ليبيا: تزايد التهريب رغم الملاحقات

10
ليبيا: تزايد التهريب رغم الملاحقات
ليبيا: تزايد التهريب رغم الملاحقات

أفريقيا برسليبيا. خلال الآونة الأخيرة، تزداد أعداد المهاجرين السريّين عبر الشواطئ الليبية، على الرغم من تكثيف السلطات الليبية جهودها في ملاحقة شبكات التهريب، ومداهمة عدد من مراكز تجمع المهاجرين السريين في المناطق القريبة من السواحل الليبية المتوسطية. ووفقاً لتقرير أصدرته لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير حكومية، فقد أُنقذ أكثر من 23 ألف مهاجر سري وتم إرجاعهم إلى ليبيا منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية أغسطس/ آب الماضي، من بينهم أكثر من 1000 طفل، وأكثر من 1500 امرأة، 68 منهن كنّ حوامل.

ولفتت المنظمة، في بيان أصدرته أخيراً، إلى أن هذا الرقم يمثل ضعف عدد المهاجرين الذين أنقذوا خلال العام الماضي، بل يعد الأعلى منذ عام 2017. ونقل البيان عن المدير الإقليمي للجنة في ليبيا توم جاروفالو قوله إن “هذا الرقم سجل خلال ثمانية أشهر فقط، ويشير إلى أن عدد الذين أعادهم خفر السواحل الليبي إلى ليبيا أكثر من العدد المسجل خلال السنوات الماضية”. ويؤكد جاروفالو أن العدد “غير مسبوق”، لافتاً إلى رصد أطفال من بين المهاجرين من دون أسرهم، ويعاني بعضهم من اضطرابات نفسية ومشاكل صحية.

في هذا السياق، يتحدث الضابط في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي رمضان الشيباني عن ارتفاع مستوى نشاط تهريب البشر عبر السواحل الليبية، ويعزو الأمر، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى تغير كبير في الوضع الأمني في البلاد، ما شجع المهاجرين السريين على التعامل مع شبكات المهربين عبر الصحراء للوصول إلى الشواطئ، مؤكداً في الوقت نفسه أن هدوء الأوضاع الأمنية نسبياً في البلاد أعطى دفعة للأجهزة الأمنية لتكثيف ملاحقتها للمهربين.

وقبل أيام، أعلن مكتب النائب العام اعتقال أشهر مهربي البشر في ليبيا، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “الحاج حكيم”، والمتهم بارتكاب واقعة احتجاز وتعذيب عدد من المهاجرين المصريين، مؤكداً أن النيابة العامة باشرت إجراءات استجواب المتهم. وأوضح مكتب النائب العام، في بيان، أن القبض على المتهم جاء على خلفية واقعة “حجز حرية عدد من المهاجرين حاملي الجنسية المصرية وتعذيبهم لإجبار ذويهم على دفع مبالغ مالية تحت وطأة مشاهدة التسجيلات المرئية التي توثق مشاهد التعذيب”.

وفي ما يتعلّق باعتقاله، يلفت بيان أصدره المكتب إلى توجيه أوامر إلى وحدة تقنية المعلومات والاتصالات بمباشرة إجراء البحث عن المتهم بالتعاون مع مكتب تحريات المنطقة الحدودية الغربية، ثم ألقي القبض عليه، حيث أقرّ بانخراطه في نشاط الجماعات الإجرامية التي تمتهن تنظيم عمليات الهجرة والاتجار بالبشر عبر دول عدة. وكشف البيان أن المتهم اعترف “بإدارة منظمة تعمل تحت سيطرته في الداخل، ولها ارتباط مع شبكات أخرى تعمل لصالحه بدول الجوار”.

يتابع الشيباني، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “توقف الحرب خلال الأشهر الماضية مهد لاستقرار نسبي، وخصوصاً في مناطق وسط الجنوب، التي كانت تعاني من انتشار العصابات المسلحة وقطاع الطرق”، لافتاً إلى أن هذه العصابات كانت تتعمد اختطاف المهاجرين لابتزازهم، وكان نشاطها سبباً في تراجع عمليات التهريب.

يضيف أن “إجراءات الإغلاق الخاصة بتفشي وباء كورونا كانت سبباً آخر في تراجع عمليات التهريب. لكن عودة الأمور إلى طبيعتها شجعت المهربين على إيهام المهاجرين باستتباب الأمن وحرية التنقل من دون رقيب على الحدود وعبر الطرقات الصحراوية الموصلة إلى مناطق الشمال”. ويقول إن “هناك أسباباً تتعلق بالمليشيات المسلحة التي كانت منشغلة بالحرب. وبعد انتهائها، باتت تبحث عن مصادر تمويل لعناصرها، فعادت للإشراف على تأمين طرقات التهريب ومراكز إطلاق قوارب المهاجرين عبر البحر”. وعلى الرغم من حديثه عن نشاط الأجهزة الأمنية والحكومية في ملاحقة المهربين واعتقالهم وتفكيك شبكات التهريب، إلا أنه يلفت إلى سبب آخر يتعلق بالتراخي الدولي وإمكانية استغلال أطراف دولية للمهاجرين كورقة سياسية للضغط أو لحصد المكاسب السياسية. ويرى الشيباني أنّ القضاء على شبكات التهريب لا يتم إلا بوقف تدفق المهاجرين من دول المصدر، ووضع الاتحاد الأوروبي سياسة تتعلق بوقف إرجاع المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من عرض البحر إلى ليبيا.

ويقول إن هؤلاء الذين يتم إرجاعهم يتركون للظروف السيئة في مراكز الاحتجاز، ومعظمهم يرفضون العودة إلى بلادهم، وبالتالي سيفكرون في الهرب ومعاودة اقتحام الصعاب عبر البحر للوصول إلى شواطئ أوروبا.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here