تساؤلات حول قدرة «الوحدة» على فرض السيطرة الأمنية بطرابلس

4
تساؤلات حول قدرة «الوحدة» على فرض السيطرة الأمنية بطرابلس
تساؤلات حول قدرة «الوحدة» على فرض السيطرة الأمنية بطرابلس

أفريقيا برس – ليبيا. جاكلين زاهر

تصدّر «الاتفاق» الذي تم التوصل إليه بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، و«جهاز الردع»، واجهة الأحداث في ليبيا، وأثار عدداً من التساؤلات، بينها مدى قدرة قوات «الوحدة» على فرض السيطرة الأمنية في العاصمة طرابلس.

ومع اليوم الثاني من تنفيذ الاتفاق، زادت التساؤلات بشأن ما إذا كان سيُعزّز فعلياً سلطة الدبيبة على طرابلس والمنطقة الغربية، أم أنه مجرد «هدنة هشّة» لا تغيّر كثيراً في موازين القوى الراهنة، خصوصاً في ظل استمرار الانقسام السياسي والحكومي.

وعدّ عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن الاتفاق «مكسب لسكان العاصمة» بعد أشهر من المعاناة والخوف من اندلاع مواجهة مسلحة جديدة بمدينتهم، منتقداً محاولات بعض الأطراف الموالية لحكومة «الوحدة» تصوير الاتفاق بوصفه «إذعاناً من (الردع) لشروط الدبيبة».

وقال التكبالي،إن «وسطاء مقرّبين من الدبيبة تدخلوا لتسهيل عقد الاتفاق حفاظاً على ماء وجهه، بعدما عجز عن توجيه ضربات لمقرات (الردع) في قاعدة معيتيقة، حيث تتمركز قوات تركية، بالقرب من منطقة سوق الجمعة المكتظة بالسكان، التي تُشكّل حاضنة اجتماعية قوية للجهاز».

وأضاف: «وفقاً لما يُتداول من بنود الاتفاق، قبل (الردع) تسليم المطار المدني بقاعدة معيتيقة – الذي كان تحت إشرافه – إلى قوة جديدة محايدة تخضع للمجلس الرئاسي، في حين كان الدبيبة يطمح في حل الجهاز بالكامل وتجريده من سلاحه وإخراجه من القاعدة».

ويرى التكبالي أنه بهذا النهج «حصل الدبيبة على أقل بكثير مما كان يطمح إليه»، عادّاً أن «هدفه لم يكن فرض سلطة الدولة على مرافقها الرئيسية من موانٍ وسجون بقدر ما كان يسعى إلى تعزيز نفوذه السياسي والأمني داخل طرابلس، تمهيداً لاستخدام ذلك كورقة تفاوضية في أي تسوية سياسية مقبلة، سواء مع البعثة الأممية أو مع المجتمع الدولي».

في السياق نفسه، رأى عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، أن «اعتماد الدبيبة الدائم على التشكيلات المسلحة لمواجهة خصومه يضعف قدرته على فرض سيطرة أمنية أو عسكرية حقيقية على العاصمة».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مواجهة الدبيبة الأخيرة مع (الردع)، ومن قبلها مع (جهاز دعم الاستقرار) – وهو تشكيل مسلح كبير – ليست من دون ثمن، فقد يضطر لاحقاً إلى الرضوخ لمطالب التشكيلات التي ساندته في هذه المواجهات، سواء الآتية من مصراتة، أو من الزنتان أو مدن المنطقة الغربية».

وحذّر الزرقاء من «احتمال انقلاب تلك التشكيلات على الدبيبة إذا لم يستجب لشروطها»، معتقداً أن «افتقاد الغرب الليبي لـ(جيش وطني) يترك الباب مفتوحاً أمام عودة الصدام في أي لحظة».

في المقابل، رحّبت قطاعات واسعة من الليبيين بالاتفاق الذي بدأ العمل به مطلع الأسبوع الحالي، فيما حرصت أصوات مؤيدة لـ«الوحدة» على نشر مقاطع مصوّرة توثّق دخول قوة «حماية المطار» إلى قاعدة معيتيقة، مؤكدين أن ذلك يمثل بداية تنفيذ بنود الاتفاق.

وعلّق الناشط السياسي جلال القبي على هذه الصور في منشور على صفحته في «فيسبوك» قائلاً إن الدخول جرى «بشكل سلمي ومن دون دماء»، وإن «الردع» وافق على تنفيذ شروط الدبيبة كاملة.

أما المحلل السياسي الليبي، صلاح البكوش، فانتقد توصيف البعض للاتفاق بصيغة «المنتصر والمهزوم»، معبراً أن الاتفاق «يصب في مصلحة حكومة (الوحدة) بدرجة ما، لكنه في الوقت ذاته يمكّن (الردع) من تجنب حرب كان من الصعب التنبؤ بنتائجها».

وأوضح البكوش أن «(الردع)، وإن كان يملك قاعدة شعبية قوية في منطقة سوق الجمعة وضواحي وسط طرابلس، فإنه لا يمكن الرهان على صمودها مع اندلاع معركة مفتوحة»، مؤكداً أن «كفة قوات وزارة الدفاع والقوات المساندة لها من مدن مصراتة والزاوية تبقى الأرجح من حيث العدد والتسليح».

وبحسب بعض المراقبين، فإن الدبيبة نجح منذ توليه السلطة في مارس (آذار) 2021 في إعادة رسم خريطة القوى المسلحة بالعاصمة، عبر تحييد أو إزاحة مجموعات مسلحة نافذة، آخرها «جهاز دعم الاستقرار» بعد مقتل رئيسه عبد الغني الككلي، فضلاً عن إطاحته بالمحافظ السابق للمصرف المركزي، الصديق الكبير.

وأيّد البكوش هذا الطرح، ورأى أن «الاتفاق الأخير مع (الردع) يُعزز من شرعية حكومة الدبيبة ونفوذها، فضلاً عن أنه يقطع الطريق أمام خصومه – وتحديداً في الشرق الليبي – للتدخل في شؤون طرابلس».

وتعيش ليبيا انقساماً بين حكومتين؛ «الوحدة» في طرابلس غرب البلاد، وأخرى بقيادة أسامة حماد مكلّفة من البرلمان ومدعومة من «الجيش الوطني»، تدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here