عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها قائد القيادة العامة في ليبيا، خليفة حفتر، إلى دولة بيلاروسيا في هذا التوقيت عدة أسئلة حول أهداف هذه الخطوة وعلاقتها بروسيا والحراك الأمريكي في المنطقة. حيث وصل حفتر إلى العاصمة البيلاروسية مينسك في أول زيارة له خلال الأيام القليلة الماضية، التقى خلالها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو ووزير الدفاع البيلاروسي، إلى جانب رئيس لجنة أمن الدولة في بيلاروسيا
أبدى حفتر سعادته بزيارة بيلاروسيا لأول مرة، وأكد أنه يرغب بشدة في تطوير التعاون المتبادل وتحقيق المنفعة المشتركة بين البلدين. وأوضح أن “بلاده تسعى إلى إقامة تعاون استراتيجي مع بيلاروسيا لما حققته الأخيرة من تطور في عدة قطاعات، ومنها إنتاج الآلات الصناعية والزراعية.” من جانبه، أكد لوكاشينكو استعداد بيلاروسيا لتطوير التعاون مع ليبيا، وترحيبه بزيارة حفتر لبلاده.
وفي حوار أجرته أفريقيا برس مع الباحث السياسي والاستراتيجي فرج زيدان حول أهداف وآثار هذه الزيارة، أوضح زيدان أن الجانب الاقتصادي هو الأهم في هذه الزيارة. وأشار إلى أنه بعد الاستقرار الذي تحقق في برقة وفزان، أصبح الجيش الليبي يتطلع إلى تقوية الدولة على الصعيد الاقتصادي، معتبرًا أن ليبيا بحاجة إلى تنويع مصادر دخلها بعيدًا عن النفط والغاز.
وأضاف أن روسيا، باعتبارها حليفًا لبلاروسيا، تعتبر شريكًا صناعيًا مهمًا يمكن أن يساعد ليبيا في مجالات الزراعة والصيد واستكشاف المعادن، دون شروط أو قيود كما هو الحال مع الغرب.
ما هي أهداف زيارة حفتر وتأثيراتها على العلاقات بين البلدين؟
هدف الزيارة اقتصادي لأن الجانب الاقتصادي له نصيب الأسد من هذه الزيارة و نحن ندرك تمامًا أن الجيش الآن أصبح لديه رؤية استراتيجية اقتصادية، وخاصة بعد تحقيق الاستقرار في كل من برقة وفزان والقضاء على الإرهاب بشكل كبير جدًا. الآن يتطلع الجيش إلى تقوية الدولة من خلال تنويع مصادر الدخل، بحيث لا تعتمد ليبيا فقط على صناعة النفط والغاز. بل هناك إمكانيات في مجالات أخرى مثل الزراعة والصيد البحري واستكشاف المعادن النفيسة. ومن ثم فإن ليبيا بحاجة إلى الأدوات اللوجستية للمشاركة في هذه الصناعات، خاصة وأن بيلاروسيا، باعتبارها دولة صناعية، تتمتع بخبرة كبيرة في مجالات مثل الآلات الزراعية، الجرافات، والمعدات الكهربائية. التعامل مع بيلاروسيا سيكون مريحًا وغير مشروط، على عكس التعامل مع الغرب الذي غالبًا ما يتسم بالشروط الاستغلالية والضوابط”.
كيف يمكن أن تؤثر زيارة المشير حفتر لبيلاروسيا على الاستقرار السياسي في ليبيا؟
القوات المسلحة نجحت في طمأنة جميع الأطراف الدولية الفاعلة بأننا لسنا وكلاء لطرف على حساب طرف آخر. نحن أصدقاء للجميع ومتوازنون في علاقاتنا مع الجميع. هذه الزيارة ستخلق توازنًا مع الأطراف الفاعلة في ليبيا مما يحقق الاستقرار على جميع الأصعدة. نحن لا نتصرف كأداة بيد طرف ضد الآخر، وهذا هو منطق السياسة التي تعتمد على المصالح العليا”.
هل تعتقد أن هذه الزيارة ستسهم في تعزيز دور القوات المسلحة في تعزيز الأمن الداخلي في ليبيا؟
بالفعل، يمكن أن يكون لهذه الزيارة تأثير إيجابي على الأمن الداخلي من خلال توفير بعض المعدات الخفيفة والتجهيزات التي تتعلق بالأمن الداخلي. هذا سيسهم في تعزيز الاستقرار ومكافحة الجريمة، وخصوصًا في مناطق مثل فزان وبرقة اللتين تحت سيطرة القوات المسلحة. كما أن التعاون في هذا المجال سيزيد من القدرات اللوجستية للقوات المسلحة، مما يساعد على الحفاظ على الأمن والاستقرار الذي تحقق في الآونة الأخيرة”.
هل هناك مخاطر قد تترتب عن هذا التقارب بين ليبيا وبيلاروسيا في ضوء الوضع الدولي الحالي والصراع في أوكرانيا؟
أجاب زيدان: “لا أعتقد أن هناك مخاطر من هذه الزيارة. بل على العكس، هذه الزيارة تفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين ليبيا وبيلاروسيا، وهي تتمحور حول جوانب اقتصادية ذات أهمية كبيرة. في الوقت نفسه، لا أعتقد أن لها تداعيات سلبية على الوضع السياسي أو الأمني في ليبيا. علاوة على ذلك، العلاقات مع بيلاروسيا تظل ضمن إطار التعاون المبدئي الذي يحترم المصالح المتبادلة ولا يتضمن أي شروط أو ضغوط كما يحدث مع بعض الدول الغربية. بيلاروسيا تظل دولة ذات مرونة في التعاون، على عكس بعض الدول الغربية التي قد تكون أكثر تعقيدًا”.
كيف ترى التوازن في العلاقات بين ليبيا والمعسكرين الشرقي والغربي بعد هذه الزيارة؟
“الولايات المتحدة قد تمارس ضغوطًا دبلوماسيًا، لكن في النهاية، الدول لها الحق في تحديد علاقاتها الخارجية وفقًا لمصالحها. إذا رأت ليبيا أن لديها مصالح مع بيلاروسيا وروسيا، سيكون من الطبيعي أن تتعامل مع هذه الدول. روسيا الآن منهكة بسبب الحرب مع أوكرانيا، وبالتالي فإن التعامل مع بيلاروسيا سيكون أكثر مرونة.
في الوقت ذاته، يمكن للقوات المسلحة الليبية الحفاظ على علاقات متوازنة مع المعسكر الغربي، لأن هدفها هو تعزيز الاستقرار في ليبيا وتحقيق مصالحها الاقتصادية دون المساس بعلاقاتها مع أي طرف.”
في الختام، على الرغم من أهمية زيارة حفتر إلى بيلاروسيا في تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي مع دولة صناعية كبرى بحسب الأهداف المعلنة لهذه الزيارة، إلا أن هذه الخطوة لم تمر دون إثارة الجدل. فقد أثارت هذه الزيارة استفهامات لدى الخصوم السياسيين والمعسكر المضاد لحفتر، الذين ينظرون إليها بعين القلق و التوجس والخوف من تداعيات هذه الزيارة تمحور حول احتمال زيادة التسلح والدعم العسكري اللامحدود، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات العسكرية وعودة ليبيا إلى المربع الأول، حيث الصدام المسلح والقتال بين الأطراف المتنازعة.
هذه الزيارة يراها البعض قد تعمق الانقسام الداخلي وتزيد من تعقيد الوضع في البلاد، مما يجعل من الصعب التنبؤ بتأثيراتها المستقبلية على استقرار ليبيا وأمنها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس