ميلاد المزوغي
أفريقيا برس – ليبيا. لا أريد الخوض في ماضي الشركة العريقة، لقد مرّ بحلوه ومرّه، أشرفت الشركة على خلق أيادي فنية مهرة وكوادر مالية وإدارية، استطاعت تحمل المسؤولية عند مغادرة الشركة الفرنسية التي كانت تشرف على عمليات الصيانة المختلفة بها.
المشكلة الرئيسية التي حلت بالشركة هي ما عرف بغزوة المطار يوليو 2014، والتي أودت إلى فقدان جزء كبير من أسطولها الجوي وتدمير مخازن قطع الغيار الخاصة بها، المؤكد أن هناك مسؤولين مدنيين لم يتصرفوا بحنكة ومسؤولية على الأقل بشأن “تهريب” الطائرات إلى مكان آمن خاصة أنه كانت هناك بوادر لافتعال المعركة على المطار بفعل أطراف كانوا بالأمس رفاقا وأصبحوا خصوما ألدّاء للسيطرة على المطار لما يمثله من رمز للدولة ومصدر دخل لمن يُديره، حيث قال أحدهم إن السيطرة على المطار أفضل من الحصول على وزارة.
ترى هل أقدمت الشركة على طلب التعويض من شركة التأمين بسبب خسائرها والذي يدخل ضمن القوة القاهرة؟ هل تقدمت الشركة بطلب للحكومة للتعويض عن خسائرها؟ وهل تحصلت على تعويض مناسب؟ وإن تحصلت على ذلك فيم أنفقتها؟ أم إنها لم تتقدم أساسا بطلب التعويض؟ حكومة السراج قدمت منحة للشركة تمثل في مرتبات 6 أشهر للعاملين بالشركة، بينما حكومة الدبيبة لم تقدم للشركة أي شيء ووصفت إدارتها بأنها فاشلة وفاسدة، حسنا وباعتبار الشركة تتبع القطاع العام أي وزارة المواصلات فكان الأجدر بالحكومة محاسبة إدارة الشركة وإقالتها وتعيين أخرى محلها، ولكن يبدو أن الحكومة تسعى جاهدة إلى تدمير الشركة والتوجه إلى القطاع الخاص في مجال الطيران.
على مدى العشر سنوات التالية للغزوة، أديرت الشركة من قبل أناس للأسف لم يكن همهم الشركة والعاملين بها، بل تصرفوا وكأنها شركتهم الخاصة يقومون بالتعيين العشوائي، الشركة ليست في حاجة إليهم، لأجل استرضاء ذويهم ومعارفهم ما أثقل كاهل الشركة، ومسؤولين آخرين تصرفوا على أن أموال الشركة مال عام لا يوجد من يدافع عنه، وهكذا بدأت الشركة في الهبوط الاضطراري بفعل ثلة فاسدة، بعد أن كانت تعانق السماء، ليس لها شأن بالقيادة وفي ظل عدم وجود الرقابة والمحاسبة من قبل الدولة (يفترض أنها تتبع الدولة) أمعن المسؤولين عليها على إفلاسها وتجلّى ذلك في عدم القدرة على الإيفاء بمرتبات موظفيها حيث إنها تصرف على فترات متباعدة وكأنها تقوم بادخار المرتبات لأصحابها، وهم في أمس الحاجة إليها.
شركة الخطوط الليبية قاربت على الإفلاس والإدارة مستمرة في عبثها وتعاملها مع الواقع المزري باستخفاف، موظفون يغادرون باكرا للتقاعد وآخرون ينتقلون إلى جهات أخرى.. مشكلة الشركة داخلية بامتياز فساد مستشري.. فشل في إدارة الأزمة.. الهدف هو البقاء في الكرسي لأجل المرتب ومن ثم الحصول على مرتب تقاعدي ممتاز.. الإدارة الجيدة هي التي تخلق الحلول لا تفاقم الأزمة.. وإن لم تسطع فعل ذلك فعليها الرحيل وكان الأولى بها عدم القبول بالتكليف من الأساس.. لن تتحسن أوضاع الشركة ما لم تكن هناك إدارة تعرف المطلوب منها.. وتعمل لصالح موظفيها.. حتى وإن قدمت الحكومة بعض الأموال لن يجدي ذلك.. على الإدارة مجتمعة (مجلس الإدارة والمدير المالي) الرحيل وترك المجال لغيرهم.
شركات الطيران الخاصة تعمل بكوادر الخطوط الليبية.. لو كانت هناك إدارة جيدة لما استغنت عن كوادرها، وكانت هي من تقوم بإبرام العقود مع الشركات الأخرى لضمان حقوقهم ولتحصلت على نسبة من العقود كما كانت تفعل الخطوط العراقية.. ولكن هيهات.
للأسف الشديد المسؤولين على مدى العشر سنوات الماضية كل همهم البقاء في السلطة أطول مدة ممكنه للاستفادة من الرواتب والمزايا المختلفة التي تعانق مرتبات أصحاب الفخامة من وزراء ونواب بمجلسي الأمة (النواب والدولة) ومن ثم الحصول على معاش تقاعدي يليق بما “قدموه من جهود” ويضمن لهم مستقبل ممتع.
لن تنهض الشركة إلا بإقالة الإدارة الحالية باعتبارها إحدى الحلقات في سلسلة تقييد حركة الشركة ومن ثم وأدها، والعمل على محاسبة كل من تورط في الفساد، واختيار إدارة جديدة كفؤة تعمل على النهوض بالشركة من خلال تقديم المبالغ اللازمة لذلك وإعطائها فترة زمنية محدودة لتحقيق الأهداف ومراقبتها.
نتمنى للشركة العودة للسوق الليبي الذي أصبح يشهد منافسة شرسة بين شركات الطيران العامة والخاصة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس