محللان: مظاهرات دعم غزة في ليبيا تغلق أبواب “التطبيع”

8
محللان: مظاهرات دعم غزة في ليبيا تغلق أبواب
محللان: مظاهرات دعم غزة في ليبيا تغلق أبواب "التطبيع"

وليد عبد الله

أفريقيا برس – ليبيا. مع تواصل الاحتجاجات في العالمين العربي والإسلامي المتضامنة مع فلسطين والمنددة بالهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تكن ليبيا استثناء عن تلك الدول التي نددت بالهجمات الإسرائيلية، غير أن المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة (غرب) وبنغازي (شرق) وسبها (جنوب) اعتبرها العديد من المراقبين رفض شعبي متجدد للتطبيع.

ولم تكن هذه الاحتجاجات الرافضة للتطبيع مع إسرائيل الأولى في البلاد، حيث شهدت العديد من المدن والمناطق في أغسطس/آب الماضي، احتجاجات استمرت لأكثر من أسبوع، وذلك رفضاً للقاء وزيرة الخارجية بحكومة “الوحدة” الليبية نجلاء المنقوش، مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، بوساطة إيطالية في روما وأعلنته الخارجية الإسرائيلية آنذاك.

وعقب تسريب وزارة الخارجية الإسرائيلية اللقاء لوسائل الإعلام، قرر رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، إيقاف المنقوش عن العمل احتياطيا، وإحالتها للتحقيق.

ويحظر القانون الليبي رقم 62 الصادر في 1957 على كل “شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو مع من ينوب عنهم.

ويعاقب كل من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على 10، ويجوز الحكم بغرامة مالية.

ومع انطلاق عملية طوفان الأقصى، التي بدأتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، سارعت حكومة الوحدة إلى إدانة “العدوان” على غزة، خاصة بعد استهداف مستشفى المعمداني في القطاع، حيث قال الدبيبة إثره إن “استهداف المستشفى من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي جريمة وحشية”.

ولليوم التاسع عشر، يواصل الجيش الإسرائيلي شن غارات مكثفة دمّرت أحياء بكاملها في غزة، وقتلت 5791 فلسطينيا، بينهم 2360 طفلا و1292 سيدة و295 مسنا، وأصابت 16297 شخصا، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.

فيما قتلت حركة “حماس” أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقا لوزارة الصحة الإسرائيلية، كما أسرت ما يزيد على 200 إسرائيلي، بينهم عسكريون برتب عالية.

وفسر العديد من الخبراء الليبيين البيانات المتكررة لحكومة الوحدة بشأن إدانتها للعدوان الإسرائيلي، على أنه بمثابة التنصل من الاجتماعات التي عقدتها المنقوش، مع وزير الخارجية الاسرائيلي، وتخوفا من تجدد تلك الاحتجاجات التي كادت أن تطيح بحكومة الدبيبة، بعد أن تم استغلالها سياسيا من قبل العديد من الأطراف منها مجلس النواب.

باب التطبيع لم يفتح حتى يغلق

وقال المحلل السياسي الليبي فيصل الشريف، إن “باب التطبيع مع إسرائيل في الأساس لم يفتح حتى يتم إغلاقه، وما يجب أن يقال أن هناك من حاول فتحه ولكنه لم ينجح، نتيجة لهبة الجموع الرافضة لأي محاولة سرية أو في الخفاء أو في جنح الظلام.. لأنها مرفوضة قطعا”.

وأضاف أن “الليبيين سيقفون سدا منيعا في مواجهة كل من تسول له نفسه أن يبيع هذه القضية أو أن يبيع هذا الشعب المظلوم (الفلسطيني) ومقدساته”.

وتابع “نعلم جميعا أن كل من يتودد لإسرائيل، في السابق وحاليا، يحاول اليوم في ظل هذه الفوضى السائدة في ليبيا أن يحصل على مزايا وعلى دعم من القوى الكبرى، وهي الولايات المتحدة كونها الدولة المهيمنة على المنطقة، والساعية بكل قوة لتغيير الواقع السياسي في المنطقة، وتحاول قدر الإمكان أن تضمن لإسرائيل البقاء”.

وأشار الشريف، “إلى أن القانون والوجدان والضمير الليبي سيقف حاجزا أمام كل من تسول له نفسه إن يرضي واشنطن من اجل أن ينال منصبا ويظل حاكماً في ليبيا”.

وأردف “كل طرف يدرك أن الانتخابات غير موجودة والشعب الليبي لن يقول كلمته، وبالتالي يريد أن يحقق المغالبة عن طريق استمالة القوى العظمى التي لديها أهم مشروع مطروح على الطاولة وهو التطبيع مع إسرائيل”.

وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، زعمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وجود علاقات سرية بين تل أبيب ونظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي (1969-2011)، أدارها نجله سيف الإسلام، عبر رجال أعمال يهود من أصول ليبية، وذلك قبل اندلاع الثورة التي أطاحت بوالده عام 2011.

كما كشفت الصحيفة ذاتها في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عن زيارة خاطفة قام بها صدام نجل قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، إلى إسرائيل وقالت أن الهدف منها عرض إقامة علاقات دبلوماسية مقابل الحصول على مساعدة عسكرية ودعم دبلوماسي.

وآخر تلك التقارير ما نشرته قناة “العربية الحدث”، في 13 يناير/ كانون الثاني 2022، عن لقاء جمع الدبيبة مع مسؤولين إسرائيليين في الأردن، وهو ما نفاه رئيس حكومة الوحدة الليبية لاحقا.

القضية الفلسطينية خط أحمر

وعن المظاهرات التي شهدتها طرابلس ومدن ليبية أخرى، قال الشريف، إن المحتجين الذين خرجوا للميادين في شرق البلاد وغربها وجنوبها “يريدون إيصال عدة رسائل لكل الأطراف الليبية بأن القضية الفلسطينية ومقدساتها خط أحمر”.

وتابع ومن الرسائل أيضا أن “القضية الفلسطينية هي الأم، وأن الشرعية الحقيقية هي للشعوب وليست لواشنطن أو باريس أو لندن ومن يتودد للقوة الغربية في سبيل الحصول علي مكاسب أو مناصب سيدرك جليا بأن الشعب يستطيع أن يعاقبه في أي لحظة”.

وأضاف الشريف، “كل الأطراف تتخوف من الهبة الشعبية ورأينا ذلك وانعكس بشكل واضح حتى في تصريحات الدبيبة الأخيرة، حيث تتماشى بشكل كامل مع متطلبات هذا الشعب والشعارات التي رفعها، وبالتالي جاءت كلمته في سياق كل ما خرج من أجله الليبيون، ولا يمكن له أن يقول غير ذلك أو أن يخرج عن الرأي العام الجمعي”.

التطبيع مقرون بمساءلة البقاء في السلطة

المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، قال من جانبه، إن سعي بعض الأطراف للتطبيع مقرون بمسألة البقاء في السلطة، وكل من هم موجودين أو هم جزء من هذه السلطة ليس لديهم مانع من أي خيارات بما فيها التطبيع، وليس لهم مانع في الخوض في هذه الخيارات طالما أنها تضمن لهم البقاء في المشهد”.

واستدرك محفوظ، “ولكن بكل تأكيد يظل هذا الخيار وهذا الأمر ليس مدعوما بإرادة شعبية، لذلك من الصعب الحديث أو الخوض فيه لأن الثمن والضريبة ستكون باهظة”.

وأوضح “أثبتت المظاهرات لكثير من المسؤولين في السلطة أو لبعض الأطراف الدولية عدم وجود حاضنة شعبية لقبول التطبيع وتغلق أبوابه وهذا أمر معلوم ومن الصعب الخوض فيه في ظل وجود سلطات هشة وضعيفة”.

وزاد “هذه الخيارات تحتاج إلى سلطات منتخبة قوية نابعة عن إرادة شعبية، وهذا الأمر لن يكون موجوداً طالما أن الشعب ليس قابلاً بهذا الأمر”.

وحول الرسائل التي يريد المتظاهرين إيصالها للأطراف السياسية، قال محفوظ، إن “الرسائل واضحة جداً، القضية الفلسطينية لازالت في وجدان الليبيين، ولازالت محل اهتمام رغم أن ليبيا تعيش أزمة سياسية”.

وختم “بالرغم من هذه الأزمات وحالة الصراع والانقسام في كل المؤسسات إلا أن الليبيين لن يتناسوا دورهم مثل الشعوب العربية والإسلامية في دعم القضية الفلسطينية”.

ومنذ مارس/ آذار 2022، توجد في ليبيا حكومتان، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (الشرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب .

وفي 4 أكتوبر الجاري، أصدر مجلس النواب قوانين الانتخابات التي أقرتها اللجنة المشتركة “6+6″، فيما أعلن المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) تمسكه بالقوانين التي أنجزتها وأصدرتها اللجنة في 6 يونيو/ حزيران الماضي، عقب مباحثات في مدينة بوزنيقة المغربية، دون إجراء أي تعديلات عليها.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here