أفريقيا برس – ليبيا. يشكو مواطنون ليبيون الإهمال الذي تشهده أقسام الأطفال في المستشفيات الحكومية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق بعضها، لتزداد معاناة الأهل. ولا تتوقف المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية عن مطالبة السلطات بتوفير الإمكانات اللازمة للاستمرار في استقبال الأطفال في الأقسام المخصصة لهم، وسط متابعة من قبل وسائل الإعلام المحلية للأوضاع السيئة التي تشهدها هذه الأقسام.
ويُعاني الأطفال المصابون بفيروس كورونا أوضاعاً سيئة في مستشفى الجلاء للأطفال بالعاصمة طرابلس، بحسب مدير المستشفى فيصل عبد الجواد، الذي طالب السلطات بالإسراع في توفير مقر لإيواء الأطفال المصابين بالفيروس. وقال إنّ “الأطباء لا يعرفون إلى أين يحولون الأطفال المصابين بكورونا لتلقي العلاج”، موضحاً أنّ “المستشفى غير قادر على إحصاء أعداد الأطفال المصابين”.
وفي ما يتعلق بجهود المستشفى، يشير إلى قيام بعض الأطباء بمتابعة حثيثة للأطفال المصابين، وقد وجدوا أنّ أغلبهم مخالطون، في إشارة إلى عدم اتخاذ عائلاتهم الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية أبنائهم، لافتاً إلى أنّ أعمار المصابين تراوح ما بين 7 إلى 10 أطفال، أغالبهم يعانون من مضاعفات الفيروس.
ويُعدّ مستشفى الجلاء في طرابلس وبنغازي من أقدم المستشفيات المتخصّصة في أمراض الأطفال، لكنّ أيّاً منهما لا يلقى عناية حكومية، كما يقول الطبيب في المستشفى حمزة شوشان. ويوضح في حديثه لـ “العربي الجديد” أنّ مستشفى الجلاء في طرابلس واجه انهياراً في أسقف أحد أدواره. يضيف: “كلّ ما فعلته وزارة الصحة وقتها، إقفال الدور لأسابيع عدة قبل أن تعود لصيانته بعد ضغط من الأطباء”. ويقول: “في ذلك الوقت، شكل إقفال الدور ضغوطاً على الطبقات الأخرى بسبب نقل المرضى إليها”.
ويستمرّ شوشان في سرد الوقائع التي مرّت بها أقسام الأطفال في المستشفيات الليبية. ويقول: “في عام 2012، توفي نحو 30 طفلاً من حديثي الولادة أمام أعيننا من دون أن نتمكن من فعل شيء في ظلّ نقص اللقاحات اللازمة لهم وسط عدم حصول أقسام الولادة على الحصة الكافية من التعقيم وانتشار الفيروسات”. ولم يعد قسم الأطفال في مستشفى بني وليد، غربي طرابلس، إلى العمل إلّا بعد أربعة أشهر من إغلاقه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسبب “عدم وجود متخصصين في أمراض الأطفال”، وفقاً للصفحة الرسمية للمستشفى.
وبحسب بيان للمكتب الإعلامي في إدارة الخدمات الصحية في بني وليد، فقد تحسنت أوضاع المستشفى بفعل الجهود الأهلية التي يقوم بها المجلس البلدي، الأمر الذي أدى إلى إطلاق حملة تستهدف الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين شهرين وأربعة وستة أشهر. لكنّ الإمكانات ما زالت غير متوافرة في مستشفى أبوباري، جنوبيّ البلاد، الذي عاد للعمل في يونيو/ حزيران الماضي، بعد سنوات من توقفه بسبب الحروب التي شهدتها المنطقة.
ويقول سليمان البخاري، وهو مواطن من أوباري، لـ”العربي الجديد”، إن اللقاح السداسي للأطفال ما زال غير متوافر. يضيف: “ما زال أرباب الأسر يذهبون إلى مدن أخرى للحصول على اللقاحات وخدمات صحية أخرى”. ويتحدث البخاري عن معاناته هو وزوجته في أثناء بحثهما عن حضانة لطفلهما لدى ولادته، موضحاً أنّه اضطر إلى السفر بزوجته من أوباري إلى طرابلس قبيل ولادتها ليحصل على فرصة للعناية بطفله. ويقول: “كان من الضروري أن يُوضَع في حضانة، لكننا تنقلنا بين ثلاثة مستشفيات واكتشفنا أنّ هناك ازدحاماً في الحضانات، بما فيها المستشفى الذي ولد فيه طفلي”.
وينقل البخاري عن مسؤولي المركز الطبي في طرابلس قولهم إنّ العاصمة تضم خمسة مستشفيات فيها أقسام للأطفال، تمتلك أكثر من أربعين حضانة، لكنّ 15 منها فقط تعمل بسبب إهمال صيانة الأخريات. وكما اضطر البخاري إلى اللجوء إلى المراكز الصحية الخاصة للحفاظ على حياة طفله، اضطر موسى حسين، وهو مواطن من طرابلس، إلى السفر بطفله الذي كان يعاني من مرض الزلال إلى خارج البلاد، بعد قناعته بضعف قدرة المستشفيات الحكومية على معالجة مرض طفله.
ويشكو حسين، خلال حديثه لـ “العربي الجديد” عدم ثقة المواطن في القطاع الصحي العام، بل الخاص أيضاً. ويقول: “الكفاءات الطبية موجودة في القطاع العام، لكنّ الإمكانات غير متوافرة، والعكس في القطاع الخاص الذي يتوافر على الإمكانات، لكن كفاءات الأطباء غير موجودة، لذا، اضطررت إلى السفر إلى الخارج بطفلي”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس