الاكتشافات العلمية في 2025 “زلزال” يعيد صياغة التفكير بالكون

الاكتشافات العلمية في 2025
الاكتشافات العلمية في 2025 "زلزال" يعيد صياغة التفكير بالكون

أفريقيا برس – ليبيا. أعاد العام 2025 ترتيب أولويات فكرية، وتغيير مفاهيم حول رؤية العالم للكون بما فيه كوكب الأرض نفسه، فبينما اتجهت العيون نحو تلسكوبات تخترق غبار الزمن في أقاصي الكون، غاصت عيون أخرى في أعماق الأرض وسلوك الكائنات الحية لتستخلص منها دروساً في البقاء والابتكار.

وفقا لمجلات علمية متخصصة سلطت الضوء على أبرز الاكتشافات الكونية والعلمية في خلال العام، فقد سجل تلسكوب «جيمس ويب» ما يمكن وصفه بأنه «تمرد كوني» على القواعد المعمول بها، حيث اعتقد علماء الفيزياء الفلكية طويلا أن المجرات هي الحواضن التي تنمو بداخلها الثقوب السوداء الفائقة، لكن اكتشاف الجرم السماوي (QSO1) قلب هذه المعادلة رأساً على عقب.

هذا الثقب الأسود، الذي تبلغ كتلته 50 مليون ضعف كتلة الشمس، ظهر للعلماء «عارياً» تماماً في فجر الكون، أي أنه وُجد قبل أن تتشكل النجوم والمجرات المحيطة به.

هذا الاكتشاف لا يعني فقط أن الثقوب السوداء قد تكون هي «البذور» الأولية التي نبتت منها المجرات، بل يفتح الباب أمام تساؤلات وجودية حول كيفية تراكم هذه الكتلة المهولة في وقت قصير جداً بعد الانفجار العظيم، مما يضع نظريات النشوء الكوني تحت مجهر المراجعة الشاملة.

وجاء اكتشاف «الطاقة المظلمة» بناءً على أضخم خريطة ثلاثية الأبعاد للكون جرى رسمها حتى الآن، بدأت تظهر أدلة قوية تشير إلى أن «المحرك الكوني» الذي يدفع الكون للتوسع المتسارع قد بدأ في الخمود أو التغير، بعد أن جرى التعامل مع الطاقة المظلمة كقيمة ثابتة لا تتغير، لكن الملاحظات الجديدة تشير إلى أنها في حالة ضعف.

هذا التحول يعني أن النماذج الفيزيائية التي تنبأت بمصير الكون كفضاء بارد ومشتت قد تكون خاطئة، وأننا ربما نتجه نحو مصير مختلف تماماً، حيث تعود الجاذبية لتلعب الدور القيادي في صياغة نهاية الزمان والمكان.

كما كشفت الدراسات الجيوفيزيائية في 2025 عن شبكة معقدة من «التواصل الكيميائي» بين لب الأرض وقشرتها، وثبت أن المواد البدائية المختبئة في المركز منذ مليارات السنين تجد طريقها إلى السطح عبر الوشاح، في رحلة تنظمها كيانات ضخمة تقع عند الحدود بين اللب والوشاح.

هذا الاكتشاف يغير نظرتنا لـ«محرك الأرض» الداخلي، حيث يثبت أن باطن الأرض هو نظام حي ومتصل يؤثر بشكل مباشر على التطور الجيولوجي والكيميائي لسطح الكوكب، وربما حتى على استدامة الحياة فوقه.

وأثبت العام 2025 أن الحلول لأعقد مشاكل البشر قد تكون مختبئة في جينات سحلية أو في فراء دب قطبي.

ومن أبرز هذه الاكتشافات كانت القدرة الإعجازية لحلزونات التفاح الذهبي على تجديد أعينها المبتورة بالكامل في غضون شهر واحد. التعرف على الجين المسؤول عن هذه العملية يفتح أفقاً طبياً ثورياً لعلاج إصابات العين البشرية، حيث يسعى العلماء الآن لمحاكاة هذه الآلية لترميم الأنسجة العصبية والبصرية لدى البشر.

وفي نيو أورليانز، قدمت سحالي الأنول البنية درساً في التكيف البيولوجي مع التلوث. هذه الزواحف الصغيرة تعيش وتزدهر برغم وجود مستويات مرعبة من الرصاص في دمائها، وهي مستويات كانت كفيلة بقتل أي كائن فقاري آخر.

