موسم سيدي “بريكس” والمخدرات الاقتصادية… فلترتعد أميركا!

5
موسم سيدي
موسم سيدي "بريكس" والمخدرات الاقتصادية... فلترتعد أميركا!

مصطفى عبد السلام

أفريقيا برس – ليبيا. انفض مولد مجموعة دول “بريكس” وهو تجمع تأسس قبل 14 عاما ويضم في عضويته 5 دول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم هي الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، وتشكل اقتصاداتها مجتمعة نحو 30% من الاقتصاد العالمي، ويشكل عدد سكانه 40% من سكان العالم.

ومع انطلاق اجتماعات بريكس في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا يوم الثلاثاء راحت وسائل إعلام عربية وروسية وتابعة للدول الأعضاء في التجمع، أو الراغبة في الانضمام لعضويته تروج مخدرات اقتصادية وثقافية على مستوى واسع تتعلق بالمزايا الضخمة التي يمكن أن تعود على الدول الفقيرة والنامية من هذا التجمع الجيوسياسي.

منها مثلا أن قادة تجمع البريكس وجهوا في اجتماعهم الذي اختتم أعاله اليوم الخميس ضربة قاضية للدولار، وأن القادة وفي مقدمتهم روسيا والصين رفعت الكارت الأحمر في وجه الدولار.

وأن الدول الأعضاء اتفقت على إصدار عملة ستضع نهاية للعملة الأميركية التي لن تعود بعد اليوم هي العملة الأولى في تسعير العملات والسلع والمعادن النفيسة والنفط والغاز، والمكون الرئيسي لاحتياطيات النقد الأجنبي حول العالم.

وأن تجمع بريكس سيقوض النظام المالي والمصرفي العالمي الحالي الذي تقوده كل من الولايات المتحدة وأوروبا، وأن الصين والهند أعضاء بريكس سيقودان الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة.

وأن العملات الوطنية داخل دول التجمع ستشهد قفزات أمام الورقة الخضراء، وأنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تكون مطمئنة بعد اليوم على مستوى الهيمنة المالية، مع تراجع حصة الدولار في الاحتياطي العالمي بنسبة 13% منذ عام 2000، لتصل إلى 58% حالياً.

وفق تلك الروايات المنتشرة عن مولد سيدي بريكس فإن العالم سيودع قريبا هيمنة المؤسسات المالية الدولية التقليدية والجشعة وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليان.

وأن البنك أو المؤسسة المالية الجديدة التي سيطلقها تجمع بريكس ستزيح تلك المؤسسات عن عرشها وتوفر القروض والمنح والمساعدات للدول النامية، وتنهي اتفاقية “بريتون وودز” التي شكلت النظام المالي العالمي الحالي منذ العام 1944.

ببساطة ووفق تلك المخدرات فإن على الولايات المتحدة أن ترتعد وتخاف بقوة، لأن موعد سقوطها وعملتها واقتصادها قد أقترب، وأن تحالف بريكس سيعجل بهذا السقوط.

وللأسف شارك في نشر تلك المخدرات بعض التصريحات الحماسية الصادرة عن بعض قادة بريكس ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أطلق تصريحا ناريا مفاده أن “التخلي عن الدولار وإلغاء التعامل به كعملة عالمية عملية لا رجعة فيها، وأن دول مجموعة بريكس “تناقش مجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالانتقال إلى العملات الوطنية في جميع مجالات التعاون الاقتصادي بين دولنا الخمس”، وأن حصة الدولار في تسوية المعاملات التجارية داخل التحالف تراجعت إلى 28%.

كما شارك في عملية نشر تلك المخدرات أيضا ردود فعل بعض قادة الدول التي تمت دعوتها للانضمام للمجموعة والذين وصفوها باللحظة بالتاريخية والعظيمة كما قال أبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا.

والغريب أن هذه المخدرات وصلت إلى رجل الشارع العادي الذي بات يسأل وكله ثقة: متى ينهار الدولار والاقتصاد الأميركي، ومتى نشتري عملة بريكس لنحقق مكاسب وأرباحا رأسمالية، ومتى تتدفق علينا الأموال من بنك بريكس الجديد، ومتى نتخلص من جرائم صندوق النقد وروشتاته السامة؟

وللأسف فإن كل تلك المخدرات الاقتصادية وغيرها لا تستند إلى واقع، فالدولار باق لسنوات طويلة كعملة أولى في تسعير السلع والخدمات والاحتياطي الأجنبي، بل زادت قوته في الفترة الماضية مع رفع سعر الفائدة عليه نحو 12 مرة، ونجاح الولايات المتحدة في خفض معدل التضخم وتفادي وقوع الاقتصاد في حالة ركود.

وعملة بريكس لن ترى النور قريبا في ظل الخلافات والاختلافات الشديدة بين الدول الأعضاء في التجمع وأبرزها الخلاف الشديد بين الصين والهند، ومحاولة بكين تطويع تحالف بريكس بما يخدم مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية وخططها في مواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة.

وعملات الدول الأعضاء في التحالف لم تلق قبولا في أسواق العالم حتى الآن، فالروبية الهندية والروبل الروسي لا يزالا عملتين محليتين، حتى اليوان لا يزال يمثل أقل من 3% من حجم التعامل في أسواق الصرف العالمية.

ولا يزال التطور الملموس هو استخدام تلك العملات المحلية في تسوية المدفوعات البينية بين الدول الأعضاء سواء لأغراض التبادل التجاري أو تبادل العملات، ولا حديث حقيقيا عن إصدار عملة موحدة.

كل ما نتج من مولد مجموعة بريكس هو قرار بتوسيع عضوية التحالف حيث تمت دعوة عدة دول للانضمام الى التحالف ومنها مصر والسعودية والإمارات وإيران والأرجنتين وإثيوبيا بهدف توسيع نفوذه العالمي ومواجهة النفوذ الأميركي المتزايد وتخفيف ضغوطه عن الصين وروسيا.

بالطبع لا يمكن التقليل من أهمية تحالف بريكس الجيوسياسي والاقتصادي المتزايد في وجه الهيمنة الغربية، لكن يجب عدم المبالغة في التوقعات في ظل مواجهة الاقتصاد الصيني الذي يقود بريكس أزمة كبيرة، والتقارب الهندي الأميركي على كل المستويات، ومواجهة اقتصاد روسيا أسوأ أزمة مر بها. حتى الدول الأعضاء الجدد في المجموعة تعاني من أزمات مالية حادة باستثناء السعودية والإمارات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here