تداعيات ترحيل أزمات عام 2022!

6
تداعيات ترحيل أزمات عام 2022!
تداعيات ترحيل أزمات عام 2022!

أفريقيا برس – ليبيا. كان عام 2022 عاماً صعباً ومعقدا بأزماته وصراعاته وحروبه، من حرب روسيا على أوكرانيا إلى عودة تفشي وباء كورونا في الصين، والتصعيد الصيني ضد تايوان وتغير التحالفات وانعكاساتها على العلاقات الأمريكية-الصينية، واستضافة قطر التاريخية والاستثنائية لكأس العالم لكرة القدم كأول دولة خليجية وعربية ومسلمة وشرق أوسطية جعلتنا جميعاً شركاء في الفرح والفخر بأن تنظيم البطولات العالمية لم يعد حكراً على الدول الكبرى والعظمى والغربية، بل نستطيع ليس منافستها ولكن حتى التفوق والتميز.

سيُعرف عام 2022 أنه عام الحسابات الخاطئة التي تتسبب بكوارث القرارات المكلفة، أبرزها شن الرئيس بوتين حربه على أوكرانيا وتهديد الأمن والاستقرار الدولي، بكل التداعيات على صراع القوى الكبرى. وللمرة الأولى تتسبب حرب بعد الحرب العالمية الثانية بالتلويح باستخدام السلاح النووي الذي شكل توازن الرعب والهلاك الأكيد لجميع الأطراف، وكان السبب الرئيسي لمنع حرب عالمية ثالثة وربما نووية. قللت حسابات بوتين بحكمه الفردي وحساباته الخاطئة من شجاعة ومقاومة الأوكرانيين وقدرتهم على القتال والصمود، وكذلك بسوء تقديره إصرار الغرب على المواجهة والدعم اللامحدود للمجهود العسكري الأوكراني لتكبيد بوتين خسائر فادحة بالأرواح والجنود والمعدات، والتشكيك بسمعة وكفاءة الترسانة العسكرية الروسية. حيث تكبد الجيش الروسي خسائر فادحة تجاوزت 100 ألف قتيل وجريح ومفقود وأسير. كما اضطرت روسيا للاستعانة بصواريخ كوريا الشمالية ومسيرات إيران في تآكل لهيبة وكفاءة القدرات الروسية بعد فرض عقوبات ونزف الاقتصاد الروسي واللجوء للتعبئة الجزئية وضم أربعة أقاليم في شرق أوكرانيا في انسداد أفق كلي للحرب وغياب مبادرات التفاوض لحل سلمي، وعزم الولايات المتحدة والغرب إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في حرب استنزاف وحرب بالوكالة لمنع بوتين من التخطيط لحرب جديدة ضد دولة أخرى في مناطق نفوذه القريبة!

وكذلك من تداعيات حرب بوتين المستمرة استنفار وتغير تركيبة حلف الناتو بزيادة الدول الأعضاء من 30 إلى 32 عضوا واقترابه أكثر إلى حدود روسيا، بانضمام فنلندا والسويد للحلف. وعلى أمن ومستقبل أوروبا التي تجنح للمزيد من العسكرة وزيادة الإنفاق العسكري، بعدما تغيرت جغرافيتها بالقوة المسلحة منذ احتلال القوات الروسية شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، وقبلها تدخل روسيا العسكري في جورجيا عام 2008. ومع الحرب التي تقترب من إنهاء عامها الأول بعد شهر ونصف، وما يترتب على الحرب من تهديد الاستقرار العالمي وأمن الطاقة والأمن الغذائي.

