تساؤلات بشأن جدوى «حظر السلاح» عن ليبيا رغم «انتهاكه»

تساؤلات بشأن جدوى «حظر السلاح» عن ليبيا رغم «انتهاكه»
تساؤلات بشأن جدوى «حظر السلاح» عن ليبيا رغم «انتهاكه»

علاء حموده

أفريقيا برس – ليبيا. عادت التساؤلات في ليبيا حول جدوى حظر السلاح المفروض منذ عام 2011، بعدما جدّد مجلس الأمن تفويضه بتفتيش السفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية لمدة ستة أشهر، في خطوة تُظهر رغبة المجتمع الدولي في الإبقاء على الملف تحت المتابعة، رغم اعتراف واسع بأن الحظر يُنتهك على نحو منتظم.

وينصّ قرار مجلس الأمن، الذي صُوّت عليه أمس في نيويورك بتمديد مهمة العملية البحرية الأوروبية «إيريني»، على ضرورة توافر «أسباب معقولة» للاشتباه قبل الشروع في تفتيش السفن، علماً بأن التفويض الحالي ينتهي في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعدما مُدِّد لستة أشهر فقط في مايو (أيار) الماضي، خلافاً للتجديد السنوي المعتاد.

لكن هذا التمديد، الذي تحفّظت عليه روسيا والصين، بدا في نظر محللين «إجراءً صورياً» لا يحدّ من تدفق الأسلحة إلى مختلف الأطراف الليبية، رغم الدور المحوري المفترض للعملية البحرية الأوروبية «إيريني».

ويرى المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني، أن الحظر «لم يُطبق يوماً بفاعلية»، وتساءل في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» عن مغزى الحديث عن تجديد التفويض «في ظل تقارير دولية مستمرة، تشير إلى استمرار تدفق الأسلحة والمسيرات إلى الغرب الليبي».

في السياق ذاته، يلفت المحلل السياسي، محمد محفوظ، إلى «حالة من التحايل» تمارسها أطراف ليبية سياسية وعسكرية، عبر الالتفاف على قيود توريد الأسلحة، من خلال شبكات غير رسمية، مشيراً إلى ظهور «أسلحة غير تقليدية ونوعية» خلال جولات القتال المتكررة بين الفصائل.

وتعزز تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، هذه الصورة؛ إذ أظهر أحدث تقاريره أن «إيريني» نفّذت بين 15 أبريل (نيسان) و14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين 79 عملية اتصال أولي، و52 اقتراباً ودياً، وعمليتي تفتيش فقط. ورغم عدم تسجيل محاولات تفتيش لم تُنفّذ، شدّد التقرير على ضرورة «تعزيز الإجراءات» لضمان فاعلية الحظر، محذّراً من أن استمرار انتهاكه «يقوّض آفاق السلام في ليبيا ومنطقة الساحل».

وحتى داخل «إيريني» نفسها لا تخفى محدودية القدرات، حيث أكد قائد العملية، الأدميرال ماركو كاسابييري، أن المهمة تواجه «تهديداً هجيناً متطوراً باستمرار»، مبرزاً أن نجاحها يعتمد على توافر معلومات استخباراتية تساعد على توفير بيئة عمليات «أكثر موثوقية». فيما يرى محللون أن هذا الاعتراف يكشف فجوة واسعة بين أهداف التفويض الأممي، والقدرات المتاحة لفرضه فعلياً.

وتُعد «إيريني»، التي أُطلقت عام 2020، عملية أوروبية بحرية تستهدف تطبيق حظر توريد الأسلحة عبر تفتيش السفن، ومراقبة الصادرات العسكرية، ودعم جهود البحث والإنقاذ، إضافة إلى جمع معلومات استخباراتية لتعزيز فاعلية الحظر.

في المقابل، تزداد الروايات المشككة في جدوى التفويض. إذ يشير الكاتب الليبي، مصطفى الفيتوري، إلى ما نقله قبل خمسة أعوام عن أحد قادة العملية بأن «إيريني تقدّم تقاريرها إلى مجلس الأمن، لكن الأخير لا يفعل شيئاً». ويضيف الفيتوري عبر «فيسبوك» أن المجلس «يعرف تماماً الدول التي تنتهك الحظر، والليبيين الذين يعطلون الانتخابات، لكنه لا يتحرك»، واصفاً التجديد المتكرر للتفويض بأنه «نفاق دولي».

وعكس مجلس الأمن هذا الانقسام مجدداً خلال التصويت؛ إذ رأت الولايات المتحدة وبريطانيا أن «إيريني» تسهم في تحسين تنفيذ الحظر، فيما عدت روسيا أن التدفق غير المشروع للأسلحة لا يزال مستمراً. أما الصين، التي امتنعت عن التصويت، فانتقدت «ضعف الشفافية والفاعلية، وسوء إدارة المضبوطات والتنسيق مع ليبيا».

وتتوافق هذه التحفظات مع تقييم الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، الذي يذكّر بوصف المبعوثة الأممية السابقة، ستيفاني ويليامز، للحظر بأنه «مزحة». ويقول حرشاوي لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الوصف لا يزال دقيقاً «في ظل وصول شحنات الأسلحة أسبوعياً من تركيا وروسيا»، مرجحاً أن يتضمن تقرير فريق الخبراء الدولي، المرتقب الشهر المقبل، «توثيقاً لحوادث محددة قد يعيد تسليط الضوء على خروقات واسعة».

وكان مجلس الأمن قد أقر مطلع العام استثناءات محدودة على الحظر، شملت السماح بدخول طائرات وسفن عسكرية مخصصة للمساعدات الإنسانية، إلى جانب المساعدة التقنية والتدريب الموجهين لقوات الأمن الليبية، بهدف دعم توحيد المؤسسات العسكرية. وبينما يواصل مجلس الأمن تجديد التفويض كل بضعة أشهر، تستمر الأطراف الليبية في الحصول على السلاح من مصادر متعددة، فيما يكرر المجتمع الدولي الخطاب ذاته، حول «احترام الحظر» و«الحاجة للسلام».

وفي هذا السياق، يخلص محفوظ إلى أن أي خطوة لضبط تدفق السلاح «تحتاج إلى نية دولية حقيقية»، وقال بهذا الخصوص: «إذا كانت هناك رغبة فعلية في وقف تدفق الأسلحة على جميع الأطراف دون استثناء، فسوف يكون للحظر جدوى؛ أما دون ذلك، فلا يمكن الحديث عن قرارات قابلة للتطبيق فعلياً».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here