بدرة قعلول: مؤتمر الحوار الليبي يشدد على إنهاء التدخلات الخارجية

6
بدرة قعلول: مؤتمر الحوار الليبي يشدد على إنهاء التدخلات الخارجية
بدرة قعلول: مؤتمر الحوار الليبي يشدد على إنهاء التدخلات الخارجية

آمنة جبران

أفريقيا برس – ليبيا. احتضنت تونس، الخميس، المؤتمر التحضيري الوطني الليبي- الليبي الذي حمل عنوان “نحو دولة القانون والمؤسسات”، بمشاركة شخصيات وطنية ليبية، وممثلين عن مختلف المكونات الاجتماعية والثقافية والسياسية من جميع مناطق البلاد.

وأوضحت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية، الذي أشرف على تنظيم المؤتمر بشراكة مع مجموعة الحوار السياسي الليبي، في حوارها مع “أفريقيا برس” أن “أهم المخرجات التي دعا إليها المؤتمر هو ضرورة إنهاء التدخلات الخارجية في ليبيا، وتشكيل حكومة من قلب الشارع الليبي تستجيب لإرادة الليبيين، حيث حان الوقت أن يترك المجتمع الدولي للشعب الليبي حرية الاختيار، ويكف عن التدخل في شأنه الخاص.”

وشددت على أن “الضمانات الوحيدة لنجاح العملية السياسية في ليبيا هي أن يراقب المجتمع الدولي عن بعد ولا يتدخل في الشأن الليبي، على غرار توحيد المؤسسات وتجاوز الانقسام الحاد.”

وأكدت أن “للمؤتمر من المصداقية والشفافية ما يسمح له بالنجاح في مهمته، وربما سيكون قوة اقتراح تفرض على البعثة الأممية والأمم المتحدة قبل الأجسام السياسية التي تريد إطالة عمر الأزمة للحفاظ على السلطة على حساب مصلحة الليبيين.”

وبينت أن “أبرز رسائل مؤتمر الحوار السياسي الليبي في تونس هو أن يكون هناك حكومة موحدة ومؤسسات موحدة”، كما أن “تونس أبوابها مفتوحة لكل الليبيين لأجل الذهاب نحو المصالحة والعمل من أجل ضمان الاستقرار بالبلاد.”

بدرة قعلول هي خبيرة تونسية في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، تشغل منصب رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس. تُعرف بمشاركاتها الفاعلة في المؤتمرات والندوات الإقليمية والدولية، حيث تركز على قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة في ليبيا. كما تسعى لتعزيز التعاون العربي والدولي في مجالات الأمن والتنمية المستدامة.

برأيكم، لماذا فشل المجتمع الدولي في تطبيق قواعد معالجة الأزمات في ليبيا رغم وضعها تحت الفصل السابع؟

المجتمع الدولي فشل فشلا ذريعا في الملف الليبي، وقد وجه له الليبيون اتهامات بأنه يريد أن تبقى ليبيا هكذا على ما هي عليه من أزمات واضطرابات وهشاشة، لأنه مستفيد من هذه الوضعية في البلاد، مع ذلك هناك الكثير من الدول الحرة التي لا تريد أن ترى دولة بحجم ليبيا ليست مستقرة أو أنها شبه دولة مفككة، لكن أصوات هذه الدول ليست عالية، ولا يمثلون هيمنة كبيرة سواء داخل الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، هناك دول بعينها فشلت في ليبيا ولم تنجح في مساعدتها في عملية الاستقرار، بل أن أزمات البلد تتفاقم وتتزايد منذ سنة 2011، حتى أننا أصبحنا نتعامل مع دولتين ومع حكومتين ومع نظامين ومع ميليشيات المتخلدة في ذمتها دماء الليبيين، والتي أصبحت مندمجة داخل مؤسسات الدولة مثل وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، المجتمع الدولي يتحمل مسؤوليته التاريخية كاملة لأنه فشل في ليبيا وكانت له إرادة الفشل.

كيف تقيّمون تأثير الأجسام السياسية الحالية على إطالة عمر الأزمة ومنع إجراء الانتخابات؟

طبعا هذه الأجسام المتواجدة في المشهد السياسي مستفيدة جدا من الأزمة، أنا أعتبرهم تجار الحرب، هؤلاء مستفيدون جدا من السلطة ومن المال ومن الميليشيات ومن كل شيء، فالفساد مستشري بشكل كبير جدا، ونحن نقول أن هذه الأجسام فاشلة ولم توحد الصف الليبي، ولم تعمل على تنظيم انتخابات حرة وشفافة، التي كان من المفروض أن تذهب إليها منذ سنة 2021،بعد عشرة سنوات من التطاحن، لكن لا يمكن في بلد يعاني من تدخل أجنبي ومتواجد به قواعد عسكرية، ونقول هذا بصراحة، أن يقوم بانتخابات، والأتعس من ذلك أنه هنالك تشكيلات ومرتزقة وكتائب وميليشيات تعرقل كذلك المرور إلى هذا الاستحقاق، ثم كذلك المال الفاسد، الموجود في كل مكان، يقف عائقا أمام تنظيم انتخابات حرة وشفافة حسب إرادة الشعب الليبي، وهذه الأجسام تتحمل مسؤوليتها في كل هذا.

إذن كل الأجسام التي تلعب أدوار في السلطة اليوم، هي أجسام تريد أن تطيل مثلها مثل بعض الدول في المجتمع الدولي من عمر الأزمة، اليوم مثلا، الجمعة 30 مايو، ربما قد تشهد البلاد مظاهرات كبيرة جدا وقد ترافقها مشاكل أمنية، وفي الواقع لدي تخوف كبير جدا من المظاهرات الحاشدة والشعب الذي سيخرج إلى الشارع للإطاحة بهذه الحكومة الفاسدة التي لم تفعل شيء سواء أنها فاقمت الأزمة.

ما هي أبرز العقبات أمام توحيد المؤسسات السيادية في ليبيا؟

أبرز العقبات في عملية التوحيد هي الحكومات بالأساس، هناك سلطة في الشرق، وسلطة أخرى في الغرب، يعني كل الأجسام السياسية المتواجدة في ليبيا في حد ذاتها عقبة أمام توحيد المؤسسات، كل طرف يعتقد أن مؤسسته هي الأنجع بسبب ولاءها له، على عكس المؤسسة الأخرى، وبالتالي بحكم مفهوم الولاءات فإن هذه المؤسسات لن تتوحد إلا بإرادة شعبية قوية وقوية جدا على شاكلة المشاركين بالحوار الذي وقع تنظيمه في تونس والمجموعة التي حضرت معنا في المؤتمر من كل الأطياف السياسية الليبية من الأحزاب ومن المنظمات ومن مختلف المناطق الجغرافية، هؤلاء هم من يستطيعون أن يوحدوا مؤسسات الدولة الليبية.

هل تعتقدون أن خارطة الطريق المطروحة في المؤتمر قادرة على توحيد الحكومة الليبية؟

أكيد أن للمؤتمر من المصداقية والشفافية ما يسمح له بالنجاح في مهمته، وربما سيكون قوة اقتراح تفرض على البعثة الأممية والأمم المتحدة قبل الأجسام السياسية التي هي أصلا مصيرها ليس بيدها.

أكيد أن خارطة الطريق التي وقع الإعلان عنها في المؤتمر هي محل إجماع، وأبرز ما طالبت به هو أن ليبيا فوق الجميع، وأنه يجب توحيد الشعب الليبي حتى تخرج البلد مبدئيا من البند السابع، وحتى تتمكن من التخلص من الهيمنة الدولية، كل هذه المخرجات يجب أن يستمع المجتمع الدولي إليها.

كيف يمكن تفعيل مبدأ المصالحة الشاملة بين مختلف المكونات الاجتماعية الليبية؟

تفعيل مبدأ المصالحة من خلال الاستماع إلى صوت الحكمة والعقل، لأنه على ما يبدو أن أهم المكونات الليبية التي تريد مصلحة ليبيا هي مقصاة، وتم إبعادها، ومن له ولاء لدول أجنبية هم في السلطة الآن، ولهذا فإن الموضوع الليبي خطير وينحدر بسرعة كبيرة، هذه الأجسام ستكون فاعلة إذا تم إعطاءها على الأقل مساحة للاستماع إليها وإلى مقترحاتها، هذه الأجسام التي تبتعد عن كل ماهو تدخل خارجي يمكن أنها تذهب إلى مستوى بعيد وستكون لها حاضنة شعبية كبيرة جدا.