كما شهد عام 2022 انتخابات الكونغرس المفصلية في الولايات المتحدة بما يعرف التجديد النصفي، حيث أصيب الحزب الجمهوري وزعيمه وعرابه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يأفل نجمه بانتكاسة غير متوقعة، لم تثمر على اكتساح كما كان يأمل بموجة حمراء! بل زاد الرئيس بايدن وحزبه الديمقراطي من غلتهم وحافظوا على أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، وخسروا مقاعد محدودة في مجلس الشيوخ، ما يعمق الشرخ والانقسام السياسي والحزبي الأمريكي، من نتائجه تراجع نموذج الديمقراطية الأمريكية كنموذج محفز وملهم لدعاة الحرية والديمقراطية واحترام نتائج صناديق الاقتراع التي طعن الرئيس ترامب وجماعته بشرعيتها…والمؤسف أن عدوى الطعن ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات وصناديق الاقتراع تمددت من أمريكا ترامب وجماعته، إلى ترامب البرازيل وأمريكا اللاتينية حيث اقتحم أنصار الرئيس الخاسر بولسونارو مبنى الكونغرس والرئاسة والمحكمة العليا الأسبوع الماضي رافضين الاعتراف بفوز ورئاسة الرئيس اليساري لولا دي سيلفا، وقد رفض بولسونارو الإقرار بهزيمته ورفض تهنئته والمشاركة في حفل تنصيبه رئيساً مطلع العام الحالي، في تكرار لمواقف ترامب برفض تهنئة بايدن والمشاركة كما ينص البروتوكول بحفل تنصيب الرئيس بايدن.

كما ستكون هناك تداعيات كبيرة على الانقسام الأمريكي الداخلي سياسياً بصراع داخل الحزب الجمهوري والجدل هل ترشح الرئيس بايدن لفترة رئاسة ثانية وتداعيات التحقيقات الفيدرالية بتجاوزات ترامب السياسة والمالية وتراجع وأفول نجمه داخل حزبه، وهل ستحيله وزارة العدل للتحقيق ويحاكم على جرائمه الجنائية؟ ويتعمق تراجع نفوذه وأفول نجمه بعد تمرد الجناح المحافظ داخل حزبه وتعطيل عمل الكونغرس بـ15 جولة لانتخاب رئيس مجلس النواب الجمهوري كفين ماكارثي الذي سيكون رهينة لابتزاز الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري. وهل ستقضي كل تلك التركة على فرص ترشح ترامب للرئاسة لفترة ثانية؟

شهد عام 2022 انكماش الاقتصاد العالمي بسبب تداعيات جائحة كورونا وارتفاع التضخم لأعلى مستويات له في أربعين عاماً خاصة في أمريكا وبريطانيا، وحذرت مديرة عام صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا من تعرض ثلث اقتصادات العالم إلى ركود عام 2023 خاصة، إذ ستمرت اقتصاديات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين تشهد تباطؤ نمو اقتصاداتها. وسيكون من أهم تحديات عام 2023، التعامل مع تداعيات تركة عام 2022 وخاصة الأزمات التي لم تحسم وأهمها تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا ومواجهة التضخم والحد من الكساد العالمي وارتفاع أسعار السلع وتأمين إمدادات الطاقة والغذاء وتأمين سلاسل الإمدادات.

إقليمياً يبقى التحدي الرئيسي المواجهة بين إيران والغرب حول برنامجها النووي وهل سنشهد اختراقاً والتوصل لاتفاق نووي؟ هل ستبقى الهدنة بين السعودية والحوثيين؟ وماذا عن النار تحت الرماد في العراق؟ وانسداد الأفق في سوريا؟ وماذا عن السقوط الحر للاقتصاد وانهيار الجنيه في مصر؟ ومآلات الانقسام والتشظي السياسي في ليبيا؟ وأزمة تراجع ديمقراطية تونس؟ وهل سيشهد لبنان انتخاب رئيس وتشكيل حكومة توقف الانهيار الاقتصادي الكلي والعملة اللبنانية؟ وهل ستقود سياسات وتشدد حكومة أقصى اليمين المتطرفة بتحالف نتنياهو مع عتاة اليمين والحاخامات الأصوليين والتضييق على الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية لتفجر انتفاضة ثالثة تدفع المنطقة إلى حافة الهاوية؟

أزمات إقليمية ودولية متعددة.. لا شك ستكون لها تداعيات وأثمان نأمل ألا تكون باهظة ومكلفة!

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here