أسعد زهيو: المستقبل السياسي لليبيا مرتبط بحوار شامل تحت إشراف دولي

44
أسعد زهيو: التدخل الدولي هو الحل للأزمة الليبية وليس الحلول المحلية
أسعد زهيو: التدخل الدولي هو الحل للأزمة الليبية وليس الحلول المحلية

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في خضم الأزمة السياسية التي تعيشها ليبيا، يتصاعد الصراع داخل المجلس الأعلى للدولة حول منصب الرئاسة، ما يعكس التحديات العميقة التي تواجه البلاد في مسيرتها نحو الاستقرار.

هذا الحوار مع أسعد زهيو، رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، يناقش تطورات الأوضاع داخل المجلس الأعلى للدولة، وحالة الانقسام التي تؤثر على المشهد السياسي الليبي، وكذلك الأمل في إيجاد حلول توافقية عبر الحوار الدولي والمحلي.

إعادة انتخاب المجلس الأعلى للدولة: هل هي خطوة نحو الحل أم تعميق للانقسام؟

في تصوري، هذه المناكفة السياسية تهدف إلى إطالة أمد الانقسام وتعميقه داخل المجلس الأعلى للدولة. فإعادة انتخاب الرئيس ونائبيه، كما حدث في الجلسة الأخيرة، لم تحقق أي تقدم حقيقي.

هناك أطراف تسعى للاستفادة من هذا الانقسام، وتحديدًا حكومة الوحدة الوطنية التي لا ترغب في توافق بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.

النتيجة هي استمرار الخلافات والتشكيك بين الأطراف، ولن يعترف أي طرف بالنتائج ما لم يتوفر النصاب القانوني بشكل كامل.

هل يمكن أن يكون هذا الانتخاب بداية لإعادة التوازن السياسي في البلاد؟

لا أعتقد أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى أي تغيير جوهري. فالتوافقات داخل المجلس غير موجودة، وكل طرف يتمسك بمنصب الرئاسة.

فوز تكالة مثلاً لن يؤدي إلى توافق مع النواب، ولن يُسهم في توحيد السلطة التشريعية والتنفيذية أو في إنهاء الأزمة.

الوضع سيبقى كما هو، بينما يبقى المشري محط دعم من بعض الأطراف السياسية المناوئة للحكومة.

هل يعني فوز تكالة بالرئاسة تعزيز الاستقرار السياسي أم انفراط عِقد المجلس؟

من وجهة نظري، فوز تكالة لن يعزز الاستقرار، بل سيبقي المجلس في حالة من الجمود. تكالة يمثل فئة لا تسعى لإجراء توافقات مع مجلس النواب، بل تحاول إضعافه.

هذا في مصلحة الحكومة الحالية التي تخشى أي توافق بين المجلسين قد يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة.

على العكس، فوز المشري قد يؤدي إلى تحريك المياه الراكدة وإمكانية تحقيق توافقات، ما قد يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة أو توحيد السلطة التشريعية.

هل هناك أطراف تسعى لعرقلة عمل المجلس؟ من هم هؤلاء الأطراف؟

نعم، هناك أطراف تسعى للاستفادة من الانقسام الحالي. حكومة الوحدة الوطنية هي أبرز هذه الأطراف التي تخشى من أي توافق بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.

هذه التوافقات قد تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة، وهو ما لا تريده حكومة الوحدة لأنها تعتمد على استمرار هذا الانقسام.

هل هناك فرصة للتوصل إلى توافق بين الأطراف المختلفة حول منصب رئيس المجلس؟

فرص التوافق ضئيلة جدًا في ظل الاستقطاب السياسي الحاد. المشري يعلم أن إعادة الانتخاب لن تُسهم في فوزه، حيث أن الحكومة تعمل ضده بكل السبل. كما أن تكالة لا يستطيع التنازل أو قبول نتائج الانتخابات في ظل هذا الانقسام.

في النهاية، قد يبقى الوضع كما هو إلى موعد انتخابات المجلس الأعلى الداخلية في أغسطس القادم، وهو الموعد الطبيعي لإعادة انتخاب مجلس الرئاسة.

