إغلاق حقل الشرارة الليبي.. بين الاحتجاج الاقتصادي والضغط السياسي

6
إغلاق حقل الشرارة الليبي.. بين الاحتجاج الاقتصادي والضغط السياسي
إغلاق حقل الشرارة الليبي.. بين الاحتجاج الاقتصادي والضغط السياسي

وليد عبد الله

أفريقيا برس – ليبيا. تحولت الحقول والموانئ النفطية في ليبيا مؤخراً إلى أحد وسائل الضغط التي تمارس ضد الحكومات سواء كانت لدوافع سياسية نتيجة الانقسام السياسي الحاد في ظل وجود حكومتين واحدة في شرق البلاد والأخرى في غربها أو لدوافع اقتصادية نتيجة لتردي الأوضاع في العديد من المدن والمناطق خاصة الجنوبية منها.

وشهد العام الماضي العديد من الإقفالات لموانئ وحقول نفطية شرق وجنوبي البلاد ارتبطت أغلبها وبشكل مباشر بالخلاف السياسي، حيث لجأت الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب بعد عجزها عن دخول العاصمة طرابلس عدة مرات إلى استخدام النفط كورقة ضغط، بحسب محللين.

حيث أعلن أعيان بشرق وجنوب البلاد أنذاك إيقاف إنتاج وتصدير النفط من مناطقهم لحين تسليم حكومة عبد الحميد الدبيبة السلطة للحكومة المكلفة من مجلس النواب، بحسب بيانات مصورة أمام ميناء الزويتينة (شرق) وحقل الفيل والشرارة (جنوب).

وقبل أيام، أُغلق حقل الشرارة النفطي جنوبي ليبيا، بعد دخول المحتجين إليه، احتجاجا على نقص النفط في الجنوب، بحسب مصدر يعمل بالحقل.

ويقع حقل الشرارة النفطي، الذي كان يبلغ معدل إنتاجه 340 ألف برميل يوميا، في صحراء مرزق (800 كلم جنوب طرابلس)، واكتشف العام 1980.

وأضاف المصدر مفضلا عدم ذكر اسمه، أن “إدارة الحقل تفاوضت مع المحتجين الذين دخلوا إلى الحقل، ولكن محاولة التفاوض معهم فشلت، مما اضطرّ إدارة الحقل لإغلاقه بشكل كامل”.

وفي بيان مصور، طالب المحتجون، بتفعيل قرار إنشاء مصفاة الجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة، وتعيين أبناء الجنوب في الشركات النفطية، ومعالجة نقص الوقود في الجنوب.

ورغم وصف العديد من المراقبين مطالب المحتجين بأنها “مشروعة” إلى أنهم لم يستبعدوا في الوقت نفسه الدوافع السياسية وراء الاحتجاج من قبل بعض الأطراف، وبالتالي ستكون مطالبهم “حقا يراد به باطل”.

إغلاق حقل ورقة ضغط سياسي

الناشط السياسي وسام عبد الكبير رأى أن “إغلاق حقل الشرارة يأتي في ظل استمرار الانسداد السياسي وانقطاع فرص التسوية بين حكومة الوحدة الوطنية في الغرب والقيادة العسكرية والبرلمان في الشرق، لذلك سيكون إغلاقه ورقة من أوراق الضغط السياسي والتي تمارس على الدبيبة”.

وأضاف عبد الكبير عضو تجمع القوى السياسية لإقليم فزان (جنوب) أن “إغلاق الحقل سيؤدي إلى فقد الإنتاج الليبي حوالي 340 ألف برميل يومياً ما يعني فقدان ثلث الإنتاج من إجمالي ما تنتجه ليبيا (مليون و214 الف برميل يوميا)، لهذا سيشكل إيقاف حقل الشرارة ضغوطات كبيرة على حكومة الوحدة الوطنية في مثل هذا التوقيت”.

وأوضح عبد الكبير أن “الظروف الاقتصادية موجودة في الجنوب وكان في السابق يعاني من انعدام الوقود والخدمات ولكن لم يصل الأمر إلى التهديد بإغلاق الحقل؛ ودائما ما تستخدم الحقول كورقة سياسية من قبل العديد من الأطراف، بالرغم من أن الإغلاق سيوثر على الميزانية العامة للدولة ليبيا، في وقت يحتاج فيه نظامها الاقتصادي لتطوير”.

