قوانين الانتخابات في ليبيا: الكشف عن تعديلات “جوهرية” وسط تخوفات

7
قوانين الانتخابات في ليبيا: الكشف عن تعديلات
قوانين الانتخابات في ليبيا: الكشف عن تعديلات "جوهرية" وسط تخوفات

أسامة علي

أفريقيا برس – ليبيا. بعد أشهر من الجمود والممانعة والجدل، أعلن مجلس النواب الليبي، أمس الاثنين، عن تصويت أعضائه بالإجماع على إصدار قوانين الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تم إعدادها من قبل لجنة 6+6. وقد أثار هذا الإعلان مخاوف لدى المراقبين بسبب طريقة الإعلان عنه، حيث اعتبروها إجراءات متناقضة قد تشكل عقبة جديدة أمام عملية الانتخابات.

جلسة مجلس النواب انطلقت واستمرت لفترة قصيرة للغاية، وقبل نهايتها، أعلن المتحدث الرسمي باسم المجلس عبد الله بليحق، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، عن “الموافقة من قبل مجلس النواب بالإجماع على إصدار قانوني الانتخاب الرئاسي والانتخاب البرلماني اللذين تم إعدادهما من قبل لجنة 6+6”.

لكن رئيس المجلس عقيلة صالح لم يوضح الخطوات التالية بعد الموافقة على إصدار هذه القوانين، إلا أنه أعلن عن نية المجلس تشكيل لجنة مشتركة مع المجلس الأعلى للدولة لقبول طلبات الترشح لرئاسة الحكومة، والتي ستستند إلى نصوص القوانين الانتخابية.

صالح أكّد في كلمته أثناء افتتاح الجلسة أن القوانين الانتخابية تم اعتمادها بالفعل من قبل لجنة 6+6، وأنه ليس من حق المجلس تعديلها أو الاعتراض عليها وفقاً للتعديل الدستوري، ولفت إلى أن القوانين “لم تُقصِ أحدا ممن تتوافر فيه الشروط الخاصة بالترشح”، في إشارة واضحة لحذف الشروط التي تمنع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح.

وعلى الرغم من عدم نشر نصوص القوانين بعد، إلا أن مصادر برلمانية متطابقة أكدت وجود تعديلات جوهرية عليها، خاصة في ما يتعلق بالشروط المثيرة للجدل المتعلقة بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية.

وفي ملف مزدوجي الجنسية، كشفت المصادر، عن تعديل الشرط الذي يتعلق بامتلاك جنسيات أجنبية للترشح في الجولة الأولى، بحيث يُسمح الآن بترشح مزدوج الجنسية في الجولة الأولى شريطة أن يقدم إقراراً بالتخلي عن إحدى الجنسيات الأجنبية في سفارة الدولة التي يحمل جنسيتها.

أما بالنسبة للعسكريين، فتنص القوانين على أن العسكريين يعدون مستقيلين من مناصبهم عند تقديمهم للترشح ويمكنهم العودة إلى وظائفهم السابقة إذا خسروا في الانتخابات، بحسب المصادر ذاتها.

حتى الآن، لم يصدر المجلس الأعلى للدولة الذي عقد جلسة في طرابلس أي موقف رسمي بخصوص إجراءات مجلس النواب لإصدار القوانين الانتخابية والتعديلات التي أُدخلت عليها.

استغلال الفراغات القانونية

وفي هذا الشأن، أطلق أستاذ القانون الدستوري أحمد العاقل انتقادات حادة لإعلان مجلس النواب لإصدار قوانين الانتخابات، حيث وصفها بـ”المراوغة واستغلال الفراغات القانونية”. وأعرب العاقل عن اعتقاده بأن صيغة الإعلان والإجراءات المتخذة تجاه القوانين “محفوفة بالتشويش، وما جرى في الجلسة ليس إصداراً فعلياً للقوانين بل هو أقرب إلى اعتمادها وإقرارها”.

وأوضح العاقل أن التعليمات الدستورية للإصدار تشمل التوقيع على القوانين ونشرها في الجريدة الرسمية، وهذا الإجراء لم يتم تنفيذه في هذه الحالة، وتساءل: “لماذا يتم تصوير ما حدث بالأمس على أنه إصدار؟!”.