هل يشكل تأثير الأزمة في المجلس الأعلى للدولة على المشهد السياسي خطرًا على العملية الديمقراطية؟ وما الحلول الممكنة؟

الانقسام في المجلس الأعلى للدولة يعني استمرار الجمود وتعطيل أي تقدم سياسي. هذا الانقسام يعيق الانتخابات، ويؤثر سلبًا على المناصب السيادية والمفاوضات المتعلقة بتوحيد السلطة التنفيذية.

الحل الوحيد في رأيي هو تدخل دولي، وليس حلولًا محلية، من خلال فرض ضغوط على الأطراف الليبية لتحقيق التوافق.

ومن الممكن الرجوع لاختيار أعضاء من المجلس للحوار عن كل دائرة انتخابية ممثلة في المجلس والنواب وتشكيل لجنة حوار موسعة بعيدا عن اختيارات المكاتب الرئاسية لدى النواب والأعلى للدولة، كما حدث في حوار تونس وجنيف وهذا في حال كان لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي رغبة لتحريك جمود الأزمة الليبية وإنهاء الانقسام وإسدال الستار على هذه المرحلة المتأزمة.

ما هو دور البرلمان والمؤسسات السياسية الأخرى في دفع الأطراف إلى التوافق؟

البرلمان نفسه ليس في وضع يسمح له بتقديم حلول حيادية. منذ بداية الأزمة، لم يكن البرلمان على علاقة جيدة مع المجلس الأعلى للدولة.

البرلمان يفضل بقاء المشري في منصبه لأن هذا يخدم مصالحه. وبالتالي، لا يمكن أن يتدخل في حل الأزمة بشكل حيادي.

أولوياتكم إذا تم اعتماد تكالة رئيسًا للمجلس: هل سيكون هناك رؤية جديدة للأزمة السياسية؟

للأسف، لا أحد يستمع للأحزاب السياسية أو للمؤسسات المدنية في هذه المرحلة. سواء تم اعتماد تكالة أو المشري، ستظل الأمور كما هي. المبادرات المحلية قد لا تفضي إلى أي حل توافقي، والأطراف الدولية ترفض الحلول المحلية في كثير من الأحيان.

الحل في النهاية يعتمد على البعثة الأممية لإيجاد آلية حوار جادة بين الأطراف والدفع بها نحو التوافق.

هل يمكن للأحزاب السياسية أن تسهم في بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة؟

للأسف، الأحزاب السياسية في ليبيا دخلت في اصطفافات حادة، مما قلل من قدرتها على لعب دور بناء للثقة. رغم ذلك، إذا كانت هناك مبادرة نزيهة لا تستهدف طرفًا بعينه، يمكن أن تسهم الأحزاب في إيجاد حلول للمشكلة الليبية.

لكن مثل هذه المبادرة يجب أن تتم بمباركة من البعثة الأممية. ولدينا نحن الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية مبادرة وُضعت مؤخرا أمام المجلس الرئاسي، وتركز هذه المبادرة على تحقيق التوافق بين الأطراف وتعمل على حل الأزمة الليبية برمتها عبر مسارات سياسية واقتصادية وأمنية وعسكرية وأن تعرض على الاستفتاء الوطني.

وفي الختام، إن الأزمة الحالية داخل المجلس الأعلى للدولة تكشف عن أبعاد الصراع العميق في ليبيا وتؤكد الحاجة الماسة لحوار شامل وفعّال يشارك فيه جميع الأطراف، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

فالأزمة لا تتعلق فقط بالتنافس على المناصب، بل تتعلق بمستقبل البلاد السياسي والتوافقات التي قد تفتح الطريق نحو استقرار دائم.

ولكن، كما يصرح أسعد زهيو، الحلول المحلية ما لم تكن مدعومة بآليات دولية لن تؤدي إلا إلى تعزيز الانقسام، ولا يمكن أن تجد طريقها إلى النجاح إلا من خلال الجهود المشتركة بين كافة القوى السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here