سقف المطالب السياسية غير معلن

بحسب عبد الكبير، فإن “سقف المطالب السياسية غير معلن حتى الآن، أما بالنسبة للمطالب الاقتصادية، فهناك بعض البيانات التي أصدرها المحتجون توضح مطالبهم الاقتصادية أو ذات الطبيعة الخدمية المتعلقة بتطوير مناطقهم. لكن الأمور السياسية لم تطرح حتى الآن”.

وأضاف أن “المطالب السياسية الغير معلنة ربما تكمن في إعادة تشكيل المؤسسة الوطنية للنفط وربما هناك أمور متعلقة بالمطالبة بكميات أكبر من الإيرادات النفطية المخصصة للشرق وكل هذه التسويات غير معلنة ولكن تبقى العديد من الأمور التي يمكن التفاوض حولها بعد إغلاق حقل الشرارة”.

وتابع عبد الكبير “بالتأكيد هناك دوافع اقتصادية كذلك نظرا لافتقاد مناطق وقرى فزان للعديد من الخدمات ومشكلة الوقود من الأعراض وليست أساس المشكلة، لكن الإشكال السياسي هو ما تسبب في عدم نيل المواطنين حقوقهم في تلك المناطق وهذا يعود لطبيعة النظام السياسي والمركزية الموجودة والتي لم يتمكن أي اتفاق سياسي من تفكيكها”.

ليست دوافع سياسية

في المقابل، رأى المحلل السياسي الليبي السنوسي إسماعيل أن “إغلاق حقل الشرارة النفطي هذه المرة ليس مدفوعا بدوافع سياسية مباشرة باعتبار أن الحالة المعيشية المتردية في فزان هي سبب الأساس وراء الإغلاق”.

واعتبر أن تردي الوضع المعيشي هو “انعكاس لحالة الانسداد السياسي الذي طال أمده دون وجود خطة اقتصادية شاملة للبلاد وإنقاذ فزان من تردي الوضع المعيشي إلى حد لا يطاق مع أنه يعوم فوق بحار من الماء والنفط والغاز وثروات معدنية لما تستثمر بعد”.

وأضاف إسماعيل أن “توقيت الإغلاق لا يعني الكثير إلا من حيث ملل سكان المدن والمناطق في الجنوب من انتظار الحل السياسي الذي كل ما حصل فيه تقدم تبرز من جديد عراقيل واعتراضات تطيل عمر الأزمة وتؤجل تنفيذ الحل السياسي وهذا يدفع الكثير من سكان فزان إلى اليأس من جدوى انتظار إنجاز أي استحقاق سياسي حتى ذلك المتوافق عليه بين مجلسي النواب والدولة”.

وزاد “هذه المرة يبدو أن الإغلاق جاد وغير مرتبط بأي جهة سياسية وإن مقياس حالة الضغط في الجنوب تعطي مؤشرات عالية جدا بالنظر لتردي الحالة المعيشية دون وجود حلول دائمة بدلا من الحلول الجزئية التي تعتمدها الحكومتان المتصارعتان على السلطة في بلد مزقته الحروب والنزاعات وأرهقته التدخلات الدولية السلبية”.

ولفت إسماعيل إلى أن “احتياجات أهالي الجنوب لا تقتصر على توفير الوقود وبعض الخدمات وإنما يتطلب الأمر إصدار التشريعات من قبل مجلس النواب لكي تحفظ حقوق الإقليم من حيث التنمية”.

يشار أنه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصدر مجلس النواب ما قال إنها قوانين الانتخابات التي أقرتها لجنة “6+6” ليجري بموجبها انتخاب رئيس الدولة، ومجلس الأمة.

ولجنة “6+6” المشكلة من مجلسي النواب والدولة كانت قد أصدرت في 6 يونيو/ حزيران الماضي، عقب مباحثات في مدينة بوزنيقة المغربية، القوانين التي ستجرى عبرها الانتخابات المنتظرة، إلا أن بنودا فيها لاقت معارضة من بعض الأطراف.

وتتمثل تلك النقاط الخلافية في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية حيث يصر مجلس الدولة وبعض الأحزاب السياسية على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح لرئاسة البلاد، في حين يصر مجلس النواب على عكس ذلك.

وتأتي تحركات مجلسي النواب والدولة، ضمن جهود محلية وأخرى أممية لإيصال ليبيا إلى انتخابات تحل أزمة صراع بين حكومتين، إحداهما عينها مجلس النواب مطلع 2022، والأخرى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here