هل تُشرق شمس الانتخابات في ليبيا أم يطول ليل الانقسام؟

هل تُشرق شمس الانتخابات في ليبيا أم يطول ليل الانقسام؟
هل تُشرق شمس الانتخابات في ليبيا أم يطول ليل الانقسام؟

المهدي هندي

أفريقيا برس – ليبيا. مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المستهدف في منتصف أبريل 2026، تعود الساحة الليبية إلى موجة جديدة من التصعيد السياسي، وسط تساؤلات ملحّة حول إمكانية الذهاب فعلًا نحو صناديق الاقتراع، أم أن البلاد ستجد نفسها أمام تأجيل آخر يُعيد إنتاج الأزمة.

فعلى الرغم من ضغط المجلس الأعلى للدولة على مجلس النواب للإسراع في ملف إعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، تمضي المفوضية بخطوات فنية متقدمة، بعدما أعلنت رسميًا بدء إعداد اللوائح المنظمة لانتخابات رئيس الدولة ومجلس الأمة، بما في ذلك لوائح المنازعات، والحقوق الانتخابية، وآليات تحديث سجل الناخبين، إضافة إلى إعداد ميزانية تقديرية شاملة للعملية الانتخابية.

رسالة المفوضية بدت واضحة: “الاستعداد الفني مكتمل… والقرار سياسي بالدرجة الأولى.”

غير أنّ هذا التقدم الفني يصطدم بتجدد الخلافات المؤسسية. فتعطيل الميزانية، والطعن المتكرر في القوانين، وتضارب الصلاحيات بين السلطات، عوامل تجعل الجاهزية الفنية غير كافية لرفع العراقيل أمام المسار الانتخابي.

تتجه الأنظار اليوم إلى اللوائح الخاصة بشروط الترشح، والتي يُتوقع أن تحسم مدى جدية الأطراف السياسية في خوض انتخابات تنافسية. فهذه اللوائح ستكشف ما إذا كان الهدف إجراء انتخابات شاملة، أم الذهاب نحو استحقاق مُفصّل على مقاس أطراف بعينها.

وفي المقابل يظل تمويل العملية الانتخابية رهين اعتماد الميزانية من جهة تشريعية تعاني انقسامًا واضحًا، ما يجعل الإرادة السياسية في اختبار مستمر. كما يُعد تحديث سجل الناخبين عنصرًا حساسًا، إذ يتطلب ضمان شمولية كل الليبيين، خصوصًا في مناطق النزوح والنزاع، بعيدًا عن أي محاولات لإعادة تشكيل الخريطة الانتخابية وفق موازين القوى.

ما يجري لا يعكس خلافات تقنية بقدر ما يعبر عن تعمّق الانقسام المؤسسي، وهو انقسام أصبح العائق الأكبر أمام أي خطوة نحو تسوية سياسية مستقرة. فمع كل جولة سياسية جديدة، تتجدد محاولات اختبار حدود تأجيل الاستحقاق الانتخابي، في ظل غياب توافق وطني حقيقي.

ثلاثة سيناريوهات تحدد وجهة الانتخابات
1. سيناريو الانفراج – توافق وطني وضمانات دولية:

وهو السيناريو الأكثر تفاؤلًا ويقوم على نجاح الأطراف الليبية في تجاوز خلافات القوانين والترتيبات المؤسساتية، وصولاً إلى اتفاق شامل مدعوم بضمانات دولية تحمي نتائج العملية الانتخابية. ورغم أهميته، يبقى احتمال تحققه متوسطًا إلى ضعيف بالنظر إلى تراكمات أزمة الثقة بين الفاعلين السياسيين.

2. سيناريو الاستمرار في الانتخابات المحلية – وهو الأرجح حاليًا:

رجّح مراقبون استمرار المفوضية في تنفيذ انتخابات بلدية محدودة في بعض المناطق، مقابل بقاء المسار الوطني مجمّدًا. ويأتي ذلك نتيجة استمرار الانقسام بين الشرق والغرب، والخلافات داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية، الأمر الذي يعيد إنتاج تجربة 2021 بشكل أو بآخر.

3. سيناريو التوتر والشلل التام – الأسوأ من حيث التأثير:

قد تقود الخلافات المتصاعدة داخل البرلمان أو ظهور تدخلات إقليمية جديدة، أو حتى تدهور أمني غير محسوب إلى شلل كامل للعملية الانتخابية، وهو سيناريو يظل احتماله متوسطًا بالنظر إلى هشاشة المشهد الأمني والسياسي.

خلاصة القول على الرغم من الحراك الفني الإيجابي الذي تبديه المفوضية العليا للانتخابات، يبقى نجاح أي استحقاق وطني رهنًا بمدى استعداد الأطراف السياسية للتوافق على القوانين الأساسية ورفع الفيتو عن الخلافات الجوهرية. فالسؤال المطروح اليوم لم يعد تقنيًا:

هل تسمح القوى السياسية لليبيين بالاختيار؟ أم تستمر البلاد رهينة تفاهمات الغرف المغلقة؟

ليبيا تقف على مسافة يمكن عبورها نحو الانتخابات، لكن عبور هذه المسافة يحتاج إلى توافق سياسي يضمن الحد الأدنى من النزاهة والقبول بالنتائج. بدون ذلك ستظل محاولات العبور “معلّقة” فوق رمال الانقسام المتحركة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here