ما تفاصيل احتجاز 600 مهاجر من 10 دول في “بئر الغنم” الليبي؟

7
ما تفاصيل احتجاز 600 مهاجر من 10 دول في
ما تفاصيل احتجاز 600 مهاجر من 10 دول في "بئر الغنم" الليبي؟

أفريقيا برس – ليبيا. جمال جوهر

تعكس تقارير دولية وشهادات حقوقية ليبية واقعاً مأساوياً يتعلق بأوضاع المهاجرين غير النظاميين في مراكز الإيواء، ومن بينها «بئر الغنم» لتجميع المهاجرين غير النظاميين، جنوب غربي العاصمة طرابلس.

وتقول منظمات حقوقية دولية إن مراكز احتجاز المهاجرين كافة في ليبيا «تُرتكب فيها انتهاكات واسعة»، لكن يبرز اسم «بئر الغنم» في شكاوى عديدة، خاصة من مصريين يتحدثون عن اعتقال أبنائهم في هذا المركز.

والحال في «بئر الغنم» لا يختلف كثيراً عن باقي مراكز إيواء المهاجرين – بحسب المختصين في ملف الهجرة وحقوق الإنسان – غير أن الأنباء الصادرة عن هذا المركز تتحدث عن وجود 600 مهاجر ينتمون إلى عشر دول على الأقل، غالبيتهم من الأطفال والقُصَّر.

وراج مقطع فيديو لسيدة مصرية على «إنستغرام» تناشد السلطات المصرية سرعة التحرك لإنقاذ محتجزين في «بئر الغنم» قالت إنهم «يتعرضون للمساومة على دفع فدية مقابل إطلاق سراحهم».

وتتضمن تقارير لمنظمات حقوقية دولية ومحلية «روايات عن التعذيب» في مراكز لاحتجاز المهاجرين، من ضمنها «بئر الغنم».

وأمام تزايد الشكاوى، قال «المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان» في غرب ليبيا إنه نظم زيارة ميدانية إلى المعسكر المعروف بـ«مركز التجميع والعودة المؤقت» في منطقة بئر الغنم، للوقوف على أوضاع المهاجرين هناك.

وأضاف المجلس، مساء الأحد، أن «المعاينة أظهرت وجود 600 مهاجر بالمركز ينتمون إلى جنسيات متعددة، تشمل مصر والمغرب والجزائر واليمن والعراق وتونس وسوريا وأفغانستان وبنغلاديش وباكستان، وعدداً من الجنسيات الأفريقية».

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مايو (أيار) الماضي إن معظم مراكز احتجاز المهاجرين «تخضع لسيطرة جماعات مسلحة منتهكة وغير خاضعة للمساءلة»، وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات تشمل «الاكتظاظ الشديد، والضرب، والتعذيب، ونقص الطعام والماء، والعمل القسري، والاعتداء الجنسي والاغتصاب، واستغلال الأطفال».

وتحدث «المجلس الوطني للحريات» في بيان عن «تحديات إنسانية جسيمة»، أبرزها «طول فترة بقاء المهاجرين المحتجزين في مركز (بئر الغنم) نتيجة تأخر أو امتناع بعض السفارات عن إصدار وثائق السفر أو استقبال رعاياها».

وقال المجلس – وهو جهة حكومية – إن السلطات المختصة بمكافحة الهجرة في غرب ليبيا تبعث بمراسلات رسمية بشكل متكرر إلى هذه السفارات، وهو «ما يشكل عبئاً مضاعفاً على الدولة الليبية والعاملين بالمركز».

رد القائمين على المركز

في موازاة ما يتردد من اتهامات للقائمين على مركز «بئر الغنم» بارتكاب انتهاكات بحق المحتجزين به، نقل «المجلس الوطني للحريات» عن القائمين على المركز «التزامهم بتأمين المعاملة الإنسانية وضمان الحقوق الأساسية وفق التشريعات الوطنية والمعايير الدولية». لكن المركز اشتكى للمجلس من «عوائق إدارية ونقص في الموارد وتداخل في الاختصاصات؛ ما يعوق تسريع إجراءات الترحيل أو النقل إلى مراكز إيواء أخرى».

وجدد المجلس مطالبته لسفارات المهاجرين المحتجزين لديه بـ«ضرورة التعاون الفوري مع جهاز (مكافحة الهجرة غير المشروعة) لاستلام رعاياها»، كما دعا المنظمة الدولية للهجرة (IOM) إلى الاضطلاع بدورها بشكل أكثر فاعلية في تنظيم رحلات العودة الطوعية وفق الأطر القانونية والإنسانية المعمول بها.

ولفت المجلس إلى أن معظم هؤلاء المهاجرين تم اعتراضهم في عرض البحر من قبل قوات حرس السواحل الليبية، بعد أن انطلقت قواربهم من الشواطئ الليبية أو من مدينة صفاقس التونسية، قبل أن تدفعهم الأمواج إلى المياه الإقليمية الليبية، حيث جرى إنقاذهم ونقلهم إلى مركز «التجميع والعودة المؤقت» في «بئر الغنم».

وسبق لـ«منظمة ضحايا لحقوق الإنسان» الليبية أن أشارت إلى تلقيها شكاوى من ناجين تحدثوا عن «إهانة وضرب وتعذيب واستغلال للمحتجزين في أعمال البناء داخل المركز وخارجه، والإفراج عن البعض مقابل مبالغ مالية».

وعلق الحقوقي الليبي طارق لملوم، على زيارة «المجلس الوطني للحريات العامة» إلى «بئر الغنم»، قائلاً: «بدل أن يتناول المجلس حقيقة ظروف الاحتجاز والانتهاكات الموثقة، اختار تحميل المسؤولية للسفارات والجهات الدولية، متجاهلاً شهادات عديدة أكدت تعرض المهاجرين لمعاملة غير إنسانية وإهمال في أبسط الحقوق الأساسية».

موقف السفارات

وردَّ لملوم على حديث المجلس بشأن رفض سفارات المهاجرين تسلّمهم، وقال: «ادعاء المجلس أن السفارات رفضت التعاون غير صحيح؛ فالسفارات والمنظمات الدولية تتعامل بشكل مباشر مع مراكز مثل تاجوراء وطريق السكة، وتقوم بعمليات ترحيل بالتنسيق مع جهاز (الهجرة)».

وأضاف: «الحقيقة أن أزمة (بئر الغنم) مرتبطة بصراع داخلي داخل جهاز (مكافحة الهجرة) منذ قرار إغلاق المركز في ديسمبر (كانون الأول) 2021؛ إذ مُنعت المنظمات والسفارات من الوصول إليه».

ورأى أن «هذا هو سبب تكديس المهاجرين والقاصرين في (هناجر) بلا صور ولا توثيق لطبيعة المكان أو حتى لدورات المياه»، معتبراً أن المسؤولية لا تقع على السفارات، بل على إدارة الجهاز، مضيفاً: «عليهم حسم خلافاتهم الداخلية مع وزارة الداخلية، وضمان نقل المحتجزين إلى مراكز رسمية في طرابلس فور إنقاذهم من البحر».

ومن بين الشباب المحتجزين في «بئر الغنم» أشار لملوم إلى مصري يُدعى محمد محمود بدوي (17 عاماً)، قال إنه محتجز منذ بداية أغسطس (آب) الماضي، وإن ذويه «يتلقون اتصالاً من جهات مجهولة تطالبهم بدفع مبالغ مالية تصل إلى 14 ألف دينار ليبي مقابل الإفراج عنه» (الدولار يساوي 5.4 دينار ليبي في السوق الرسمية).

وأضاف: «كل من زار المركز ومن يديره يتحمل تبعات استمرار الاحتجاز التعسفي لأشهر طويلة». وتساءل: «هل حصل المجلس على قوائم بأسماء المحتجزين وتواريخ احتجازهم؟ وما مصير القاصرين الذين وعد نائب جهاز (مكافحة الهجرة) بإخراجهم؟ وكيف كانت ظروف احتجازهم طيلة هذه الفترة؟».

واختتم لملوم بالقول: «الحقوق لا تُختصر في لوم الآخرين، بل في مواجهة الانتهاكات والاعتراف بالمسؤولية».

وأعلن أسامة قرصع رئيس وحدة التحقيق بمكتب نائب رئيس جهاز «مكافحة الهجرة» في غرب ليبيا، الاثنين، أنه استقبل مندوب سفارة باكستان لدى ليبيا، حسن سليم، وذلك من أجل استلام المهاجرين من رعايا بلده.

في السياق ذاته، أعلن جهاز «مكافحة الهجرة» في ليبيا، الاثنين، ترحيل «عشرات» من المهاجرين غير النظاميين من حاملي الجنسية المصرية عن طريق البر عبر منفذ أمساعد البري، بعد الانتهاء من إعداد وثائق سفر لهم.

وأشار الجهاز إلى أنه سيعمل في الأيام المقبلة على ترحيل «أعداد كبيرة» من مهاجرين ينتمون إلى جنسيات أفريقية مختلفة عبر المنافذ البرية والجوية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here