إن فهم الأساس الجزيئي الذي يسمح لهذه السحالي بحماية أنسجة دماغها وكبدها من سموم المعادن الثقيلة لا يمهد الطريق لتطوير علاجات للبشر المصابين بالتسمم فحسب، بل يجعل من هذه الكائنات «رادارات بيولوجية» حية تحذرنا من المواقع التي تشكل خطراً على صحة أطفالنا.

ولم تكن الكائنات القطبية أقل إلهاماً، حيث كشف الباحثون سر بقاء الدببة القطبية جافة تماماً برغم غوصها في المياه المتجمدة، وذلك، من خلال «الزهم» أو الزيوت الطبيعية التي تغلف الفراء وتمنع التصاق الجليد، مما يبشر بثورة في صناعة أجنحة الطائرات وتوربينات الرياح ومعدات التزلج، لتصبح أكثر أماناً وصداقة للبيئة.

تقنيات وصلت مرحلة النضج

سلط المنتدى السنوي لـ «دافوس» لعام 2025 الضوء على عشر تقنيات ناشئة وصلت مرحلة النضج، ما يمهد الطريق لتحقيق فوائد مجتمعية واقتصادية واسعة. وتتنوع هذه الابتكارات بين مجالات الطاقة، والطب، والبيئة، والذكاء الصناعي، لتقدم حلولاً لتحديات عالمية ملحة.

ثورة في إنتاج واستخدام الطاقة تبرز مركبات البطاريات الهيكلية كتحول جذري في تخزين الطاقة، حيث تُستخدم مواد حاملة للوزن كألياف الكربون لتخزين الكهرباء، مما يجعل المركبات الكهربائية والطائرات أخف وزناً وأكثر كفاءة.

وفي مجال الطاقة المتجددة، تبرز أنظمة الطاقة الأسموزية التي تولد الكهرباء من خلال الفرق في ملوحة المياه، مستفيدة من تطور الأغشية شبه النفاذة. كما تشهد التقنيات النووية المتقدمة موجة ابتكار تشمل المفاعلات المعيارية الصغيرة، مع استمرار العمل على مشروع الاندماج النووي (ITER) لتوفير طاقة نظيفة هائلة.

آفاق جديدة في الرعاية الصحية يمهد العلم الطريق نحو العلاجات الحيوية المهندسة، حيث تُحوّل البكتيريا المفيدة إلى «مصانع أدوية» داخل الجسم، مما يقلل تكاليف الإنتاج بنسبة 70% ويوفر علاجاً مستمراً لأمراض مثل السكري.

وتظهر أدوية (GLP-1)، المستخدمة أصلاً للسمنة، نتائج واعدة في علاج الزهايمر وباركنسون عبر تقليل التهابات الدماغ. وتدعم هذه الجهود أجهزة الاستشعار الكيميائي الحيوي الذاتية التي تراقب مؤشرات المرض في الوقت الفعلي لاسلكياً. كما تبرز الإنزيمات النانوية المصنعة مخبرياً كبديل مستقر وأرخص للإنزيمات الحيوية في علاج السرطان وتنقية المياه.

الاستدامة والأمان الرقمي يسعى التوجه البيئي نحو تثبيت النيتروجين الأخضر لإنتاج الأسمدة باستخدام أنظمة حيوية، مما يحد من استهلاك الطاقة العالمي. وفي عالم البيانات، تتيح تقنية الاستشعار التعاوني ربط المستشعرات بشبكات ذكية لتحسين التنقل الحضري والرصد البيئي.

وأخيراً، لمواجهة تزييف المحتوى الرقمي، توفر العلامات المائية للذكاء الصناعي وسيلة لتمييز الوسائط المصطنعة من خلال علامات غير مرئية، مما يعزز الثقة والمصداقية عبر الإنترنت.

نوبل في الفيزياء والكيمياء

وفي مساعي تشجيع البارزين من العلماء في مجال العلوم توجت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم كل من: البريطاني جون كلارك، والفرنسي ميشيل ديفوريه، والأمريكي جون م. مارتينيس، بجائزة نوبل في الفيزياء للعام 2025، لإسهاماتهم في تطوير تقنيات حديثة تفتح آفاقًا جديدة لفهم ميكانيكا الكم.

وقالت الأكاديمية في بيان على موقع «نوبل»: «العلماء الثلاثة أسهموا في تطوير أدوات وتجارب تتيح دراسة الظواهر الكمومية على نطاقات غير مسبوقة».

كما حاز ثلاثة علماء جائزة نوبل في الكيمياء للعام 2025، من بينهم العالم الأردني الأميركي ذو الأصول الفلسطينية عمر مؤنس ياغي، مشاركة مع العالم الياباني سوسومو كيتاغاوا والأسترالي ريتشارد روبسون.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here