ذكرى «الفاتح» تعود في ليبيا وسط جدل حول إرث القذافي

ذكرى «الفاتح» تعود في ليبيا وسط جدل حول إرث القذافي
ذكرى «الفاتح» تعود في ليبيا وسط جدل حول إرث القذافي

أفريقيا برس – ليبيا. في أجواء أمنية وسياسية مضطربة بغرب البلاد، احتفلت مدن ليبية بالذكرى السادسة والخمسين لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)» 1969، التي حكم بمقتضاها الرئيس الراحل معمر القذافي البلاد لأكثر من 4 عقود.

وجددت الاحتفالات، التي بدأت في مدن بغرب وجنوب ووسط ليبيا، المناكفات السياسية بين أنصار «الفاتح» ومؤيدي «ثورة 17 فبراير (شباط)» التي أسقطت نظام القذافي عام 2011، وأعادت الجدل بشأن إرثه؛ وسط مقارنات بين وضعية اقتصاد البلاد «المزدهر» سابقاً، و«المتدهور» راهناً.

ويرى علي مصباح أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل فزان بجنوب ليبيا، أن «(ثورة الفاتح) كانت ولا تزال هي المكتسحة للساحة الشعبية»، في مقابل ما وصفه بـ«الفشل الذريع لـ(نكبة فبراير)» التي قال إنها رفعت المستوى المعيشي للمواطن، «وهبطت به إلى الحضيض في كل النواحي الحياتية».

وانتقد أبو سبيحة مخرجات «ثورة 17 فبراير»، قائلاً إن «طغمة فاسدة تولت شؤون ليبيا، فأفسدت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وضاع الأمن».

ورأى أنه «لا يحقّ لأحد أن يلوم من يحتفلون بـ(ثورة الفاتح)، ويتمنون يوماً من أيامها».

وفي بعض المناطق، بدت الاحتفالات بـ«ثورة الفاتح» محدودة، لكنها كانت هي «الأكبر» في بني وليد الواقعة شمال غربي البلاد، والموالية لنظام القذافي، حيث رُفعت الرايات الخضراء المعبرة عن النظام السابق، وصور للقذافي ونجله سيف الإسلام.

واستهلت بني وليد الاحتفالات باستعدادات واسعة من قبل الأهالي والجهات الاجتماعية لإحياء المناسبة، وذلك بتجهيز الساحات التي امتلأت ليلة الأحد، بالمحتفلين من مختلف الأعمار خصوصاً الفتية.

وعرضت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في بني وليد، مقاطع فيديو لـ«شبيه القذافي»، في تقليد بدا سنوياً، وهو يتجول في ساحات المدينة مجسداً الرئيس الراحل في حركاته وإيماءاته، فيما كانت تواكبه تسجيلات صوتية للقذافي.

ومن قلب المدن التي لا تزال على ولائها للنظام السابق، ومن بينها غات وأوباري (جنوباً) وزليتن وصبراتة (غرباً) وسرت (في الوسط)، لاحت أيضاً صور القذافي ونجله سيف الإسلام، والرايات الخضراء المعبرة عن حقبته.

واستبق حساب منسوب لعائشة، ابنة الرئيس الراحل، على منصة «إنستغرام» الاحتفالات، وقال مساء الأحد: «ساعات وتتجدد ذكرى ثورة الفاتح البيضاء المجيدة، وتتجدد معها معاني المجد والكرامة. تسعدني مشاركتكم الاحتفالات، وأن أكون معكم على قلب واحد».

كما شدد شقيقها الساعدي عبر حساب منسوب له بمنصة «إكس»، على «وحدة صف الليبيين من أجل حماية الوطن وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة»، داعياً الجميع إلى «التضامن والعمل معاً من أجل البلاد».

وتحدث أحمد قذاف الدم، المسؤول السياسي في «جبهة النضال الوطني الليبية»، عن الاحتفالات بـ«الفاتح» في الشوارع والميادين. وقال في تصريح صحافي، إن «الثورة كانت صرخة حرية عبَّر عنها القذافي عندما نادى الشعب الليبي في بيانه الأول»، وأضاف: «نستذكر تلك الأيام بفخر».

واستطرد قائلاً: «ما نراه اليوم على الأرض الليبية يذكّرنا بأن فجراً يلوح، وأن شعبنا سينتفض حتماً، بقيادة أبنائه الأحرار، ليزيح عن كاهله كابوس الذل والخنوع والعار، ويستعيد وطنه وكرامته وكبرياءه».

واحتفلت مناطق الهضبة وخلة الفرجان بطرابلس، وسوق الخميس ومدينة الخمس، واستمرت الاحتفالات حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين.

وعادة ما تشهد هذه الذكرى مناوشات لفظية، وحملات انتقاد لاذعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين أنصار «ثورة 17 فبراير» التي أطاحت بالقذافي عام 2011، وأنصار ثورة «الفاتح من سبتمبر» التي جاءت به إلى الحكم قبل عقود.

وقبل 56 عاماً، كانت ليبيا تحت حكم الملك محمد إدريس السنوسي، قبل أن يقود القذافي حركة «الضباط الوحدويين» في الجيش الليبي، وينقلب عليه، بحسب معارضيه، ليحكم البلاد نحو 42 عاماً. وعلى الرغم مما أحدثته «الفاتح من سبتمبر» في البلاد من تغيير، فإن هناك من ينادون بالعودة إلى النظام الملكي «لإنقاذ البلاد من التخبط السياسي».

ولا يزال الليبيون الرافضون للثورتين يكررون مقولة متداولة: «الفاتح ليست بعظيمة ولن تعود، و(فبراير) ليست بمجيدة ولن تسود».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here