تفاقم البطالة في ليبيا… الأزمة مستمرة وطرق مكافحتها مجهولة

12
تفاقم البطالة في ليبيا... الأزمة مستمرة وطرق مكافحتها مجهولة
تفاقم البطالة في ليبيا... الأزمة مستمرة وطرق مكافحتها مجهولة

أسامة علي

أفريقيا برس – ليبيا. بينما تتضارب الأرقام الرسمية حول نسب البطالة في ليبيا، تتفاقم حدة الأزمة، في وقت لا تملك الحكومة أيّ حلول ناجعة لمواجهتها، كما لا تسعى لتوفير فرص عمل جديدة لعشرات آلاف العاطلين عن العمل.

وأثارت تصريحات وزير العمل والتأهيل بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، علي العابد، بشأن تقلص نسب البطالة، وانخفاض نسب الباحثين عن العمل من 340 ألفاً إلى 220 ألفاً، جدلاً واسعاً حول نسب البطالة الحقيقية في البلاد.

وحسب تصريحات المسؤول الحكومي التي بثتها منصة “حكومتنا” في نهاية يوليو/ تموز الماضي، فإنه لا رقم دقيقاً لمعدل البطالة في ليبيا، وأنّ السبب يتمثل في عدم قدرة الحكومة على حصر عدد العاملين في القطاع الخاص، بينما أكد أن عدد الموظفين في القطاع العام يزيد عن مليونين و400 ألف موظف.

وتتضارب تقديرات نسب البطالة في ليبيا، ففي حين أشار تقرير لمركز المعلومات والتوثيق الحكومي إلى أنها لم تتجاوز 6 في المائة في نهاية عام 2018، قال وزير العمل والتأهيل في حكومة الوفاق الوطني السابقة، المهدي الأمين، إنها وصلت إلى 15 في المائة بحلول منتصف عام 2019.

ويؤكد التقرير المشترك للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “أسكوا” ومنظمة العمل الدولية، الصادر في نهاية عام 2020، أنّ البطالة في ليبيا ظلت مستقرة نسبياً ما بين 18 إلى 19 في المائة خلال السنوات العشر الماضية، لكن الباحثة الاجتماعية، حسنية الشيخ، ترى أنّ هذه “مجرد نسب تقديرية”.

وكشف العابد في تصريحاته أنّ “الوزارة بصدد إطلاق برامج تدريب للمواطنين بالتعاون مع شركات أجنبية، بهدف إدماجهم في القطاع الخاص في جميع المناطق”، مشيراً إلى وجود خطة لتدريب الباحثين عن العمل في ثلاث مناطق كبرى، فضلاً عن قرب إطلاق حملة تفتيش عمالي بغرض حصر أعداد العاملين في القطاعين الخاص والعام، وذلك من خلال عدة إجراءات، من بينها تفعيل منظومة ربط جميع المكاتب على مستوى البلاد بهدف بناء قاعدة معلومات. لكنه لم يحدد موعداً لتلك الحملة.

وفي توجه جديد، أشار وزير العمل إلى وجود برنامج لإدماج الشباب المنضمين إلى المجموعات المسلحة، باعتباره أحد المشاريع الأساسية لدعم استقرار ليبيا، وأن المبادرة تستهدف تأهيل هؤلاء الشباب، قبل إعادة إدماجهم في سوق العمل.

وتصف الشيخ تلك الخطوات والإجراءات بأنها “مكررة”، وتقول لـ”العربي الجديد”: “الجديد هو اعتراف الوزير بعدم وجود أرقام دقيقة لحجم البطالة في البلاد، وهذا صحيح، فكل الأرقام المعلنة تقديرية، وعلاوة على أن النسبة التي كشف عنها الوزير السابق بعيدة عن الواقع. لكن أيضاً نسبة 6 في المائة التي يتم الحديث عنها لا يمكن أن تكون صحيحة”.

وترى الشيخ في ذات الوقت أن إعلان الوزير الحالي ارتفاع عدد الموظفين في القطاع الحكومي إلى أكثر من مليونين و400 ألف موظف، يعد “أمراً خطيراً، واعترافاً ضمنياً بارتفاع نسب البطالة بشكل كبير، فأغلب الموظفين في القطاع العام لا يعملون أصلاً، ما يعني وجود بطالة مقنعة تستنزف أموال الدولة من خلال رواتب شهرية بلا عمل”.

وتواصل: “خطط الوزارة الأخرى تبدو أحلاماً، وأعتقد أنني سأكون واقعية إذا اعتبرتها مجرد أفكار تتكرر منذ سنوات، إذ نسمع عن خطط لاستيعاب المقاتلين الشباب في صفوف المليشيا، وأخرى تتحدث عن اشتراط السلطات على الشركات الأجنبية توظيف مواطنين ليبيين. كيف يمكن للحكومة الضعيفة أمام سطوة المليشيا إقناعها بترك عناصرها للسلاح؟ هذا يعني إضعاف دور تلك المليشيات، أما الشركات الأجنبية، فالجميع يعلم أنها غادرت البلاد، ولن ترجع في القريب المنظور، وتنتظر الاستقرار الأمني”.

لكنّ عدداً من الشباب الليبيين لديهم رؤية أخرى لحل أزمة البطالة، إذ يطالب مجدي كريد، المتخرج من جامعة الجيل الغربي، أقرانه بعدم انتظار الحلول الحكومية، وأن يتجهوا إلى العمل بالقطاع الخاص من خلال تعلم المهن والحرف، وأن يتوقفوا عن البحث عن وظائف حكومية. تعلم مجدي حرفة البناء من أحد اقاربه بعدما أمضى معه ما يزيد عن عامين، ويقول لـ”العربي الجديد”: “أعمل حالياً لحسابي الخاص بعد أن أتقنت الحرفة، وأرحّب بأي شاب يرغب في التعلم، ولا يريد أن يبقى حبيس أحلام انتظار التوظيف الحكومي”. وعلى العكس من انخراط بعض الشباب الليبيين في المليشيات المسلحة بسبب دفعها رواتب كبيرة، يفضّل قطاع آخر منهم العمل في المهن الخاصة، والتي يرى كريد أن من بين فوائدها أنها “تشغل وقت الشباب، وتقطع الطريق أمام انجرافهم في تيار الانحراف، أو تحولهم إلى مدمنين، أو مجرمين”.

اتجه نبيل الجعيدي أيضاً إلى العمل بالقطاع الخاص، لكن ضمن تخصصه في هندسة الحواسيب، من خلال فتح ورشة لإصلاح الحواسيب، وذلك بعد أن انتظر طويلاً قبول طلب توظيف قدمه في مركز البحوث الصناعية في العاصمة طرابلس، من دون أي جدوى.

وعلى غرار كريد، يرحّب الجعيدي أيضاً بتعليم غيره من الشباب حرفته، معتبراً أن السنوات التي قضاها في الدراسة أفادته، لكنه يوضح لـ”العربي الجديد” أن “هذه الحرفة يمكن أن يتعلمها أي أحد عبر التدريب”. وتؤكد الشيخ زيادة إقبال الشباب على تعلم الحرف المهنية، لكنها تراها وسيلة محدودة، ولا تحقق فرصاً حقيقية لتجاوز أزمة البطالة الكبيرة، إلّا إذا احتضنتها السلطات بواسطة تبني المشاريع الصغرى، ومنح الدعم لأصحابها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here