وأشار إلى أن إجراءات الجلسة والتصريحات المتناقضة لرئيس المجلس عقيلة صالح تثير التساؤلات حيال مصير القوانين، وأكد أنه “وفقاً للتعديل الدستوري، تعتبر مخرجات لجنة 6+6 ملزمة ونهائية، ولكن يبدو أن هناك تناقضات في الإعلان والإجراءات التي اتُخِذت”.

وأوضح أن “هنا تقع المراوغة أيضاً فالإصدار يجب أن يكون بتوقيع صالح على القوانين ونشرها، أما إيهام الرأي العام بأن ما حدث بالأمس يعني الإصدار فله مصالح وأهداف أخرى على ما يبدو”.

وتابع “من الشبهات الدالة على المراوغة الإعلان عن تشكيل لجنة لتلقي طلبات الترشح لحكومة جديدة، وإن كان ذلك صحيحاً ومن ضمن بنود القوانين، إلا أنه لا بد من توقيع القوانين ونشرها في الجريدة الرسمية”.

وأكد العاقل أن “التناقضات متراكمة ويبدو أنها متعمدة، وهذه هي السياسة التي يتبناها عقيلة صالح لوضع عراقيل أمام عملية الانتخابات”.

في السياق، أكد الباحث في الشأن السياسي عيسى همومه على وجود “كم من التناقضات” في هذا الإطار، واعتبرها سياسة “متعمدة تهدف إلى تأجيل الانتخابات”.

وأوضح همومه أن “إصدار القوانين بالشكل الذي يسمح للعسكريين وحملة الجنسيات الأجنبية يعني فتح الباب أمام خليفة حفتر للترشح، ويعني هذا ضمان رفض مجلس الدولة للقوانين المتشددة في رفض السماح لحفتر بالترشح، بالإضافة لقطاع عريض من القوى المسلحة في غرب البلاد التي تقف الموقف ذاته من حفتر”.

وأكد أن “عقيلة صالح لا يزال يراوغ ويمارس حالات التفاف في كل مرة لصنع عراقيل أمام الانتخابات وللوصول إلى هدفه الأساسي وهو تشكيل حكومة جديدة”، موضحاً أن “كلمات النواب الموالين له لمّحت إلى ضرورة البدء في تشكيل الحكومة قبل نشر القوانين في الجريدة الرسمية”.

تساؤلات حول الخلافات والرؤى المتباينة

وفي جلسة مجلس النواب، التي عُقِدَت أمس الاثنين، طالب عدد من النواب المقربين من رئيس المجلس، وهم بدر النحيب، والصالحين عبد النبي، وجلال الشويهدي رئيس الفريق الممثل لمجلس النواب في لجنة 6+6، بضرورة تشكيل حكومة جديدة قبل تنفيذ القوانين الانتخابية. وقد أثارت هذه المطالبات تساؤلات حول الخلافات والرؤى المتباينة حول كيفية السير في عملية الانتخابات.

واعتبر همومه أن “هذه المطالبات من النواب الموالين لعقيلة صالح تُظهر أنهم يدركون أن القوانين لن تصبح نافذة إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية وإحالتها إلى مفوضية الانتخابات”، وبين أن “هناك محاولة لإيهام الرأي العام بأن القوانين تم إصدارها، بينما يتم الاحتفاظ بها لتحقيق الأهداف الحقيقية، والتي تتضمن تشكيل حكومة جديدة”.

ويبدو أن الخلافات في الرؤى وتصورات العمل لا تزال قائمة بين مجلس النواب والبعثة الأممية التي سبق أن تحفظت على إقرار مجلس النواب خريطة طريق، منتصف يوليو/أيار الماضي، تتضمن تشكيل حكومة جديدة قبل إصدار القوانين الانتخابية، ما عطل تنفيذ الخريطة وقتها.

وعقب إعلان مجلس النواب أمس بشأن القوانين الانتخابية، أعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي عن تطلعه لاستلام مشاريع القوانين المنقحة، ودعا في بيان “إلى تسهيل حوار عاجل بين الأطراف الرئيسية في ليبيا للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة”، في إشارة واضحة لتمسكه برؤيته الخاصة بضرورة توسيع دائرة المشاركة السياسية من خلال ضم كافة الأطراف في عملية الاتفاق على خريطة طريق تفضي إلى إجراء انتخابات، بما في ذلك الاتفاق على حكومة موحدة.

اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here