مصر – افريقيا برس. من داخل أزقة البلدة القديمة في مدينة الموصل (شمالي العراق)، تتجسد مقولة “لا تعلم يمينك ما أنفقت شمالك”.
عشرات الناشطين الشباب من الفرق التطوعية وغيرهم يجوبون أزقة هذه البلدة وغيرها من أحياء الموصل الفقيرة بحثا عن الفقراء والمحتاجين لتقديم يد العون لهم في شهر رمضان، بعد أن أدت جائحة كورونا وحظر التجول الصحي إلى زيادة أعداد المتعففين والفقراء لمستويات قياسية.
ومع بداية الشهر الفضيل، ازدادت وتيرة هذه الحملات وباتت تركز بصورة أكبر على الشريحة الأكثر فقرا، والذين توقفت أعمالهم خلال حظر التجول وتراجع الحالة الاقتصادية للموصليين.
حملات شبابية
“عشرات الشباب يواصلون الليل بالنهار مجانا ليقدموا المساعدات للفقراء”، بهذه الكلمات يؤكد منسق حملة “نينوى أولا” الناشط أحمد الملاح أنه وبعد ست سنوات من العمل الإغاثي في الموصل، جاء رمضان هذا العام ليكون الأكثر خصوصية، نتيجة لما فرضته جائحة كورونا من إدخال شريحة جديدة لدائرة الحاجة بعد أن توقفت غالبية الأعمال بسبب الحظر الصحي.
ويمضي الملاح في حديثه للجزيرة نت مشيرا إلى أن نشاط حملته لم يقتصر على توزيع وجبات الإفطار والسحور والأموال على الفقراء، بل عمدت أيضا إلى أساليب أخرى تحاول انتشال الفقراء من وضعهم وتحسين ظروف حياتهم لما بعد رمضان، فضلا عن إطلاق دورية لتوصيل الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة من الذين لا يستطيعون الوصول للصيدليات ولا يمتلكون ثمنها.
وأضاف أن مشاريع عديدة تبنتها الحملة، كان من ضمنها فتح أبواب رزق للفقراء كورشات لخياطة الملابس وفتح محلات لصنع الحلويات الموصلية خلال رمضان كالزلابية والبقلاوة وبعض الأطعمة.
أما منسق حملة “خلوها أجمل” الناشط محمد مسعود جمعة فيقول إن حملتهم كثفت من نشاطها مع تفشي فيروس كورونا وازدادت في شهر رمضان، إذ أنهم عملوا على توسيع قاعدة بيانات الفقراء معتمدين في ذلك على مختاري المناطق ووجهاء الأحياء الفقيرة.
وعن طبيعة المساعدات التي تقدمها الحملة في الموصل، يشير مسعود إلى أن الحملة تقدم وجبات الإفطار والسحور لمئات العوائل يوميا، بعد إخطارهم بذلك قبل يوم من التوزيع، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الوجبات المقدمة صحية وتزيد من قوة الجهاز المناعي، لافتا إلى تكلفة الوجبة الواحدة لا تتعدى ثمانية دولارات وتكفي لأربعة أشخاص.
ويختتم مسعود حديثه للجزيرة نت بالكشف عن أن حملتهم مستمرة في نشاطها وأنها بدأت مرحلة تجهيز كسوة ملابس العيد لأطفال العوائل المتعففة، معتمدين في ذلك على ما يقدم لهم من تبرعات من أغنياء الموصل وميسوريها.
على الجانب الآخر، يؤكد أحد ميسوري الموصل -فضل عدم الكشف عن هويته- أن خير الموصل لا ينقطع، إذ شهدت المدينة حملة تكافل لا نظير لها خلال جائحة كورونا ورمضان هذا العام.
ويكشف أيضا، أن مجموعة من أغنياء المدينة دشنوا منذ بداية جائحة كورونا حملة للبحث عن المتعففين والفقراء وإيصال المساعدات العينية والمادية لهم عن طريق أئمة المساجد في المناطق الأكثر فقرا وحاجة.
تسهيلات حكومية
تسهيلات حقيقية قدمت للناشطين والحملات التطوعية في رمضان وخلال جائحة كورونا، إذ يؤكد قائمقام الموصل زهير الأعرجي في حديثه للجزيرة نت أن الظروف الصعبة التي يعيشها الموصليون حاليا كشفت عن الدور والبصمة المميزة للتكافل بين أغنياء المدينة وفقرائها.
وعن الدعم المقدم من حكومة نينوى المحلية، يشير الأعرجي إلى أنه وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، فإن الإدارة المحلية وجهت بتسهيل حركة الفرق التطوعية والناشطين خلال حظر التجول في رمضان وضمان وصولهم لجميع أحياء المدينة، مما انعكس إيجابا على وصول المساعدات لآلاف المحتاجين يوميا.
ويختتم الأعرجي حديثه بالإشارة إلى أنه رغم التقصير الحكومي وعدم صرف وزارة العمل لمنح المساعدات والتعويضات، فإن المدينة التي طالما عرفت بأم الخير استطاعت أن تداوي جراحها بنفسها.
المصدر : الجزيرة