شعبان أبو ستة لـ”أفريقيا برس”: مسلسل فشل المبعوثين سيستمر في ليبيا، ومن الصعب تفكيك الجماعات المسلحة في طرابلس

28
شعبان أبو ستة لـ
شعبان أبو ستة لـ"أفريقيا برس": مسلسل فشل المبعوثين سيستمر في ليبيا، ومن الصعب تفكيك الجماعات المسلحة في طرابلس

آمنة جبران

 

أفريقيا برس – ليبيا. أشار النائب بمجلس الدولة الليبي شعبان أبو ستة في حواره مع “أفريقيا برس” أن”مسلسل فشل المبعوثين الدوليين سيستمر في ليبيا بسبب تعقيدات المشهد السياسي في بلده ولتواجد مشاريع متضادة بين الفرقاء الأمر الذي يصعب التفاوض والتوصل إلى حل سياسي ينهي الصراع”، وذلك في معرض تعليقه على استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي من مهامه مؤخرا.

ولفت أبو ستة أن “الجماعات المسلحة يصعب تفكيكها أو إخراجها من العاصمة طرابلس وهي المسؤولة عن هشاشة الوضع الأمني”، مبينا أن “الحل يكمن في انسحاب الشخصيات المتصدرة للمشهد الحالي والمسؤولة عن حالة الانسداد السياسي، ثم تنظيم انتخابات تشريعية تعمل على إيجاد مخرج للدستور والمرور إثر ذلك إلى تنظيم انتخابات رئاسية”

وشعبان أبو ستة هو نائب بمجلس الدولة الليبي، ويترأس لجنة المسار الدستوري بالمجلس المهتمة بصياغة القوانين الخاصة بالدستور والانتخابات الليبية.

ماهي تداعيات استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي على المشهد الليبي، هل من حل سياسي في الأفق؟

منذ البداية كان واضحا أن باتيلي لم ينجح في مهمته وقد ألمح أن الحل بعيد المنال وصعب ولا يلوح في الأفق، وهو أمر متوقع لأن كل المبعوثين فشلوا في إيجاد حل في ليبيا، وفشل باتيلي يعكس استمرار لفشل هؤلاء المبعوثين، كما أن الصراع في ليبيا ليس سهلا حيث أن هناك مشاريع متضادة وبالتالي لا توجد إشكالية واحدة حتى نصل فيها إلى حل وسط من خلال التفاوض بل هناك مشاريع متضادة ولا يمكن أن تلتقي، وبالتالي هناك صعوبة للوصول إلى حل في الأزمة الليبية.

هل تعتقد أن الشروط المسبقة إلى يضعها القادة الليبيون هي حجر عثرة أمام كل حل سياسي؟

لا شك في ذلك، وكما ذكرت فإن هناك مشاريع متضادة وأنه ليس من السهولة أن نصل إلى حل لأنها مشاريع مختلفة عن بعضها البعض، مثلا مشروع حفتر هو مشروع دولة عسكرية أو نظام عسكري وبالتالي يختلف عن المشروع الآخر المتواجد بالمنطقة الغربية والذي يطالب به الكثيرون وهو مشروع الدولة المدنية ويختلف عن مشروع سيف الإسلام القذافي الذي يحاول الدخول إلى الانتخابات لإعادة إحياء دولة القذافي إلى جانب مشروع آخر يقوده ولي العهد لأجل إعادة دستور 1951 وإعادة المملكة الليبية، إذن هي مشاريع متضادة يصعب الوصول بها إلى حل وطبعا وراء كل مشروع مجموعة من المؤيدين.

مشروع حفتر وراءه قوة عسكرية، ومشروع الدولة المدنية وراءه مجموعة مسلحة وثوار يحملون السلاح، وبالتالي هذه المشاريع لا يمكن أن تلتقي، لا يمكن أن تلتقي الدولة المدنية مع الدولة العسكرية أو الدولة الشمولية، وبالتالي من الصعب أن يصل الفرقاء الليبيون إلى حل وسط، لذلك الأزمة ستستمر وهذا ما ينعكس على مهمة المبعوثين الدوليين الذين يسعون إلى تحقيق توافق بين الفرقاء، وبالتالي استمرار اجترار الفشل لكل المبعوثين ولا شك أن هذا الفشل سيستمر.

كنائب بمجلس الدولة ورئيس لجنة المسار الدستوري، كيف يمكن تجاوز الخلافات القانونية في ظل تجدد الخلافات حول صلاحية إقرار القوانين بين مجلس الدولة والبرلمان؟

ليس من السهولة تجاوز الخلافات بين المعسكرين في ليبيا: بين معسكر يرفض تولي مزدوجي الجنسية الحكم ويطالب بقوانين شفافة ومنطقية وبمعايير عالمية، وبين فريق يتمسك بالسماح لمزدوجي الجنسية بالدخول إلى انتخابات حيث هناك خلاف حاد بخصوص هذه النقطة وكل طرف متمسك بموقفه.

وفيما يخص القوانين التي أقرتها لجنة 6+6 بين مجلس النواب ومجلس الدولة رأينا في النهاية أن مجلس الدولة صوت ضدها بعد أن قام البرلمان بتعديلها أعقاب صدورها من اللجنة، ثم وقع طرح مبادرة أخرى عن طريق الجامعة العربية تمثلت في محاولة جمع رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الدولة في اجتماع القاهرة بإدارة الجامعة وانتهى الموضوع بتشكيل لجنة لإعادة فتح هذه القوانين ودراستها ومحاولة الوصول إلى صيغة للتفاهم، وأعتقد أنه لا يمكن الوصول إلى صيغة أو أن يقع الاتفاق لأن الخلاف جوهري بين الطرفين وكل طرف متمسك بشروطه ولا يقبل التنازل. وبالتالي مجلس الدولة تمسك في ظل هذا الواقع بعدم القبول بمقترح مزدوجي الجنسية في الانتخابات بينما يؤيد مجلس النواب ذلك، أرى من الصعب الوصول إلى اتفاق في ظل تخوف كل طرف من الطرف الآخر نتيجة انعدام الثقة.

لماذا لم تنجح حكومة الوحدة الوطنية إلى حد الآن في تخفيف التوتر في العاصمة طرابلس وإخلاءها من الجماعات المسلحة؟

من الصعب التخفيف من التوتر في العاصمة لأن هناك مجموعات مسلحة وهذه المجموعات هي ميليشيات مستقلة وكل ميلشيا مستقلة عن الأخرى وإن كانت في ظاهرها تتبع الدولة وتتقاضى مرتبات منها، لكن في النهاية هي خاضعة لنفوذ من يقودها وبالتالي هي تتحرك وتتصرف وفق أهوائه ورؤيته، وهذه الجماعات هي المسؤولة عن هشاشة الوضع الأمني في طرابلس كما بالإمكان أن تصطدم هذه الجماعات مع بعضها البعض في أي وقت.

ومن الصعب أن يتم تفكيك هذه الجماعات لأن الأمن في المنطقة الغربية يعتمد عليها وقد تعززت قوتها بعد دفاعها عن طرابلس في الحرب التي شنها حفتر سنة 2019 ضدها، ولازالت هذه القوات تتقاضى في مرتبات ومزايا من الدولة وبالتالي زادت قوتها ولا يمكن تفكيكها بسهولة وهي من تجعل الوضع هشّاً بسبب المناوشات التي تحدث في كل مرة وبالتالي من الصعوبة في مكان إخراجها من طرابلس.

هل اندماج الجماعات المسلحة بقوة داخل أجهزة الدولة يجعل البلد مهددة بالعودة إلى مربع العنف والفوضى خاصة أن حالة الانغلاق والانسداد السياسي بين الفرقاء مستمرة؟

طبعا لا شك من ذلك حيث وقع ضم هذه المجموعات على أساس أنها تتبع الدولة ولم يقع ضمها كأفراد وكل مجموعة مستقلة عن الأخرى وتتقاضى كما ذكرت مرتبات من الدولة ومزايا، وبقيت هذه المجموعات خارج سيطرة الدولة وخارج قرار الدولة، في الظاهر تخضع لرئاسة الدولة لكن في الواقع تتصرف وفق أهوائها وأحيانا ضد بعضها البعض وتهاجم بعضها البعض من أجل السيطرة على المواقع والنفوذ في العاصمة، وكما ذكرت منح هذه المجموعات المرتبات والمزايا زاد من قوتها وبات من الصعب تفكيكها أو محاولة إدماجها في الدولة، وبذلك لا يمكن أن نقول عنها أنها مجموعات تخضع للدولة ولأوامر الدولة.

هل بوسع ستيفاني خوري التي عينت مؤخرا “نائبة للممثل الخاص للشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا” النجاح في مهمتها وتحقيق اختراق في الملف الليبي؟

حسب اعتقادي لن تستطيع ستيفاني خوري النجاح في مهمتها وسيستمر مسلسل فشل المبعوثين في ليبيا لأن الوضع الليبي بات معقدا، لم يعد مجرد مسألة داخلية بين الأطراف الليبية فقط، بل تحول إلى صراع دولي داخل ليبيا، هناك دول تتصارع داخل ليبيا وتقف ضد أي حل ممكن أن يلوح في الأفق إذا لا يتناسب وفق مصالحها، بإمكان هذه الدول من خلال أدواتها في الداخل أن تمنع الوصول إلى الحل وكل طرف في الداخل لديه داعم خارجي الذي بوسعه عرقلة أي حل لا يلبي مصلحته.

وبالتالي هذه الدول ساهمت بشكل كبير في تأجيج الصراع في ليبيا ولم يعد بالإمكان إيجاد حل بسهولة أمام صراع دولي واضح وبالتالي الحلول أصبحت مرهونة لأطراف خارجية وأصبح من الصعوبة للمبعوثين الدوليين أن يجدوا حلا، وللإشارة فإن الملف الليبي لم يكن في الفترة السابقة من أولويات السياسة الأميركية، لكن ربما إذا تغيرت السياسة الأميركية وأصبحت مهتمة بالشأن الليبي قد نرى حينها محاولة أو ضغط لأجل إيجاد حل، ولكن إذا استمرت السياسة الأميركية على ما هي عليه من الصعب على السيدة ستيفاني أن تصل إلى حل في ليبيا وأن تجمع الأطراف الليبيين على طاولة الحوار وتحقيق توافق، وقد بلغ التدخل الدولي درجة التدخل في أماكن عقد جلسات الحوار.

هل يساعد انسحاب خليفة حفتر وعبد الحميد الدبيبة من الترشح للانتخابات المقبلة في حل الأزمة؟

طبعا لا شك أن هناك طيفا كبيرا من الشعب الليبي لديه رؤية في هذا الموضوع حيث يطالب كل من تصدر المشهد في السنوات الأخيرة بعدم الترشح للانتخابات القادمة حيث يعتقد أن انسحاب هؤلاء بإمكانه أن يكون حلا للأزمة، ولكن من الصعب تحقيق ذلك في ظل تمسك حفتر بالمشاركة في الانتخابات إضافة إلى تمسك الأطراف الأخرى، وفي تقديري إذا شارك أي طرف ممن يتصدرون المشهد اليوم في الانتخابات لن يكون هناك أي حل ولن يكون هناك قبول بالنتائج وبالتالي الحل الأنسب هو انسحاب جميع هذه الأطراف من السباق الانتخابي ثم السعي إلى تنظيم انتخابات شفافة.

كيف يمكن حسب تقديرك إصلاح العملية السياسية والأمنية وتحقيق الاستقرار السياسي المنشود؟

في الواقع لدينا وجهة نظر كمجموعة من نواب مجلس الدولة حيث طرحنا فكرة أن تكون هناك انتخابات تشريعية في هذه المرحلة وأن يقع تأجيل الانتخابات الرئاسية لأن الخلاف القائم هو بشأن الانتخابات الرئاسية وكل الإشكاليات الموجودة تتعلق بها حول شروط ترشح الرئيس وترشح متصدري المشهد السياسي الحالي.

ولتجاوز هذه الأزمة طالبنا بتنظيم انتخابات تشريعية لمجلس البرلمان القادم وتجديد السلطة التشريعية ومع تشكيل برلمان جديد سيكون لديه برنامج عمل لإيجاد مخرج لمشروع الدستور وبعد ذلك سيتولى الجسم التشريعي الجديد الإعداد للانتخابات الرئاسية حيث أنه من ضمن الإشكاليات الأخرى أنه لا يمكن انتخاب الرئيس دون وجود دستور كأننا بذلك سننتخب دكتور دون قواعد تحكمه وهو ما يعيق فكرة الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية وبالتالي يصعب تنظيم انتخابات رئاسية في الوقت الحالي، في المقابل بإمكاننا الذهاب إلى انتخابات تشريعية وحل الإشكاليات الأخرى العالقة مثل تداخل وجهات النظر الدولية وصراع الدولي على النفوذ في ليبيا مثل الدور التركي وتواجد قوات فاغنر الروسية وهي مؤشرات تؤكد صعوبة الوصول إلى الحل ونرى حروبا بالوكالة في بلدنا للأسف بسبب إدخال الأجانب وحفتر هو من أدخل هذه المجموعات إلى البلد لمساندته، ويجب الإقرار بأن هناك صراعا دوليا استخباراتيا عسكريا في ليبيا ومحاولات لإجراء حروب بين روسيا وأميركا على أرضنا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here