أفريقيا برس – ليبيا. توشك ليبيا أن تتحول إلى حجر صغير ضمن صراع دولي كبير بين روسيا والدول الغربية، انطلقت شرارته من أوكرانيا، لكن دولاً كثيرة أصيبت بشظايا الحرب، ولو بأشكال متعددة.
بعد فرض الولايات المتحدة الأميركية حظراً على واردات النفط الروسية إلى أراضيها، في 9 مارس/آذار الجاري، بسبب الحرب في أوكرانيا، اشتعلت أسعار النفط بشكل غير مسبوق منذ 2008، لتصل إلى نحو 140 دولاراً للبرميل.
سعت واشنطن لإطفاء نيران أسعار النفط الملتهبة باللجوء إلى حلفائها وشركائها المنتجين للنفط بل حتى ألدّ أعدائها على غرار فنزويلا، التي تملك أكبر احتياطي للنفط في العالم، والتي تسببت العقوبات الأميركية في تراجع إنتاجها النفطي إلى مستويات منخفضة.
وليست ليبيا بعيدة عن هذا الصراع، خاصة أنها تملك أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا، وصعد إنتاجها إلى أكثر من 1.1 مليون برميل يوميا، خاصة بعد تشكيل حكومة الوحدة في 2021، ما جعل البلاد الثانية أفريقيا والأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط في إنتاج وتصدير النفط، متفوقة على كل من أنغولا والجزائر.
إلا أن عودة الانقسام إلى ليبيا، وتلويح عدة أطراف محلية بوقف إنتاج وتصدير النفط في عدد من الحقول والموانئ النفطية، يهددان المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، لكنه بالمقابل يخدم مصالح روسيا المتواجدة عسكريا عبر شركة فاغنر الأمنية.
وهذا التضارب في مصالح الدول الكبرى، قد يؤجج النزاعات بين الليبيين، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط، وتدفق مداخيل غير مسبوقة على البلاد، التي لا يتجاوز عدد سكانها 7 ملايين نسمة فقط، فيما تتنازع حكومتان على السلطة والنفوذ.
عادت التهديدات بغلق النفط الليبي لتدخل ساحة المزايدات السياسية، بعد تهديد سكان في منطقة الهلال النفطي (شمال وسط)، في 11 مارس، بإغلاق موانئ التصدير، في حال استمرار حكومة الوحدة الوطنية، وعدم تسلم الحكومة الموازية للسلطة.
وتمثل صادرات النفط من موانئ الهلال النفطي الأربعة (السدرة، راس لانوف، البريقة، الزويتينة) أكثر من 60 بالمائة من إجمالي صادرات البلاد.
لكن الأخطر من ذلك إعلان مؤسسة النفط الليبية، في 6 مارس، فقدان نحو 330 ألف برميل يوميًا، نظرًا لإغلاق حقلي الشرارة والفيل، الواقعين في أقصى الجنوب الغربي.
إلا أن هذا الإغلاق تم على مستوى صمامات ضخ النفط الخام بمنطقة الرياينة، في محافظة الزنتان، حيث ينقل النفط الخام من حقلي الشرارة والفيل، مرورا بالجبل الغربي (الزنتان) ليعاد ضخه إلى ميناء الزاوية (50 كلم غرب طرابلس) ومنه يصدر إلى الخارج.
رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط، مصطفى صنع الله، اتهم “مجموعة من العصابات المشبوهة بزعامة المدعو محمد البشير القرج، أقدمت على إغلاق صمامات ضخ الخام”.
والقرج يدعي أنه ينتمي لحرس المنشآت النفطية، لكنه يقود عصابة من أبناء عمومته من قبيلة الأقراج في مدينة الزنتان، وهو مطلوب للعدالة.
ولم تقدم عصابة القرج، مطالب محددة، لكن رئيس مؤسسة النفط، أشار إلى أنها “أغلقت هذه الصمامات بين 2014 و2016، وتزامنت مع طفرة الأسعار، وكل هذه المؤشرات تؤكد أن لها ارتباطات مشبوهة، تحركها أيادٍ خفية لجر البلاد إلى الفوضى”.
وأثار غلق عصابة القرج، لصمامات نفط حقلي الشرارة والفيل، استياء أميركيا وأمميا، خاصة وأن الحقلين ينتجان نحو 30 بالمائة من الإنتاج النفطي الإجمالي للبلاد، وجاء في ذروة ارتفاع أسعار النفط، وأزمة دولية ساخنة في أوكرانيا.
وأثار ذلك استياء أميركيا وأمميا، حيث دعا المبعوث الأميركي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند إلى “إنهاء الحصار النفطي، بينما أعربت المستشارة الأممية الأميركية ستيفاني وليامز عن قلقها واستيائها من إغلاق حقول نفطية، وقالت إن “تعطيل إنتاج النفط يحرم جميع الليبيين من مصدرهم الأساسي للدخل”.
فيما أمر رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، غرفة العمليات الأمنية المشتركة باتخاذ إجراءات عاجلة لفتح صمامات أنبوب نقل النفط.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس