إنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال إلى تأسيس الدولة الليبية

0
إنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال إلى تأسيس الدولة الليبية
إنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال إلى تأسيس الدولة الليبية

فتحي سالم أبوزخار

أفريقيا برس – ليبيا. الظروف التي تعيشها ليبيا اليوم من تغول للمجموعات المسلحة التي تمولها الحكومة الوطنية، وكذلك دول بمختلف أدوارها في المنطقة، وفلتان دفة القيادة من رئيس الحكومة بعد أن فشل مؤخراً في إبعاد شبح الحرب بطرابلس الذي عمل، وحافظ، عليه لعدة سنوات. مع وجود حكومة صورية موازية في الشرق تأتمر بأوامر القائد العسكري حفتر وأبنائه، إضافة إلى تصدع في المؤسسات التشريعية، وانصياع البرلمان لتمويل مجموعات حفتر العسكرية ومشاريع أبنائه «الوهمية» بميزانيات ترهق كاهل خزينة الدولة. الوضع المتردي ضمن المرحلة الانتقالية الذي تعيشه ليبيا يطيل من عمر الأزمة، ويمدد لها. فلقد بات الأمر ملحاً لإقفال المرحلة الانتقالية إلى الأبد، والشروع في التأسيس لبناء الدولة التي انتكست بعد انقلاب 1969 العسكري وتعمق تدهورها بعد التدخلات الدولية في 2011. المقالة ستناقش حاجة الدولة الليبية لإنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال إلى التأسيس وبناء الدولة.

لماذا التأسيس وقفل المرحلة الانتقالية؟
الوضع الليبي يحتاج لقفل المرحلة الانتقالية بسبب جملة من المعطيات تتلخص في الآتي:
• اتفاق الصخيرات ركن أساسي لاستمرار المرحلة الانتقالية، حسب وجهة نظر مدير مركز ليبيا للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية م. أسامة الصيد، حيث يرى بأن خارطة الطريق لاتفاق الصخيرات: أن يؤسس لحكومة عسكر بالشرق وحكومة ضعيفة مدنية بالغرب، لا تملك حتى حق الاستقالة، والحكومتان تمولان المجموعات المسلحة «الميليشيات». وهنا يرى الكاتب بأنه وبهذا الشكل لن تقوم قائمة للدولة الليبية وستستمر المرحلة الانتقالية دون أن يكون هناك التفات جدي من المجتمع الدولي، وإنهاء اتفاق الصخيرات.

• تغول المجموعات المسلحة بالشرق والغرب وممارسة العنف بلا حدود، مع إنشاء سجون خاصة بها؛ بل والسعي بطرق خاصة غير مشروعة لتمويل نفسها وتنمية ثرواتها بالتواصل مع دول أجنبية، بل ما يعقد الوضع التدخل في شؤون سيادية تمس أمن الدولة الليبية وسلامة شعبها.

• نجحت حكومة الوحدة الوطنية في توحيد مؤسسات الدولة السيادية، مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط، وعلى الرغم من محاولات إنجاح «5+5» للمؤسسة العسكرية إلا أنها فشلت. لقد حرصت الحكومة مع بداية استلامها للسلطة على إبعاد شبح الحرب إلى أن سقطت مؤخراً في وحل الحرب، ومولتها وتناقضت في تعاملها مع المجموعات المسلحة التي شرعنتها وموَلتها، مما تسبب في خوف ورعب ومآسٍ لسكان طرابلس وخسائر في الأرواح والممتلكات. بذلك فشلت حكومة الوحدة الوطنية في إحدى مهامها الأساسية: إجراء الانتخابات.

• الرفض الشعبي بالمنطقة الشرقية لممارسات الفساد والعنف التي يقوم بها أبناء حفتر مع تخوف داعمي حفتر من فقده السيطرة على تدخلات أبنائه، وربما ما يزيد الطين بلة الصراع بين أبنائه في تصدر المشهد في الشرق الذي لا يبشر بخير.