ما الآليات التي ترونها واقعية لضمان عدم تكرار النزاع السياسي مستقبلاً؟

هناك الكثير من الآليات التي وضعت، وقد تم الاتفاق عليها في البيان الخاص بالمؤتمر وكنت أنا معهم، لكن أهم الآليات برأيي لعدم تكرار النزاع هو أن تخرج حكومة من قلب الشارع الليبي، والشعب فقط هو من يختار من يمثله في السياسة وفي الحكم سواء على مستوى السلطة التشريعية أو التنفيذية وحتى القضائية، لأن هذا التدخل الخارجي في الشأن الليبي منذ سنة 2011 إلى اليوم لم يعد مقبولا، يجب أن يقع اتفاق على تشكيل حكومة من ليبيا وليس من جنيف أو غيرها، لهذا اختارت الشخصيات التي شاركت في هذا الحوار، تونس لأنهم يعتبرونها مثل بلدهم ليبيا، حيث لا يوجد اختلاف على تونس بين كل الليبيين، وهي نقطة مهمة جدا وتاريخية ستلعبها تونس مع الشعب الليبي من أجل ضمان استقراره.

كيف ترون دور دول الجوار والمجتمع الدولي؟ دعم فعّال أم تدخل سلبي؟

دول الجوار لها دور مهم في الملف الليبي مثل تونس ومصر والجزائر، طبعا هذه الدول الثلاث تهتم جدا باستقرار ليبيا، ودورها يجب أن يكون محوريا في هذا الملف لأنه لا يمكن الحديث عن ليبيا مستقرة دون دعم دول الجوار.

ما نوع الضمانات الدولية والمحلية التي ترون أنها ضرورية لإنجاح العملية السياسية؟

الضمانات الوحيدة هي أن يراقب المجتمع الدولي عن بعد ولا يتدخل في الشأن الليبي، عليه ترك الشعب الليبي يشتغل ويقرر مصيره بنفسه، لأن أي تدخل حتى لو عن حسن نية لن يقبل به الليبيون، خاصة بعد تجاربهم مع الدول الأجنبية والأمم المتحدة والبعثة الأممية، التي برأيهم هي تجربة فاشلة، وبالنسبة لهم هذه الدول لم تعد ضامنة لاستقرار دولتهم، لذلك يجب أن يتركوا لليبيين حرية الاختيار ولا يتدخلون في شأنهم الخاص.

ما رأيكم في الإطار القانوني الذي يستند إليه فريق الحوار والمصالحة؟ وهل تروْن فيه تمثيلاً حقيقياً لإرادة الليبيين؟

هو شرعي أكثر منه قانوني، باعتبار أن أغلب الأحزاب والمنظمات قد انخرطوا في هذا الحوار وهذا الأهم، هناك أغلبية ليبية كبيرة جدا تمثلها أكثر من 200 شخصية تحت قيادة مجموعة كبيرة من الأحزاب والمنظمات شاركت في هذا الحوار، لذلك هو شرعي وقانوني.

ما الرسالة الأساسية التي تودون إيصالها من خلال هذا المؤتمر؟

رسائل المؤتمر عديدة أولها أننا نتمنى الاستقرار والأمن للشعب الليبي، نتمنى أن يكون هناك حكومة موحدة ومؤسسات موحدة وليبيا موحدة، الرسالة التي نريد أن نبعثها كذلك بالتوازي مع هذه الرسالة، هي أن تونس تحتضن كل الحوارات الليبية والمصالحة الليبية وأن أبوابها مفتوحة لكل الليبيين لأجل المصالحة والعمل من أجل خير الشعب الليبي، تونس لا تتدخل في الشأن الليبي، وليست لها أجندات خاصة بالعكس تريد لليبيا الاستقرار، وتتمنى لهذا الحوار النجاح، وأن يقول الشعب الليبي كلمته في الأخير، وهذا يصب في مصلحة الجميع سواء كانت تونس أو ليبيا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here