على ضفاف دجلة.. شاطئ للترفيه عن المحتجين بساحة التحرير

9

برز اسم الناشط المدني يوسف الفهد إثر انطلاق الاحتجاجات بالعراق في 25 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن ظهرت مع أسبوعها الأول أنشطة عدة داخل ساحات التظاهر، عبّر من خلالها المحتجون -الذين جوبهوا بأشد وسائل القمع- عن سلمية احتجاجهم، وملؤوا الجدران برسوم الغرافيتي والشوارع بخيماتٍ ثقافية للقراءة وأخرى للعروض المسرحية والسينمائية.

إلا أن ساحة التحرير وسطة العاصمة بغداد كان لها النصيب الأكبر في ذلك، حيث شهدت عدة أنشطة منها ما قام به الفهد وفريقه -الذي امتد لـ25 خيمة- من إضاءة نصب الحرية للفنان جواد سليم.

وحاول الفريق إظهار النصب بشكلٍ جديد من خلال إضاءته بأنوار كهربائية، إلا أنه واجه سيلا من الانتقادات اللاذعة من داخل الساحة وخارجها، إذ اتهم بتخريب النصب والعبث بتاريخه، قبل أن يصبح محل أنظار الجميع.

الفهد يقول: “ليس من الغريب أن نجد في كل مكان من لا يحب التجديد، فمن الطبيعي أن تكون ردود الفعل هذه، فهناك أناس يحاولون خلق مشكلة على أي شيء لأن هذه هي غايتهم من الأساس: أن يفسدوا تظاهراتنا”.

ويضيف ابن الـ33 عاما “إلا أننا أصررنا أن نكون صادقين بعهدنا لدماء الشهداء، ونثبت للجميع أننا لسنا مخربين ولسنا باحثين عن الشهرة، كل ما أردناه الخروج من ظلام الماضي وإثبات سلميتنا”.

شاطئ
بعد ذلك شرع الفهد بفكرة إنشاء شاطئ التحرير، وباشر هو وفريقه بتنظيف ضفاف نهر دجلة بين جسري السنك والجمهورية بالتعاون مع بلدية جانب الرصافة، حيث شيدوا ملعبين لكرة القدم والطائرة وسينما الشاطئ للترفيه عن المتظاهرين، حتى أصبح قبلة الجميع.

النهر الذي باتت مساحات واسعة من ضفافه ممنوعة على العوام منذ عام 2003 بسبب إشراف المنطقة الخضراء -معقل الحكومة- على أحد جوانبه ولم تشغله سوى النفايات، أصبحت العائلات والطلبة يشغلونه يوميا كما ظهر بأبهى صورة منذ أكثر من عقد ونصف.

الفهد خريج قسم هندسة النظم والسيطرة في جامعة التكنولوجيا، يقول “كل ما فعلناه هو إيصال رسالة مفادها: لا يمكن بناء وطن إن لم نكن متكاتفين ونابذين للمحاصصة والتمييز”.

ويضيف “قدمنا كل هذه الأعمال في فترة وجيزة وبتكاليف لا تصل لكلفة أقل مشروع تقدمه الحكومة وبمدة زمنية طويلة، كما أبرزنا وجه بغداد السلام بعملنا الجماعي من الأطياف والأجناس كافة”.

جاءت تلك النشاطات بعد جملة من الأنشطة التي سبقتها، فأعادت الحياة لعدة مرافق حيوية داخل الساحة، كانت قد خرجت عن الخدمة منذ الاحتلال الأميركي للعراق وعجزت الحكومة على إعادة تأهيلها، مثل حديقة الأمة وحديقة نفق، التحرير فضلا عن لوحة حديدية تحمل عبارة “I LOVE TAHRER” (أنا أحب التحرير) كانت قد أصبحت إحدى أيقونات الاحتجاج.

التهديد بالقتل
توقف إبداع يوسف الفهد ليواصل بعده فريقه نشاطاته بأفكاره وحيويته، وذلك بعدما قرر مغادرة العراق إثر تهديده وعائلته بالقتل، وفقدان شخصين من فريقه، ليترك الساحة التي لم يفارقها لمدة 51 يوما بعدما كانت أسرته وأقاربه يأتون إليها لزيارته.

يقول: “كنت أمتلك كل مقومات العيش الرغيد من أسرة ومشروع خاص وسيارة من نوع تاهو، بالإضافة للعمل في إحدى شركات الإنتاج الإعلامي، لكن بعدما شهده العراق من ظلمٍ وفساد كان لا بد من ترك كل شيء والخروج لأجله. لكن عندما يصل الأمر إلى مرحلة المخاطرة بمستقبل طفلي، فلن أسمح بذلك”.

وعبّر عن حرصه على أن لا يكون ضمن قائمة الـ33 عملية اغتيال التي طالت الناشطين مؤخرا، منهم 13 في بغداد، ولا أن يكون ضمن الـ68 عملية اختطاف -بين ذكور وإناث- التي لم يتحرر منها سوى 12 شخصا، دون معرفة مصير من تبقى، بحسب مفوضية حقوق الإنسان.

المصدر : الجزيرة

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here