• تدخل حفتر كطرف فيما يحدث في السودان من تآمر دولي تسعى فيه الإمارات، لزعزعة الاستقرار بالمنطقة، بدعم قوات الدعم السريع بقيادة «حميدتي» ضد الجيش السوداني بقيادة «البرهان» المسيطر على الخرطوم، وتحويل المثلث السوداني المصري الليبي إلى بؤرة توتر دولية مما يثير مخاوف مصر ويربك الموازنات التركية وربما حتى الروسية التي ظاهرياً تعترف بالجيش السوداني وعن طريق حفتر تعزز من قوات الفاغنر التي ربما وصل عددها إلى ستة آلاف مقاتل.

• تعدد المجموعات المسلحة بالمنطقة الغربية مع تباين ولاءاتها ما بين دول متصارعة وغير متجانسة، وعدم سيطرة حكومة الوحدة الوطنية عليها، أخرجها من مسارها كأدوات لخدمة ليبيا واستقرارها، وتوحيد قنوات التواصل والتنسيق مع مصالح الحكومة.

• اتفاق الصخيرات صنع حكومات لأشخاص بأسماء جذابة، «الوفاق الوطني»، «الوحدة الوطنية» دون مشاريع مسبقة لذا كان التخبط في الأداء والوقوع في مستنقع المحاصصة وترضية بعض المدن وضمان مصالح قد ترقى بأن تكون شخصية، أو عائلية، أحياناً.

• ضعف أداء البعثة التي لا تملك قرار مستقبل ليبيا بل تعمل كأداة لإيهام الشعب الليبي بأنها ترعى مصالحه وحقوقه، بمن في ذلك الأمازيغ والتبو، وتعمل على تخدير الشعب ببعض اللقاءات التي تنتهي بصور على صفحات التواصل الاجتماعي. زد على ذلك مع الشكوك المصاحبة لتشكيل اللجنة الاستشارية وفي ظل انتشار السلاح وعدم احتكار الحكومة له، وانتشار الفساد المالي، تتجرأ البعثة من خلال السيدة هانا تيتيه بعرض الخلاصة المتمثلة في انتخابات أو استفتاء على الدستور أو الرجوع للحوار، وكل هذا يتطلب حكومة قادرة على خلق بيئة آمنة ومستقرة.

المطلوب للتأسيس وإنهاء المرحلة الانتقالية؟
مع ضرورة قناعة المجتمع الدولي بالتدخل، ووقف مهزلة تحول ليبيا إلى ساحة لتدخلات دول قزمية مثل الإمارات تصرف الملايين على زعزعة أمن المنطقة. الواضح أن ليبيا لن ينجح فيها نظام حكم تسيطر عليه بعض العائلات أو القبائل. فليبيا لن ينجح فيها أي حكم عائلي أو قبلي. ليبيا محتاجة لتيار وطني برؤية شاملة لتشكيل حكومة ومشروع ضامن لتحقيق الأهداف التالية:

• إيجاد صيغة عملية لتصحيح المؤسسات التشريعية بما يضمن انحيازها للوطن.
• احتكار الدولة للسلاح، وصدور تشريعات تحرم حمل السلاح خارج مؤسستي الجيش والشرطة.
• إصلاح النظام الاقتصادي بتحويله من الاعتماد التام على النفط ومنطق توزيع الثروة، إلى التحول إلى استنهاض للمشاريع الصغرى والوسطى في الصناعة والزراعة وبناء فلسفة صناعة الثروة.
• على الحكومة أن تتحمل مسؤولية ما حصل من انتهاكات ضد الشعب الليبي والاعتذار له، مع فحص المؤسسات العدلية، وكشف حقيقة الانتهاكات وتحديد الجلاد والضحية، وإنشاء محاكم للعدالة الانتقالية، وجبر ضرر الضحايا.
• على الحكومة أن ترتقي بالسياسة الخارجية لليبيا بحيث تكون حيادية وتسعى لتبادل المصالح الحقيقية مع الدول المتدخلة في الشأن الليبي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here