آمنة جبران
أفريقيا برس – ليبيا. اعتبر النائب في مجلس النواب الليبي صالح افحيمة في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الانتخابات الليبية خطوة لازمة لكنها غير كافية لحل الأزمة، وإنهاء ما تعانيه البلاد من انقسام”، لافتا أن “الحل يكمن في تغليب الليبيين صوت العقل والاستفتاء على مسودة الدستور حتى يعتمد شكل الدولة وطريقة اختيار مؤسساتها”، وفق تقديره.
وفي معرض تقييمه لأداء المبعوثة الأممية الجديدة ستيفاني خوري، رأى افحيمة أنها “تكرر في نفس أخطاء سابقيها” مستبعدا أن تحقق نتائج إيجابية أو اختراقا في الملف الليبي، الأمر الذي يثير شكوكا في مدى جدية المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار للبلاد.
وصالح افحيمة هو عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب الليبي، وهو مقرر لجنة شؤون النازحين والمهجرين.
لماذا لم تنجح حكومة الوحدة الوطنية إلى حد الآن في تخفيف التوتر في العاصمة طرابلس وإخلاءها من الجماعات المسلحة مع تجدد الاشتباكات بين الفترة والأخرى؟
القوى المسلحة خارج إطار أجهزة الدولة أصبحت رقما يحسب له حساب في المشهد الليبي للحد الذي جعل من زعماءها يتعاطون السياسة كرؤساء الأحزاب ومتقلدي المناصب السياسية في الدولة، كل هذا حدث بفضل أخطاء متراكمة اقترفتها الحكومات المتعاقبة بمساعدة المجتمع الدولي الذي مازال حتى هذه اللحظة يتعاطى مع هذه المليشيات ويتواصل مع قادتها.
أما عن أسباب عدم نجاح حكومة الدبيبة في إخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة فهو في تقديري بسبب أن حكومة الدبيبة ليست لديها القوة لا العسكرية ولا حتى السياسية للتعامل مع هذه التركة الثقيلة التي خلفتها تلك الحكومات، غير أن هذا لا يعني أنها قامت بكل ما يمكن القيام به من أجل ذلك وإنما ما فعلته هذه الحكومة لا يختلف كثيرا عما فعلته سابقاتها حيث قدمت الدعم المالي والغطاء القانوني لهذه المليشيات ليس حبا في الإبقاء عليها ولكن لتؤمن شرها.
هل اندماج الجماعات المسلحة بقوة داخل أجهزة الدولة يجعل البلد مهددة بالعودة إلى مربع العنف والفوضى خاصة أن حالة الانغلاق والانسداد السياسي بين الفرقاء مستمرة؟
نحن لدينا تجربة ناجحة في شرقي البلاد في مسألة دمج القوى المسلحة وتذويبها في المؤسسة العسكرية، قام بها البرلمان وحكومة عبد الله الثني في بدايات الانقسام السياسي حيث أصدر مجلس النواب قانون المستويات القيادية في الجيش الليبي، وعين قائدا عاما للجيش الليبي الذي قام بدوره بحل كل المليشيات المسلحة ودمج أفرادها في القوات المسلحة العربية الليبية. هذا يعني أن الأمر ليس مستحيلا ويمكن بالفعل القيام به حتى تحتكر الدولة استخدام السلاح للأغراض التي جعل لها هذا السلاح.
ما تقييمكم لأداء ستيفاني خوري هل بوسعها بلورة موقف موحد للتغلب على المأزق الليبي أم أن طريق الحل مازال طويلا؟
في اعتقادي فإن البعثة الأممية تكرر نفس الأخطاء حتى أننا كليبيين أصبحنا نشك في مدى جدية البعثة ومن خلفها المجتمع الدولي في حل الأزمة الليبية، السيدة خوري ومن خلال ما تقوم به يبدو أنها نسخه طبق الأصل ممن سبقوها وحيث أنه من الغباء أن نقوم بنفس الخطوات ونتوقع نتائج مختلفة لذلك فأنا أتوقع أن تكون نتائج مجهودات ستيفاني هي نفس النتائج التي حققها أسلافها.
هل يساعد انسحاب خليفة حفتر وعبد الحميد الدبيبة من الترشح للانتخابات المقبلة في حل الأزمة؟
سواء انسحبوا أو لم ينسحبوا وسواء أجريت الانتخابات أو لم تجرى لن يتغير الكثير في المشهد السياسي الليبي لأن الحل في ليبيا لا يعتمد على إجراء الانتخابات فقط، فإجراء الانتخابات هو خطوة في اتجاه الحل وليست كل الحل، فكما يعلم الجميع ليبيا خاضت انتخابات مجلس النواب ونجحت بامتياز، لولا أن عدم القبول بالنتائج من بعض الأطياف السياسية التي خسرت المعركة الانتخابية هي من قوضت هذا النجاح و خلق الانقسام السياسي الذي استمر حتى وقتنا الراهن.
هل تعتقد أن الوضع في ليبيا مرشح لتقسيم البلاد من جديد بسبب منطق الغنيمة السائد حاليا داخل الطبقة السياسية؟
البلاد لن تنقسم مهما حصل خصوصا وأن 61 عاما من الوحدة الاندماجية خلفت أواصر اجتماعية وسياسية واقتصادية لا يمكن قطعها وجعلت من المستحيل لجزء من ليبيا أن يستقل بذاته بعيدا عن بقية أجزاءها، وبالتالي فالبديل المؤسف وهو أيضا بديل بعيد الاحتمال هو نشوب حرب جهوية على غرار ما حصل في المرات السابقة، أما عن ثقافة الغنيمة فلا أعتقد أنها تسود الطبقة السياسية في ليبيا فقط ففي اعتقادي أن دول توصف بالفاعلة في المشهد السياسي الليبي هي أيضا تسيطر عليها ثقافة الحل مقابل الغنيمة في المشكل السياسي الليبي.
كيف يمكن إصلاح العملية السياسية والأمنية وإنهاء المراحل الانتقالية والذهاب بالبلاد نحو انتخابات رئاسية وتشريعية؟
في اعتقادي الحل الأمثل هو مؤتمر جامع “للفاعلين المحليين” وليس لمن تحاول البعثة تسويقهم على أنهم كذلك، مؤتمر جامع يقوم على مبدأ المشاركة في الحكم وليس على مبدأ إقصاء الآخر الحاصل الآن، فليبيا للجميع وبالجميع ولا يمكن لأحد أن يحكمها بالقوة ويفرض نفسه على الآخرين، أما عن إنهاء المراحل الانتقالية فهذا يتطلب أن يغلب الليبيين صوت العقل وأن يتم الاستفتاء على مسودة الدستور حتى يعتمد شكل الدولة وطريقة اختيار مؤسساتها ومن يقودها، عند ذلك فقط تنتهي المراحل الانتقالية وندخل في إطار الدولة المستقرة صاحبة المؤسسات المحمية بالقانون.
أما عن الانتخابات فكما أسلفت لك سابقا فهي رغم ما يحاول الكثيرون تسويقها على أنها العصا السحرية التي ستتحول ليبيا بعدها إلى النعيم الأرضي وللفردوس المفقود غير أنني أراها خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح سيكون علينا أن نخطو بعدها خطوات أخرى لنصل إلى الاستقرار، باختصار يمكن أن نصف الانتخابات بأنها خطوة لازمة لكنها غير كافية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس