع بدوره وتنظيم زيارة رسمية لمركز بدر 3 للوقوف على حقيقة أوضاع الاحتجاز داخله. وتؤكد الجبهة المصرية على ضرورة إيلاء الاهتمام لتطوير الفلسفية العقابية والثقافة المؤسسية للعاملين بهذه المراكز/السجون جنبًا إلى جنب مع تطوير البنية التحتية لأماكن الاحتجاز، والتوقف عن استعمال أعمال التطوير في مباني الاحتجاز ضمن حملات دعاية لا تفيد المحتجزين.

تدوير المتهمين

ورفضا لسياسة التدوير التي تتبعها أجهزة التحقيق المصرية بضم متهمين إلى قضايا جديدة بعد اتمامهم المدة القصوى للحبس الاحتياطي التي نص عليها القانون وهي عامان، امتنع 50 معتقلا عن المثول أمام قاضي محكمة جنايات الزقازيق في محافظة الشرقية.

وقالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إنها رصدت منذ الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الحاري، امتناع 50 معتقلا على ذمة 4 محاضر، فيما يعرف بالمحاضر المجمعة في محافظة الشرقية من المثول أمام قاضي التحقيقات.

وأضافت: رغم ذلك قضت محكمة جنايات الزقازيق باستمرار حبسهم 45 يوما، متجاهلة أسباب شكاوى المعتقلين.

وكانت الشبكة المصرية، رصدت ووثقت خلال السنوات الماضية اتساع دائرة الاتهامات وتدوير المعتقلين والتعنت في تنفيذ أحكام وقرارات اخلاء سبيلهم.

وبحسب المنظمة الحقوقية: تعد محافظة الشرقية من أكثر المحافظات في مصر تشهد تدوير المعتقلين، حيث قام جهاز الامن الوطني بمحافظة الشرقية بمعاونة النيابة العامة بمراكز المحافظة بتدوير الآلاف من المعتقلين من أبناء المحافظة والحاصلين على قرارات باخلاء سبيلهم سواء باحكام بالبراءة او المنتهية فترة محكوميتهم وتدويرهم على ذمة قضايا جديدة ليستمر حبسهم قانونيا.

وأكدت الشبكة أن سياسة العقاب والحبس والتدوير على ذمة المحاضر المجمعة، التي دأبت على ممارستها السلطات الأمنية والنيابة العامة مؤخرا، تمثل انتهاكا صارخا لكافة الحقوق والمواثيق، نظرا لتدوير أعداد كبيرة من المعتقلين من أماكن متفرقة، ولأسباب مختلفة في محضر واحد مجمع، لمزيد من التنكيل، وضمان استمرار حبسهم واحتجازهم تحت سيف القانون.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here