نسرين سليمان
أفريقيا برس – ليبيا. أثارت موافقة مجلس النواب الليبي بشكل أحادي على فرض رسوم على بيع النقد الأجنبي في وقت تعيش فيه البلاد وضعاً اقتصادياً صعباً، جدلاً واسعاً وانقساماً داخل أروقة المجلس الذي اعتاد خلافات كهذه، حيث وعلى مدار سنوات أصدرت هيئة رئاسة المجلس عدداً كبيراً من القرارات دون الرجوع لبقية الأعضاء.
والخميس، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قرارًا بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27% لكل الأغراض، حتى نهاية العام الجاري 2024، وذلك بعد اقتراح محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.
ونصت المادة الأولى من القرار رقم 15 لسنة 2024، على أن يكون سعر الصرف مضافًا إليه نسبة 27% مع إمكانية تخفيضه حسب ظروف الإيرادات للدولة الليبية، وذلك خلال مدة سريان القرار.
جاء القرار صادرًا ومُوقَّعًا من عقيلة صالح، ولم يتضح إن كان صادرًا عن مجلس النواب أو هيئة رئاسة المجلس، لكن عقيلة قال خلال لقاء تلفزيوني، إن لجنة المالية بالمجلس وافقت على مقترح محافظ المصرف المركزي بفرض ضريبة على النقد الأجنبي بشكل موقت لضمان استقرار سعر الصرف.
ونصت المادة الثانية من القرار على أن يُكلف محافظ مصرف ليبيا المركزي بتنفيذ القرار، وذلك بتعديل سعر بيع العملات الأجنبية بما يتوافق مع هذه الضريبة المفروضة، وتحديد القيمة المضافة على بيع تلك العملات مقابل العملة الليبية، على أن تتوفر العملة الأجنبية بكل المصارف العاملة بليبيا.
وتطرقت المادة الثالثة من القرار إلى الإيرادات المحصلة من الرسم الضريبي، بتوجيهها إلى تغطية نفقات مشروعات تنموية إذا دعت الحاجة لذلك، أو تضاف إلى الموارد المخصصة لدى المصرف المركزي لسداد الدين العام بموجب قانون مجلس النواب رقم 30 لسنة 2023م.
وفي 27 شباط / فبراير الماضي، اقترح محافظ مصرف ليبيا المركزي في خطابه لرئيس مجلس النواب، تعديل سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وفرض ضريبة بـ 27% على النقد الأجنبي.
ورأى الكبير أن يكون سعر الصرف ما بين 5.95 و6.15 دينار للدولار الواحد، بعد فرض ضريبة 27% لجميع الأغراض باستثناء القطاعات التي تمول من الخزانة العامة ذات الطابع السيادي والخدمي فقط، مبيناً أن سعر الصرف الجديد سيكون مطبقاً على جميع الأغراض عدا القطاعات السيادية والخدمية الممولة من الخزانة العامة.
وعلى إثر ذلك، طالب 29 عضوًا بمجلس النواب رئيس المجلس عقيلة صالح بسحب قراره رقم 15 لسنة 2024 بشأن فرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27%.
وفي حين أثار قرار عقيلة صالح ردود فعل فورية، دعا النواب إلى عقد جلسة عاجلة لمناقشة الأمر، مشيرين إلى أنه في حال عدم الاستجابة سيلجأون إلى القضاء لوقف القرار.
وأعرب الأعضاء في بيان مشترك، عن أسفهم من القرار الذي وصفوه بالمجحف بحق المواطن البسيط، وأنه غير مدروس، مؤكدين أن القرار تجاوز صلاحيات رئيس مجلس النواب المخولة له وفق القانون رقم 4 لسنة 2014 بشأن اللائحة الداخلية للمجلس، مشددين على أنه لا يمكن فرض ضريبة إلا بقانون يصدر عن قاعة المجلس.
ولفتوا كذلك إلى ما تمثله هذه الخطوة من ضرر على المواطن، دون أن تكون حلاً لأي مشكلة، بل تشجيعاً على المزيد من الصرف خارج القانون وتغطية للنهب الحاصل في مختلف بنود الميزانية.
وأشاروا إلى ابتعاد هذا الخيار عن الحل السليم المتمثل في تشكيل حكومة جديدة وإصلاحات حقيقية ووقف الصرف خارج إطار القانون ومعالجة الصرف المجهول، الذي تحدث عنه البنك المركزي، وليس تحميل المواطن أخطاء الآخرين.
وفي السباق، قال عضو مجلس النواب عبد السلام نصيّة، إن القرار المتداول المنسوب لرئيس مجلس النواب بشأن فرض ضريبة على سعر الصرف لم يصدر عن مجلس النواب وفقًا للقانون رقم 4 لسنة 2014 بشأن النظام الداخلي للمجلس، وإنما صدر عن رئيس المجلس منفردًا.
وأضاف نصية، في منشور عبر صفحته على فيسبوك، أن “القرار المتداول في حال كان صحيحًا، فإنني لا أوافق عليه، وقد عبَّرت ومعي بعض الزملاء على ذلك حتى قبل صدوره”.
وفي السادس من آذار/مارس الجاري، أصدر 34 عضوًا في مجلس النواب، من بينهم عبد السلام نصية، بيانًا يرفض مقترح فرض ضريبة على سعر الصرف، مطالبين في الوقت نفسه بإعادة تعيين مجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي، مع إمكانية التوافق مع مجلس الدولة حول منصب المحافظ، وتشكيل فريق من الخبراء الليبيين لدراسة الأزمة المالية، بالإضافة إلى التحقيق في مزاعم وجود إنفاق موازٍ مجهول المصدر.
وعلى صعيد آخر، قال زياد دغيم مستشار رئيس المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية، إن قرار فرض رسم على بيع النقد الأجنبي هو أمر من اختصاص المجلس الرئاسي، مذكراً بقرار رئيس حكومة الوفاق الوطني سابقاً، فائز السراج، رقم 1300 لسنة 2018 في هذا الصدد، والذي طبقه المصرف المركزي حينها.
وأضاف دغيم، الخميس، أن تداعيات القرار وفق التجربة السابقة غير مشجعة، حيث أدى إلى فساد غير مسبوق وانهيار الدينار وتضخم الميزانية العامة وزيادة الفقر ومعاناة الشعب.
ورأى دغيم أن رئيس المجلس الرئاسي يحتاج إلى تشكيل لجنة خبراء اقتصاد والعمل بتوصياتهم، وهو الطرح الذي قدمه في السادس من مارس الجاري 34 عضوًا في مجلس النواب عندما عبروا عن رفضهم مقترح فرض ضريبة على سعر الصرف.
واعتبر مستشار المنفي زياد دغيم، أن قرار عقيلة من الناحية القانونية متناقص في نصوصه، مشيرًا إلى أنه في المادة الأولى يذكر مصطلح رسم، بينما في المادة الثانية يعرفه كضريبة، مشيراً إلى أن الرسوم من اختصاص أعلى سلطة تنفيذية، أما الضريبة فتحتاج قانونًا من البرلمان وليس قرارًا منفردًا من رئيسه، لذلك اعتبر أن القرار لن يصمد أمام الطعون.
وردًا على الاتجاه حول فرض رسوم وليس تعديل سعر الصرف، قال دغيم إن تعديل سعر الصرف يحتاج إلى قرار مجلس إدارة المصرف المركزي مكون من 9 أعضاء، ثلاثة بالصفات وهم المحافظ ونائبه ووكيل وزارة المالية، و6 خبراء، متابعًا: “حاليًا، لا يوجد مجلس إدارة؛ لأن تشكيله يحتاج إلى توافق مجلسي النواب والدولة بموجب اتفاق بوزنيقة الناتج عن خارطة الطريق المكملة للاتفاق” السياسي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس