مقتل الككلي يعيد تشكيل النفوذ في الغرب الليبي

17
مقتل الككلي يعيد تشكيل النفوذ في الغرب الليبي
مقتل الككلي يعيد تشكيل النفوذ في الغرب الليبي

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. تصاعدت وتيرة التوتر الأمني في العاصمة الليبية طرابلس بعد مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، في اشتباك اندلع خلال لقاء لقيادات أمنية داخل مقر اللواء 444 قتال جنوب طرابلس، ما أدى إلى انفجار مواجهات في مناطق عدة، أبرزها أبوسليم وصلاح الدين، وأجبر السلطات على تعليق الدراسة والرحلات الجوية في مطار معيتيقة.

وبعد ساعات، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية على لسان رئيسها عبد الحميد الدبيبة نجاح وزارتي الداخلية والدفاع في “فرض سلطة الدولة وبسط الأمن”. تشير التحليلات السياسية إلى أن ما جرى يمثل تحولًا خطيرًا في توازنات العاصمة، ويمهد لإعادة رسم مراكز النفوذ.

وقال الدبيبة في منشور على منصة “إكس”: “أحيي وزارتي الداخلية والدفاع، وجميع منتسبي الجيش والشرطة، على ما حققوه من إنجاز كبير في بسط الأمن وفرض سلطة الدولة في العاصمة”، مؤكدًا أن “ما تحقق يُشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية، وترسيخ مبدأ ألا مكان في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة، ولا سلطة إلا للقانون”.

وفي تحليله للمشهد خلال حديثه الخاص لأفريقيا برس، أوضح الأكاديمي والمحلل السياسي محمود إسماعيل الرملي أن العملية السياسية والأمنية في ليبيا تمر بمطبات خطيرة ومزلزلة، معتبرًا أن مقتل الككلي يعد نتيجة مباشرة لفشل الأمم المتحدة والأجسام السياسية والنخب الليبية في الوصول إلى حلول سلمية بعيدًا عن إراقة الدماء.

وأشار الرملي إلى أن عبد الغني الككلي، رغم كونه أحد قادة ثورة فبراير، إلا أن ذلك لا يعفيه من الانتهاكات والتجاوزات التي ارتبطت بجهاز دعم الاستقرار، مؤكدًا أن مقتل الككلي قد يُشكل بداية لإعادة تفكيك مراكز النفوذ، لكنه شدد على أن ذلك لن يكون كافيًا ما دامت ليبيا تعاني من الانقسام المؤسسي والأمني العميق.

ونبّه الرملي إلى أن تفكك الجهاز بعد مقتل قياداته يكشف حجم الهشاشة التي تعانيها الأجهزة المسلحة في طرابلس، معتبرًا أن ما جرى يعبر عن خصومات وصراع مصالح أكثر من كونه تحولًا منظمًا. كما شدد على خطورة انتشار التصفيات الجسدية، محذرًا من استخدامها كأداة لتصفية الحسابات السياسية والأمنية.

ودعا الرملي إلى فتح تحقيق شفاف لكشف ملابسات اغتيال الككلي، متسائلًا عن الأسباب غير المعلنة التي قد تقف وراء العملية، خاصة في ظل ما وصفه بمرحلة صعبة تمر بها حكومة الدبيبة، على خلفية دعوات لتشكيل حكومة جديدة وبدء مرحلة سياسية مختلفة. وأكد أن الحكومة قد تسعى إلى فرض واقع أمني جديد يتجاوز كل التحالفات السابقة، ويمهد لمشهد عسكري وأمني وسياسي مختلف تمامًا عن المرحلة الماضية، مشيرًا إلى أن “الأيام حبلى، ولا نعلم ما سيحدث في قابل الأيام”.

في السياق ذاته، وفي حديثه الخاص لأفريقيا برس، أشار المحلل السياسي محمد أمطيريد إلى أن مقتل الككلي لم يكن حدثًا عفويًا، بل جاء ضمن خطة مرتبة تستهدف تصفية بعض القيادات التي تعرقل إنشاء منظومة أمنية موحدة تفرض سيطرتها على طرابلس.

وأوضح أمطيريد أن هناك توجهًا دوليًا، وتحديدًا من الإدارة الأمريكية والبريطانية، لإنهاء حالة الفوضى وتعدد مراكز النفوذ في العاصمة، مرجحًا أن تكون هذه القوى قد دعمت إنشاء قيادة أمنية جديدة تتولى مسؤولية ضبط المشهد بقيادة شخصيات محل ثقة من حكومة الدبيبة.

ولفت أمطيريد إلى لقاءات جرت بين وزارة الدفاع الأمريكية وعدد من القيادات الليبية مثل محمود حمزة، آمر الاستخبارات العسكرية، وعبد السلام زوبي، وكيل وزارة الدفاع، بهدف إعداد ترتيبات المرحلة الأمنية المقبلة، وإنهاء الأجسام الأمنية غير المرغوب فيها، التي لطالما سببت إزعاجًا للدبيبة وشركائه.

وشدد المحلل على أن المرحلة القادمة ستكون مختلفة تمامًا، وسيتركز القرار الأمني والعسكري في يد منظومة واحدة يقودها عبد الحميد الدبيبة، مستفيدًا من الدعم الغربي وتغيير ميزان القوى داخل العاصمة، مؤكدًا أن التحولات الجارية تنذر بنهاية مرحلة، وبداية مرحلة تفاوض جديدة لا مكان فيها للأجسام الخارجة عن سيطرة حكومة الدبيبة.

ونوه أمطيريد إلى أن القوات المشتركة القادمة من مصراتة بدأت منذ مدة بسط نفوذها داخل طرابلس، واستلمت عدة مواقع استراتيجية، أبرزها مقر مصرف ليبيا المركزي، مشيرًا إلى أن ما تبقى من مراكز نفوذ قد يتم احتواؤه سلميًا أو بعمليات مشابهة لما جرى مع جهاز دعم الاستقرار.

وفي ختام حديثه، أكد أن طرابلس باتت أقرب من أي وقت مضى لتكون تحت سلطة أمنية وعسكرية خاضعة بالكامل لحكومة الدبيبة.

وفي ظل اشتداد الصراع على العاصمة، يبدو أن ليبيا دخلت منعطفًا حاسمًا قد يُنهي تعدد مراكز القرار الأمني، لكنه يحمل في طياته أيضًا مخاطر انفجار مواجهات جديدة في حال استمرت التصفيات وغياب العدالة الانتقالية.

وبينما تتحرك حكومة الدبيبة لترسيخ نفوذها، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى استقرار هذا “النظام الأمني الجديد”، ومن سيبقى أو يُقصى في المرحلة المقبلة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here