مرضى “ضمور العضلات” في غرب ليبيا يطالبون بـ”حقهم في العلاج”

3
مرضى
مرضى "ضمور العضلات" في غرب ليبيا يطالبون بـ"حقهم في العلاج"

أفريقيا برس – ليبيا. «أريد الفلوس حتى أتعالج»… هكذا قال الطفل الليبي عدي بوخريس، بابتسامة بريئة أنهكها مرض «ضمور العضلات» المزمن، وهو جالس على كرسيه المتحرك، في تسجيل مصوّر لقي تعاطفاً واسعاً عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

ينتظر عدي بوخريس، الذي كان من بين عشرات المرضى ضمن وقفة احتجاجية الأسبوع الماضي أمام مقر رئاسة الحكومة في طرابلس، غرب ليبيا، أن تستجيب السلطات المعنية لاستغاثته. وبحسب مشاركين في الوقفة، مرّ موكب لرئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة قرب التجمع، لكنه لم يتوقف للحديث مع المحتجين.

ويُخشى أن يلقى عدي مصير الطفلة منة الرقيق (3 أشهر) من الزاوية، التي توفيت هذا الشهر بسبب مضاعفات «ضمور العضلات»، فيما ينتظر 29 طفلاً الحصول على «الحقنة الجينية»، وفق ما يقول محمد الشيخ، القيادي في رابطة مرضى «ضمور العضلات» لـ«الشرق الأوسط».

وبحسب محمد الشيخ، وهو أحد منظمي الحراك الاحتجاجي، فإن «السلطات في طرابلس تجاهلت شكاوى ومطالب مرضى يواجهون الموت البطيء»، مشيراً إلى أن جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية «يتذرع بعدم توفر الميزانية اللازمة».

ولوّح القيادي برابطة «ضمور العضلات» باتخاذ «خطوات تصعيدية» حيال ما وصفه بـ«التجاهل الحكومي»، من بينها «الدخول في اعتصام آخر، ونصب خيمة أمام مقر الحكومة في طريق السكة، إضافة إلى الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام والنوم». وأضاف أيضاً أن «اللجوء إلى جهات دولية أمر مطروح».

وتتمحور مطالب المحتجين من مرضى «ضمور العضلات» حول «إعادة صرف الإعانة المنزلية المتوقفة منذ أكثر من 8 سنوات، ومراجعة المعاش الأساسي الذي لا يتجاوز 650 ديناراً شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية احتياجاتهم المعيشية والطبية»، وفق الشيخ. وسعر الدولار يساوي 5.37 دينار في السوق الرسمية و7.57 دينار في السوق الموازية.

كما تشمل المطالب الأخرى، التي لم تتم الاستجابة لها رغم تنظيم 19 وقفة احتجاجية خلال السنوات الخمس الماضية، توفير الأدوية والتحاليل الجينية الخاصة بمرض ضمور العضلات، إضافة إلى إنشاء مركز متخصص لعلاج المرضى، وتوفير خدمات العلاج الطبيعي في مختلف المدن.

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة من الجهات الحكومية الليبية توضح عدد الوفيات بسبب مرض «ضمور العضلات». غير أن رابطة «ضمور العضلات» تشير إلى أن عدد الوفيات بلغ نحو 160 حالة خلال السنوات الخمس الماضية.

وأعرب نشطاء حقوقيون عن استيائهم من عدم توقف موكب الدبيبة للاستماع إلى شكاوى المحتجين، الذين تجمعوا أمام مقر الحكومة، الاثنين الماضي، وكان بينهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و19 سنة.

وقال الناشط الحقوقي، فوزي الفاضلي، في تسجيل مصوّر: «كان من الأجدر بالدبيبة أن يتوقف ولو لدقائق، فهؤلاء لا يطلبون صدقة، بل حقوقاً مشروعة كفلها القانون». وأضاف: «هل كان سيتجاهل وقفة احتجاجية لميليشيا مسلحة، أم أن الإهمال يطول الفئات المستضعفة فقط؟!».

في المقابل، تقرّ حكومة «الوحدة الوطنية» بمعاناة هؤلاء المرضى، فقد أصدرت في أبريل (نيسان) الماضي قراراً لتنظيم شؤون ذوي الإعاقة، حدّدت فيه الفئات المستحقة للدعم والمعاشات، وألزمت الجهات المعنية بتقديم الأجهزة التعويضية والمساعدات الطبية. كما أعلنت الحكومة، نهاية عام 2024، إطلاق برنامج وطني لعلاج مرضى «ضمور العضلات»، يتضمن إنشاء معامل جينية، وإيفاد بعض الحالات للعلاج في الخارج.

لكن، وبحسب المرضى ومنظمات المجتمع المدني، بقيت هذه الوعود «حبراً على ورق»، فالأدوية الأساسية «ما زالت نادرة، والأجهزة الطبية إما رديئة أو غير متوفرة، فيما تتسبب الإجراءات البيروقراطية في تفاقم معاناة الحالات الحرجة».

ويشير الفاضلي إلى أن «رواتب ذوي الإعاقة، التي لا تتجاوز 650 ديناراً، غير كافية لسد الاحتياجات الأساسية»، مطالباً برفعها إلى 3 آلاف دينار شهرياً كحد أدنى.

ووفق بيانات الرابطة، هناك 739 حالة موثقة من أصل نحو 1600 مريض على مستوى ليبيا، وغالباً ما تضم العائلة الواحدة أكثر من مريض، بعضهم يعيش في مناطق نائية تفتقر إلى الخدمات والدعم.

ويرى مراقبون أن معاناة هؤلاء المرضى «تفاقمت» بفعل الانقسام السياسي المستمر منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011، حيث تتوزع السلطة بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في غرب ليبيا، وحكومة أخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد.

ويُعدّ مرض «ضمور العضلات» من الأمراض النادرة، وتنجم عن طفرات وراثية تتسبب في فقدان النسيج العضلي تدريجياً، ما يؤدي إلى ضعف الحركة ثم فقدانها كلياً. وفي ليبيا، تتنوع أشكال المرض بين الضمور الشوكي، و«دوشين»، و«بيكر»، و«الحزام الطرفي»، و«الكتفي»، وغيرها بحسب الأطباء.

ويعاني النظام الصحي في ليبيا من تدهور حاد. ورغم الحملات الحكومية لتوفير المعدات الطبية، تقول رابطة «ضمور العضلات» إن ما يتم توزيعه غالباً «رديء الجودة ومتهالك»، فيما تتزايد المطالب بإرسال المرضى للعلاج في الخارج، في ظل غياب التحركات الحكومية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here