أفريقيا برس – مصر. كشفت أسماء المرشحين في “القائمة الوطنية من أجل مصر”، المدعومة أمنياً لانتخابات مجلس النواب، عن عودة ظاهرة توريث المقاعد النيابية، وحدوث تلاعب في بيانات أكثر من مرشح، من خلال الدفع بهم عن محافظات غير مقيمين أو مولودين بها، ومن دون سابق معرفة مع الناخبين فيها، أو الوجود في الدائرة التي يمثلونها في البرلمان المرتقب. ومثل الكاتب الصحافي عماد الدين حسين ظاهرة “نواب البراشوت” الذي خرج من عضوية الغرفة الثانية من البرلمان الشهر الجاري، بعد قضائه خمس سنوات معيناً بقرار رئاسي في مجلس الشيوخ في 2020 لمدة خمس سنوات، ليجري اختياره ضمن “القائمة الوطنية” المدعومة من النظام، ممثلاً عن حزب الجبهة بمحافظة البحيرة في دائرة قطاع غرب الدلتا، رغم أن دائرته الانتخابية تعود إلى مركز القوصية في محافظة أسيوط (جنوب مصر)، ولا تربطه أي علاقة بمحافظة البحيرة الواقعة غرب دلتا النيل، ويقيم في ضواحي العاصمة القاهرة.
ورشحت القائمة سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب السابق، عن الحزب نفسه في محافظة الشرقية بدائرة قطاع شرق دلتا النيل التي لا يرتبط بها بأي صلة، كونه كان نائباً عن محافظة بورسعيد التي يقيم فيها حتى الآن، ويمتلك في المحافظة شركة معروفة لتجارة السيارات والاستيراد والتصدير. واختير رجل الأعمال طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، ضمن مرشحي القائمة عن محافظة القاهرة بدائرة قطاع القاهرة ووسط وجنوب الدلتا، بدلاً من موطنه الأصلي بدائرة مركز ومدينة دار السلام في محافظة سوهاج، التي طالما مثلها هو ووالده وزير الثقافة الراحل محمد عبد الحميد رضوان، وشقيقه عبد الرحيم رضوان.
وعلى سبيل المثال، ضمت قائمة المرشحين عن البحيرة ثلاثة فقط من أبناء المحافظة المقيمين، وهم محمد عبد الله زين الدين وحسام إسماعيل الصيرفي عن حزب مستقبل وطن، وجمال عبد العاطي بسيوني عن حزب حماة الوطن، بينما شملت القائمة ستة مرشحين على الأقل لا يرتبطون بالمحافظة من قريب أو بعيد، ومنهم نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية، وزير التنمية المحلية السابق اللواء محمود شعراوي، وأمير عبد القوي الجزار عن الحزب المصري الديمقراطي، أمين الحزب في مركز منوف بمحافظة المنوفية، وعمرو درويش، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، الفائز بعضوية مجلس النواب عام 2020 عن محافظة كفر الشيخ، وأكمل نجاتي عضو مجلس الشيوخ السابق عن القاهرة.
وتبرز ظاهرة “النائب الباراشوت” كل انتخابات برلمانية في مصر، وهو مصطلح يطلق على المرشح الذي يختاره أحد أحزاب الأغلبية لتمثيله عن دائرة لا ينتمي إليها، ولم يكن قبلها عضواً في الحزب، إذ “يهبط” بشكل مفاجئ على مقعد الدائرة من دون وجود فيها أو شعبية بين ناخبيها. وعادة ما يكون هذا المرشح مدعوماً من الأجهزة الأمنية في الدولة، التي تهندس المشهد السياسي والانتخابي وفقاً لآليات محكمة، وتوازنات تسعى إلى تحقيقها، باعتبار أن أغلب هؤلاء من رجال الأعمال القادرين على دفع ملايين الجنيهات للحزب، مقابل الفوز بحصانة البرلمان لمدة خمس سنوات.
وفي وقت متأخر من الأربعاء، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات تلقي طلبات 2826 مرشحاً للنظام الفردي للتنافس على 143 دائرة بإجمالي 284 مقعداً، وأربع قوائم لدائرة قطاع غرب الدلتا المخصصة لنظام القوائم المغلقة للتنافس على 40 مقعداً، هي القائمة الوطنية، والقائمة الشعبية صوتك لمصر، وقائمة نداء مصر، وقائمة الجيل، وقائمتان اثنتان للتنافس على 40 مقعداً بدائرة قطاع شرق الدلتا هي القائمة الوطنية وقائمة الجيل. ومع غلق باب الترشح للانتخابات، لم تترشح أي قوائم منافسة لـ”القائمة الوطنية” في دائرتي قطاع القاهرة ووسط الدلتا (102 مقعد)، وقطاع الجيزة والصعيد (102 مقعد)، ما يضمن فوز القائمة في الدائرتين شرط حصول كل قائمة على نسبة 5% على الأقل من أصوات الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية، وفق القانون.
وكان مصدر حزبي مطلع على مفاوضات الانتخابات قد كشف، في 3 سبتمبر/أيلول الماضي، أن قيادات في حزب مستقبل وطن، الحائز للأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، طلبت من رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، إعداد قائمة منافسة “شكلية” من بعض الأحزاب الصغيرة، بحيث تكون منافسة للقائمة الوطنية في انتخابات النواب، على وقع الانتقادات التي واجهت القائمة بعد ترشحها منفردة في انتخابات الشيوخ، وفوزها في الدوائر الأربع المخصصة للقوائم المغلقة بصورة أقرب إلى “التزكية” منها إلى الانتخاب.
