هل يشكل إقرار باتيلي بتشكيل حكومة موحدة تراجعاً عن مواقفه؟

7
هل يشكل إقرار باتيلي بتشكيل حكومة موحدة تراجعاً عن مواقفه؟
هل يشكل إقرار باتيلي بتشكيل حكومة موحدة تراجعاً عن مواقفه؟

أسامة علي

أفريقيا برس – ليبيا. قدّم المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي إحاطة إلى أعضاء مجلس الأمن، أمس الثلاثاء، تبدو مختلفة في خطابها ومواقفها عن إحاطاته السابقة، مكتفياً فيها بتوصيف مستجدات الواقع السياسي في البلاد، دون أن يقدم أي مقترحات واضحة تدفع بالعملية السياسية نحو إجراء الانتخابات.

وكانت أبرز القضايا اللافتة في إحاطة باتيلي إقراره بأهمية تشكيل حكومة موحدة وأنها “ضرورة لقيادة البلاد إلى الانتخابات”، ما اعتبره مراقبون تراجعاً عن مواقفه السابقة الرافضة لسعي مجلسي النواب والدولة لتشكيل حكومة جديدة قبل تعديل القوانين الانتخابية، بل واتهمهما بالسعي لترتيبات وحكومات انتقالية جديدة، ورغبتهما في تقاسم الكعكة فقط.

وخلت تعقيبات مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على إحاطة باتيلي من أي جديد حيال الوضع السياسي في ليبيا، إذ توافقت على ضرورة دعم جهود البعثة الأممية في مساعيها لتيسير تنظيم انتخابات في البلاد، غير أن المندوبة الأميركية بالأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أكدت أهمية “تشكيل حكومة تصريف أعمال، مهمتها قيادة البلاد حتى إجراء الانتخابات”، واستعداد بلادها لدعم ذلك.

ولا يرى المحلل السياسي وليد ارتيمة أي تراجع في إحاطة باتيلي عن مواقفه السابقة، مشيراً إلى أنه ذهب هذه المرة لتقديم إحاطة بشكل مختلف، “فلديه صورة متكاملة وجديدة للمشهد، بناء على ثلاثة أحداث سياسية، وأمنية، واقتصادية، شهدتها البلاد أخيراً.

ويفنّد ارتيمة، الأحداث الثلاثة، مشيراً إلى أن “الحدث الأول أمني، وهو الاشتباكات التي شهدتها طرابلس أخيراً، وكانت مربكة، وخصوصاً أنها اندلعت بين أكثر المجموعات تنظيماً وانضباطاً، لقاء عجز الحكومة في طرابلس عن فعل أي شيء لوقف المواجهات، ما أظهر للداخل والخارج عجز الحكومة عن تنظيم الانتخابات”.

أمّا الحدث السياسي، فيتمثل في اتفاق رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد مليشيات الشرق خليفة حفتر، و”مفاد رسالة هذا الاتفاق لباتيلي أنه إذا أراد أن يمضي قدماً في أي خطوة سياسية، فيجب أن يكون هناك تنسيق مع الأطراف الثلاثة التي يمثلها الاتفاق”، وفق ارتيمة.

ويقول ارتيمة إن الحدث الثالث “اقتصادي، ممثلاً في الإعلان عن توحيد إدارتي المصرف المركزي في شرق وغرب البلاد في إدارة واحدة”، معتبراً أن هذه الأحداث الثلاثة “أتاحت لباتيلي أن يكون أكثر وضوحاً في طرح تصوره”.

ويشرح ارتيمة تصور باتيلي الذي حملته إحاطته بالقول: “هناك أكثر من نقطة أساسية في تصوره، وأهمها التأكيد على ضرورة وجود حكومة موحدة، الأمر الذي كان واضحاً، وخصوصاً أن كلمة المندوبة الأميركية عززت هذه المسألة، فكليهما أشارا في ذلك إلى هشاشة الوضع الأمني في طرابلس، وكذلك الإشارة المباشرة الموجهة لمجلس النواب بأن قوانين لجنة 6+6 يمكن البناء عليها، والانطلاق من أساسها للتوافق على كيفية إجراء الانتخابات، والأمر الآخر يتعلق بمحاولة باتيلي الفصل بين عمل المجلس الرئاسي والمكونات السياسية الأخرى، وكأنه يريد الاستفادة من صلاحيات المجلس الرئاسي السيادية، أو ينسق مع المجلس الرئاسي في تنفيذ آلية خطته”.

ويضيف ارتيمة “الآن علينا انتظار الآلية التي سينفذ بها باتيلي هذه التصورات، ومدى قدرته على تمريرها في مجلس الأمن وبين الدول الكبرى، وفي تقديري أن التنفيذ سيأخذ وقتاً طويلاً، فالإحاطة تؤشر إلى أن الانتخابات لن تكون خلال هذا العام، ولا حتى الربع الأول من العام المقبل”.

لكن من منظور الصحافي والكاتب السياسي عبد الله الكبير، فإن إحاطة باتيلي لا تؤشر إلى تغيرات كبيرة مقبلة في المشهد السياسي الليبي، معتبراً أنها أوضحت تماهياً من جانب باتيلي مع اتفاق المنفي وصالح وحفتر، وبالتالي نجاحهم في قطع الطريق أمامه لإطلاق عملية سياسية تسحب ملف الانتخابات من أيديهم، وتشرك غيرهم في القرار السياسي.

وهذا التماهي، وفقاً لرأي الكبير، لا يعطي ثقلاً لاتفاق المنفي وصالح وحفتر، الذي يهدف إلى تغيير حكومة عبد الحميد الدبيبة، موضحاً أنه يمثل طرفاً سياسياً واحداً، ويقول، إن “تشكيل حكومة موحدة جديدة يتطلب اتفاقاً سياسياً، وواقع الأمر أن اتفاق المنفي يقتصر على صالح وحفتر، لكن الأطراف السياسية والعسكرية في المنطقة الغربية لا بد أن تكون مشاركة في أي اتفاق، من واقع أن موازين القوى تقتضي ذلك، بسبب وجود حفتر في مشهد التوافقات الجديدة، والمنفي الذي يبدو أنه جيء به ليحل محل رئيس مجلس الدولة السابق خالد المشري، ليس لديه نفوذ في غرب البلاد”.

وعلى الرغم من إقرار الكبير بأن المواجهات المسلحة الأخيرة في طرابلس أظهرت عدم قدرة الدبيبة على السيطرة على الأوضاع، وتسبب ذلك في تغير محدود في موقف البعثة وعواصم كبرى كواشنطن منه، إلا أنه يستدرك بالقول إن “الدبيبة لم يفقد كل أوراقه، فما زال لديه حلفاء محليون وإقليميون أيضاً، وفي ظل الاختلافات الإقليمية والدولية العميقة في الملف الليبي، سيكون من الصعب وجود توافق دولي على تغيير حكومة الدبيبة”، وعليه فهو يرى أن إحاطة باتيلي تؤشر إلى اتجاه الأوضاع في ليبيا “إلى المزيد من الجمود، ومن ثم تهدئة الأوضاع في ظل الاستقرار النسبي الذي تعيشه البلاد منذ فترة، وهو الأنسب للحالة الدولية المختلفة في الملف الليبي”.

ويعتبر الكبير أن “الطريق أمام حسم موضوع الحكومة طويل، وباعتقادي لن يتم حسمه إلا عن طريق الانتخابات التي لا يبدو أنها ستحدث قريباً، وبالتالي يمكن تغييرها بانتخابات محدودة، كما جرى في انتخابات ملتقى الحوار السياسي، بالتصويت على القوائم المتنافسة، والتي فاز فيها المنفي والدبيبة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here