عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. تستمر قضية هانيبال القذافي، الابن الرابع للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، في إثارة الجدل على الصعيدين الإنساني والسياسي، بعد أن بقي محتجزًا في السجون اللبنانية منذ عام 2015 دون محاكمة فعلية. وقد حدد القضاء اللبناني جلسة استجواب له يوم الجمعة المقبل، بعد عشر سنوات من توقيفه دون أي إجراءات تحقيق فعلية، فيما تمنعه النيابة العامة اللبنانية من لقاء محاميه، وفقًا لصحيفة “ليبانون ديبايت”. هذا الوضع يعكس حالة من الجمود القضائي، ويطرح تساؤلات حول الدور الحقيقي للسلطات الليبية في متابعة ملف أحد مواطنيها المحتجزين في الخارج، خاصة في ظل المخاوف من أي تأثير محتمل لعودة عائلة القذافي إلى المشهد السياسي الليبي مستقبلاً.
وفي تصريح خاص لموقع “أفريقيا برس”، اعتبر جمال الفلاح، رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، أن قضية هانيبال القذافي سياسية بامتياز، وتعكس تخاذل السلطات الليبية في الدفاع عن مواطنها. وقال الفلاح إن القضية “لا تستند إلى منطق أو عدالة”، موضحًا أن احتجاز هانيبال جاء على خلفية قضية اختفاء الإمام موسى الصدر، رغم أن هانيبال لم يكن له أي دور أو علاقة بالحادثة. وأضاف: “عندما اختفى الإمام موسى الصدر، كان عمر الكابتن هانيبال سنتين أو ثلاث سنوات، فكيف يُتهم شخص لم يكن حتى مدركًا للأحداث؟”
وتابع الفلاح موضحًا الاستهجان من التهم الموجهة لهانيبال حول إخفاء معلومات: “ما هي المعلومات التي يمكن أن يمتلكها طفل لم يكن حاضراً أو شاهداً أو جزءاً من تلك القضية؟”، معتبرًا استمرار احتجازه طوال هذه المدة دون إدانة أو محاكمة واضحة ظلماً بيّناً وتجاوزًا لكل معايير العدالة. وانتقد أيضًا ما وصفه بـ”تخاذل السلطات الليبية” في متابعة القضية، مشيرًا إلى أن القضاء اللبناني نفسه أكد وجود قصور في التعاون من الجانب الليبي، وأضاف: “للأسف، الدولة الليبية لم تُبدِ أي اهتمام حقيقي بهذا الملف، رغم أن لديها القدرة على التحرك دبلوماسيًا أو قانونيًا للمطالبة بإطلاق سراحه”.
وأشار الفلاح إلى أن السلطات الليبية سبق أن تدخلت في قضايا تتعلق بإرهابيين ومطلوبين وتم إطلاق سراحهم بوساطات أو صفقات، متسائلًا: “إذا كنا نستطيع أن نعيد إرهابيين من الخارج، فلماذا لا نسعى لإنصاف مواطن ليبي مظلوم لم يرتكب جريمة؟”، مؤكدًا أن قضية هانيبال يجب أن تُعالج من منطلق إنساني ووطني بعيدا عن الحسابات السياسية. وأضاف: “الخلاف السياسي لا يبرر التخلي عن أبنائنا في الخارج، فالخصومة لها شرف، ولا يجوز أن تتحول إلى انتقام أو تصفية حسابات”.
وشدد الفلاح على أهمية بناء دولة العدالة والمؤسسات التي تضمن حقوق كل المواطنين دون تمييز على أساس الانتماء السياسي أو العائلي، وقال: “نحن نسعى إلى دولة تؤمن بالاختلاف والتنوع وتجمع الجميع في ظل القانون والإنصاف، لا دولة الإقصاء والمعاقبة على الماضي”. وفي ختام حديثه، دعا جميع الأطراف الليبية إلى إطلاق مبادرة وطنية للمطالبة بالإفراج عن هانيبال القذافي، مؤكداً تضامنه الكامل مع هذه القضية، وأضاف: “أنا كناشط سياسي ومدافع عن حقوق الإنسان، أؤكد أن من واجبنا أن نقف مع المظلومين، وأن نعيد الاعتبار لرجل سُجن ظلماً في قضية لا تمت إليه بصلة”.
ومن الناحية الإنسانية والقانونية، أكدت إيناس حراق، القائمة على الفريق القانوني والدفاع، لصحيفة «الشرق الأوسط» أن هانيبال سيبقى محتجَزا إلى أن تقدّم الدولة الليبية معلومات عن قضية الإمام موسى الصدر. ووصفت ذلك بأنه “أمر بالغ الخطورة، لأنه يعني أن أي إنسان بريء قد يتحوّل في أي لحظة إلى ضحية صراع سياسي بين دولتين، ويُستخدَم رهينةً للحصول على تنازلات أو معلومات. هذا ليس معقولًا، وهو يشكل سابقة تهدد كل فرد، وتمس أبسط معايير العدالة والحرية وحقوق الإنسان”.
وأضافت أن “هانيبال خُطف من سوريا على يد مجموعة مسلّحة، ولم يُحاسَب الخاطفون، بينما بقي هو وحده في السجن”. وأشارت إلى أن “القضاء اللبناني نفسه يعترف بأن العراقيل مصدرها السلطات الليبية، لا هانيبال”. وتوجَّهت حراق إلى عائلة الإمام موسى الصدر بالقول: “نرجو أن تبقى قضيتكم قضية حق وعدالة، لا قضية ظلم لآخرين. استمرار سجن هانيبال لا يكشف الحقيقة ولا يقرّبها، بل يضاعف المأساة ويزيد حجم الظلم”.
ووفق بيان سابق للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، تحصلت “أفريقيا برس” على نسخة منه، فإن المؤسسة تتابع بقلق بالغ تطورات الوضع الإنساني والصحي لهانيبال القذافي المعتقل تعسفيًا في لبنان، حيث تردت حالته الصحية في ظل استمرار اعتقاله منذ عشر سنوات متواصلة بدون محاكمة عادلة أو صدور حكم قضائي نهائي بحقه.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





