أفريقيا برس – ليبيا. بدأت فكرة استخدام خلايا الدماغ البشري الحية لصنع حواسيب بيولوجية قادرة على التعلم والمعالجة تأخذ طريقها نحو الواقع، وإن كانت في مراحلها الأولى البسيطة التي لا تتجاوز حالياً لعب ألعاب إلكترونية بدائية أو التعرف على بعض الكلمات المنطوقة.
يقف وراء هذه الفكرة، التي طالما ظلت حبيسة روايات الخيال العلمي، ثلاث جهات: علمية وتقنية ومالية، فأموال المستثمرين المتدفقة نحو أي فكرة مرتبطة بالذكاء الصناعي فتحت أبواباً كانت موصدة، بينما حققت تقنيات زراعة أنسجة الدماغ خارج الجسم تقدماً مذهلاً بفضل دعم شركات الأدوية الكبرى، وفقا لدراسة نشرتها دورية «ذا كونفرسيشن».
كما أن التطور المتسارع في تقنيات الوصل بين الدماغ والآلة مهّد الطريق لقبول فكرة طمس الحدود بين الكائن الحي والآلة.
يتسارع تطور هذا المجال بوتيرة مذهلة، فمن زراعة خلايا عصبية بسيطة على شرائح إلكترونية، انتقل العلماء إلى تنمية هياكل ثلاثية الأبعاد تشبه أدمغة مصغرة باستخدام الخلايا الجذعية، وشهد العام ٢٠٢٢ حدثاً فارقاً حين تمكن مختبر أسترالي من إظهار كيف يمكن لخلايا عصبية مزروعة أن تتعلم لعب لعبة «بونغ» ضمن نظام متكامل.
أثار هذا الإنجاز ضجة إعلامية واسعة، خاصة مع استخدام مصطلحات مثيرة للجدل مثل «الوعي المتجسد»، ما دفع علماء أعصاب كثر إلى التحذير من خطورة المبالغة في وصف قدرات هذه الأنظمة البدائية.
وفي العام 2023، ظهر مصطلح «الذكاء العضوي» الذي يحمل إيحاءات بقدرات قد لا تمتلكها هذه التقنيات بعد.
تساؤلات حول الحدود الأخلاقية
تسابق اليوم شركات ومؤسسات بحثية في سويسرا والولايات المتحدة والصين وأستراليا وغيرها لبناء منصات حوسبة بيولوجية هجينة. فقد بدأت بعض الشركات بتقديم وصول عن بعد إلى أنسجتها العصبية المزروعة، بينما تستعد أخرى لإطلاق حواسيب بيولوجية مكتبية. ويتوقع رواد هذا المجال أن يتجاوز العملاء قطاع الأدوية ليصل إلى باحثي الذكاء الصناعي الذين يبحثون عن أنظمة حوسبة جديدة ومختلفة.
لكن بينما تتسارع عجلة التقنية في ظل طموحات عالية تهدف إلى استخدام هذه الأنظمة لمهام معقدة كتنبؤ مسارات التلوث البيئي، يطالب باحثون بتحديث عاجل للمبادئ التوجيهية الأخلاقية. فهذه التكنولوجيا تثير أسئلة عميقة عن طبيعة الذكاء نفسه، وعن الحدود الأخلاقية للتعامل مع أنسجة بشرية حية ضمن أنظمة آلية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





