تساؤلات حول مدى استجابة الليبيين لدعوة حفتر من أجل حراك سلمي

تساؤلات حول مدى استجابة الليبيين لدعوة حفتر من أجل حراك سلمي
تساؤلات حول مدى استجابة الليبيين لدعوة حفتر من أجل حراك سلمي

جاكلين زاهر

أفريقيا برس – ليبيا. أثارت دعوات عدّة أطلقها القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، لدى استقباله وفوداً قبلية بـ«التحرك السلمي» يقوده الشعب لإحداث «تغيير جذري» في المشهد السياسي، تساؤلات حول مدى استجابة الليبيين لذلك، وقدرتهم على تحويلها إلى واقع على الأرض.

وكان حفتر قد استقبل في مقر القيادة العامة بشرق ليبيا ممثلين عن قبائل من شرق وغرب وجنوب البلاد، وبدت هذه اللقاءات «محاولةً لإعادة ترتيب قاعدته الشعبية وتهيئتها لمرحلة سياسية جديدة أو تحرك مرتقب».

ورأى السفير الليبي السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم قرادة، أنه «من الصعب الحكم على قدرة حفتر في تحريك الشارع لغياب ملامح مشروعه السياسي الواضح»، مشيراً إلى أن «هذا الغموض يجعل قياس التجاوب الشعبي أمراً معقداً». ويوضح قرادة، لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاءات حفتر مع القوى القبلية «قد تهدف إلى تحشيد الشارع لإنهاء وضعية الانقسام، لكنها قد تكون أيضاً مجرد ورقة ضغط لكسر الجمود السياسي وتعزيز موقعه في أي مفاوضات مقبلة، كما يتشكك البعض».

وأضاف قرادة، وهو المدير التنفيذي للمعهد الدولي للبحوث والدراسات الليبية، أن «الانقسام السياسي والمؤسسي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، والضغوط المعيشية، عوامل أخرى تقلل من دفع الشارع إلى الاحتشاد خلف دعوة الحراك، أياً كان مطلقها».

وتتنازع السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، والثانية حكومة أسامة حماد المكلفة من البرلمان، تدير المنطقة الشرقية، وبعض مدن الجنوب بدعم من «الجيش الوطني».

ويعدّ مؤيدو حفتر أن لقاءاته مع ممثلي القبائل جزء من مشاورات تهدف إلى «توحيد الموقف الوطني والدفع نحو حراك سلمي للخروج من الانسداد»، في حين يرى معارضوه أنه يسعى إلى «تفويض شعبي أو يطرح مبادرة ظاهرها سياسي وباطنها عسكري، في محاولة لقطع الطريق على تنفيذ الخريطة السياسية للبعثة الأممية، التي تتضمن إجراء الانتخابات، ومن ثم إنهاء نفوذ كل مراكز القوى الحالية».

ويرى قرادة أن لقاءات حفتر مع أعيان من قبائل الغرب «أسهمت في تأسيس حواضن اجتماعية أولية قد تمنحه دعماً إضافياً»، إلا أنها قد «تدفع خصومه إلى التكتل ضده، بما قد يزيد الانقسام»، محذراً من أن «توازنات القوى الدولية والإقليمية تجعل أي تحرك شعبي محتمل عرضة للعرقلة أو إعادة التوظيف سياسياً، ما يبقي السيناريوهات مفتوحة بين كسر الجمود أو تعقيد المشهد».

أما رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية» أسعد زهيو، فيرى أن «درجة الاستجابة لأي حراك تعتمد على اتساقه مع القوى الأمنية والعسكرية في المنطقة المستهدفة». ويستبعد زهيو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «يكون نطاق الحراك في مناطق نفوذ حفتر بالشرق والجنوب»، عادّاً أن «أي محاولة لتحريكه في الغرب ستواجه صعوبات كبيرة».

وعدّ زهيو أن لقاء حفتر مع أعيان من قبائل الغرب الليبي مثل ترهونة والزاوية والزنتان «يُمثل اختراقاً مهماً لمعسكر خصومه»، لكنه شدد على أن «نتائج أي خطوات قبلية في تلك المناطق وغيرها ستظل مرهونة بمدى اقتناع الشارع بأهداف هذا الحراك، وهل سيُحقق إنهاء الانقسام وتحسين المعيشة، أم سيكون أداة لتعزيز نفوذ طرف معين؟».

وبشأن البعثة الأممية لدى ليبيا، فيرى زهيو أنها «لن تستطيع فعل الكثير، رغم ما قد تسببه هذه الدعوات من تعقيد لخريطتها السياسية».

وانضم الباحث السياسي الليبي أسامة الشحومي للآراء التي ترى أن «إخفاق البعثة الأممية في حل الأزمة السياسية للبلاد منذ أكثر من عقد، وفشلها في تحقيق توافق في ملفات كبرى مثل توزيع العائدات النفطية، مصدر الدخل الرئيسي للبلاد، قد يمنح دعوة حفتر فرصة للنجاح».

ورأى الشحومي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف الرئيسي من لقاءات حفتر مع القوى القبلية هو الحصول على تفويض سياسي واجتماعي، وليس مجرد خروج مظاهرات».

ويرى الشحومي أن استمالة مدينة مصراتة، ذات الثقل السياسي في الغرب الليبي ومسقط رأس الدبيبة، «ستظل العائق الأبرز» أمام أي دعوات لحفتر، إضافة إلى معارضة قوى دينية وسياسية محسوبة على رئيس حكومة «الوحدة»، في مقدمتها المفتي المعزول الصادق الغرياني، فضلاً عن ذاكرة الصراع بين «الجيش الوطني» وطرابلس.

ويلفت الشحومي إلى أن «القبيلة لا تزال فاعلاً مؤثراً، وأن الإجراءات التي اتخذتها أجهزة أمنية تابعة لحكومة «الوحدة»، كالقبض على شخصيات قبلية بمدن الغرب الليبي ممن اجتمعوا مع حفتر، تبرهن على وجود مخاوف من تأثير هذه اللقاءات، ومحاولة منع تكرارها».

أما الناشط السياسي الليبي حسام القماطي فقد وصف لقاءات حفتر بأنها محاولة لإيجاد «غطاء شعبي لأي تحرك سياسي أو عسكري؛ والإيحاء بامتلاكه ذلك الغطاء لتعزيز موقعه في أي مفاوضات نهائية حول مستقبل ليبيا، سواء برعاية أممية أو أميركية».

وأضاف القماطي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن حفتر «سعى للاستفادة من الوضع الراهن؛ أي تباطؤ تنفيذ مراحل (الخريطة الأممية)»، لافتاً إلى أن الليبيين «سئموا من الكشف عن وقائع فساد ضخمة مؤخراً؛ كما أن لقاءاته مع قبائل من غرب البلاد تعد بمثابة إعادة تموضعه بوصفه شخصيةً وطنيةً تسعى لتجاوز الانقسام، لا قائداً عسكرياً محسوباً على رقعة بعينها».

وسبق لـ«الجيش الوطني» بقيادة حفتر أن شنّ حرباً على العاصمة طرابلس مطلع أبريل (نيسان) 2019، خلّفت آلاف القتلى والجرحى، وانتهت بسحب قواته في يونيو (حزيران) إلى خط سرت-الجفرة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here