وأفاد المصدر بأن الشهابي تلقى تطمينات من قيادات مستقبل وطن بدعمه “مالياً” من أجل الوفاء بجميع الاشتراطات الخاصة بمرشحي قائمته، بما في ذلك مبالغ التأمين البالغة 240 ألف جنيه (نحو 5 آلاف دولار) لدائرتي غرب وشرق الدلتا اللتين دفع فيهما بقائمته المنافسة. ويوم الأحد الماضي، عُين الشهابي عضواً في مجلس الشيوخ بقرار من رئيس الجمهورية مكافأة له، ضمن 100 نائب معين شملهم القرار.
وحظي مستقبل وطن بـ121 مقعداً من أصل 284 مقعداً بالقائمة الوطنية، المرجح فوزها بجميع مقاعد نظام القوائم المغلقة كما حدث في الانتخابات السابقة، يليه حزب حماة الوطن بـ54 مقعداً، ثم الجبهة الوطنية بـ43 مقعداً، والشعب الجمهوري بـ15 مقعداً، والمصري الديمقراطي بـ9 مقاعد، والإصلاح والتنمية والوفد الجديد والعدل بـ8 مقاعد لكل حزب من الثلاثة، والتجمع بـ4 مقاعد، والمؤتمر بـ3 مقاعد، والحرية بمقعدين اثنين، وأخيراً حزب إرادة جيل بمقعد واحد، مع منح المستقلين 8 مقاعد.
والمستشار محمد عيد محجوب، رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض السابق، هو المرشح الأبرز لتولي رئاسة مجلس النواب خلفاً للمستشار حنفي جبالي، رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، إثر إدراج اسمه في اللحظات الأخيرة بصفة “مستقل” ضمن قائمة المرشحين عن دائرة قطاع القاهرة في القائمة الوطنية. وشغل محجوب منصب المستشار الفني لرئيس محكمة النقض بين عامي 2009 و2012، إلى جانب توليه أمانة لجنة الأحزاب السياسية عقب الثورة في عام 2011، وعضوية اللجنة العليا للإصلاح التشريعي في 2014. وتولى منصب مساعد وزير العدل في 2017، حتى عُين بقرار من السيسي رئيساً لمجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض في 2022، ومنحه الأخير وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عند تقاعده ببلوغ سن السبعين في 2023.
ومن الأمور اللافتة في كشوف القائمة الوطنية عودة ظاهرة توريث المقاعد في البرلمان، من خلال إدراج أبناء المرشحين وأشقائهم في القوائم الاحتياطية لهم بالصفة الانتخابية نفسها، بحيث لو توفي أحد منهم خلال مدة الفصل التشريعي المحددة بخمس سنوات، يتولى أحد ذويه منصبه حتى انتهاء الدورة البرلمانية. ومن أمثلة ذلك رئيس حزب الجبهة الوطنية، وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، الذي أدرج ابنته لاجين عاصم بالصفة نفسها في القائمة الاحتياطية عن دائرة قطاع القاهرة، وأحمد حسن العطيفي (حماة الوطن) الذي أدرج شقيقه محمود حسن العطيفي، وأحمد مجدي عبد المعبود (حماة الوطن) الذي أدرج شقيقه محمد حسن مجدي عبد المعبود، ومحمود حسين طاهر (حماة الوطن) الذي أدرج شقيقه أحمد حسين طاهر.
أيضاً، هناك المرشح في القائمة ذاتها مصطفى أيمن جبر (الجبهة الوطنية) الذي أدرج شقيقه رأفت أيمن جبر، ومصطفى محمود مجاهد (الجبهة الوطنية)، الذي أدرج نجله أحمد مصطفى مجاهد، وسامي صبحي عليوة (الجبهة الوطنية) الذي أدرج شقيقه سمير صبحي عليوة، ومحمد عبد الرازق عوض (مستقبل وطن) الذي أدرج شقيقه أشرف عبد الرازق عوض، ووليد السيد خطاب (حماة وطن) الذي أدرج شقيقه سامح السيد خطاب، ومريم محمد سعيد (حماة وطن) التي أدرجت شقيقتها إيمان محمد سعيد.
كذلك المرشحة نيفين سعد إسكندر (مستقلة عن الأقباط) التي أدرجت شقيقتها مارتينا سعد إسكندر احتياطية لها، وأحمد السيد الأشموني (حماة الوطن) الذي أدرج شقيقه محمد السيد الأشموني، والسيد مرزوق القصير (الجبهة الوطنية) الذي أدرج نجله مصطفى السيد مرزوق، وفريد محمد واصل (حماة الوطن) الذي أدرج ابن عمه نصر أحمد واصل، وهبة نبيل فسيخ (حماة الوطن) التي أدرجت شقيقتها منى نبيل فسيخ، وسميرة محمود الجنايني (حماة الوطن) التي أدرجت شقيقتها أميرة محمود الجنايني، وأسامة أبو العز عبد الغني الذي أدرج شقيقه عبد السميع أبو العز عبد الغني.
وتنص المادة 25 من قانون مجلس النواب على أنه “إذا خلا مكان أحد الأعضاء المنتخبين بنظام القوائم، حل محله أحد المرشحين الاحتياطيين وفق ترتيب الأسماء الاحتياطية من ذات صفة من خلا مكانه ليكمل العدد المقرر، فإن كان مكان الاحتياطي من ذات الصفة خالياً، يصعد أي من الاحتياطيين وفق أسبقية الترتيب أياً كانت صفته”. ويعود توارث المقاعد في البرلمان المصري إلى دفع المرشحين الفائزين مبالغ طائلة لوضع أسمائهم على القائمة المشكلة بمعرفة الأجهزة الأمنية الموالية للسيسي، وصلت في بعض الحالات إلى 50 مليون جنيه، بحسب ما كشف عنه مرشحون، حتى تستفيد العائلة من عضوية مجلس النواب، وما يصاحبها من حصانة لمدة خمس سنوات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس