هوامش على دفتر باتيلي.. أسئلة “المبادرة الجديدة”

6
هوامش على دفتر باتيلي.. أسئلة
هوامش على دفتر باتيلي.. أسئلة "المبادرة الجديدة"

خليفة علي حداد

أفريقيا برس – ليبيا. أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي، في مؤتمر صحفي، عقده، السبت، بمقر البعثة الأممية في طرابلس، ما أسماها “مبادرة” جديدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ليبيا قبل موفى السنة الحالية 2023.. وأوضح باتيلي أن هدف مبادرته “توسيع الحوار والجمع بين الأطراف الليبية لتمكينها من تجاوز الركود الحالي وقيادة البلاد نحو الانتخابات”، مؤكدا أنه “بالإمكان وضع خارطة واضحة للانتخابات الليبية بحلول منتصف يونيو/حزيران المقبل، وإجراء الانتخابات خلال العام الجاري”.

وعلى صعيد التفاصيل أكد باتيلي أن خطته تتضمن تشكيل ما أسماها بـ”لجنة توجيهية رفيعة المستوى” تتكون من ممثلي المؤسسات السياسية، وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلين عن النساء والشباب، مؤكدا أن دروها يتمثل في “تيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023″..

بعد ساعات قليلة من إعلان باتيلي مبادرته صدرت ردود فعل إيجابية تجاهها، أو على الأقل لا ترفضها، من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري والسفير الأمريكي لدى ليبيا، فيما التزم كل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وخليفة حفتر الصمت حتى اللحظة..

من حيث التفاصيل لا تبدو مبادرة باتيلي مختلفة كثيرا عن مبادرات سابقة، ومن بينها خريطة الطريق التي أفرزها ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف والتي واكبتها المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز موفى عام 2020.. وفود تمثل الأطراف السياسية والمكونات الاجتماعية والمؤسسات السيادية والشباب والنساء والمجموعات العسكرية، ثم اتفاق على وقف الأعمال القتالية وتوحيد السلطة التنفيذية وعلى تشكيل لجان لصياغة المرجعيات القانونية والتشريعية وتحقيق المصالحة الوطنية لتنتهي خريطة الطريق بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تفرز مؤسسات دائمة وتخرج البلاد من المراحل الانتقالية قبل موفى العام..

ويمر العام ولا انتخابات أجريت..

قد يرى متابعون كثر أن من التفاؤل الاعتقاد بأن مآلات مبادرة باتيلي ستكون مختلفة عما سبقها وأنه سيحقق ما عجز عنه سلفه، غير أن الاستشراف السياسي لا يبنى على الأمنيات بل على القراءات الموضوعية لمؤشرات المشهد وعلى إدراك تشعباتها وخيوطها الناظمة والمحركة..

وعليه، فإن إجراء انتخابات في غضون تسعة أشهر من الآن يتطلب توافقا واسعا بين مختلف مكونات المشهد السياسي والأمني والعسكري والاجتماعي والجهوي وإسنادا إقليميا ودوليا، واستقرارا أمنيا.. وقبل هذا وبعده، تحيينا للعقليات لتقبل بالاختلاف وتقرّ بالتعدد وبمبدإ المواطنة قيمة تعلو على ولاءات العشيرة والقبيلة والجهة والحزب والكتيبة..

ولتكن البداية بـ”اللجنة التوجيهية” التي ستتولى تهيئة الأرضية التشريعية والسياسية والأمنية للانتخابات.. من سيختار أعضاءها؟ وإذا تم التسليم بأن من حق باتيلي والأمم المتحدة اختيارهم، فمن يضمن القبول بتمثيليتهم الاجتماعية أو السياسية أو العسكرية؟ وإذا ذهبنا إلى فرضية اختيارهم “رغم أنف الجميع” فمن يضمن لمخرجات عملهم القبول؟

ثم لنعرج على الأجسام و”الشخصيات” القائمة الآن.. هل ستسلم بانتهاء أدوارها وتقبل بالانسحاب بسهولة ويسر، وهي التي تتصرف في ماكينات عسكرية وأمنية وقبلية وجهوية ومالية لا يستهان بها؟ وهل من السهل التوافق على شروط ترشح ترضي الجميع في ظل إصرار كل طرف على فرض ما يتماشى مع “هوية” مرشحه المفترض؟

بعدها، لنلق نظرة على الموقف الإقليمي والدولي، وهو أحد محددات المشهد الليبي.. هل سيرضى هذا الراعي الإقليمي أو ذاك بخريطة طريق قد تؤدي إلى خروج “حلفائه” المحليين من اللعبة؟ وهل سيرضى، بسهولة، بالانسحاب، عسكريا وسياسيا، من مشهد استثمر فيه كثيرا؟

ولنضف إلى ما سلف.. هل بيد باتيلي، حقا، أن يفعل شيئا في حال تعثرت خريطته، وهو الذي لم يجد عصا يهش بها سوى القول بأن من يرفض مبادرته “سيعاقبه الشعب الليبي في الانتخابات”؟؟؟

أسئلة موضوعية كثيرة من حق المتابع طرحها، غير أن ذلك لا يعني، أبدا، أن ليبيا لن تصل إلى نهاية المحنة.. إذ رغم تشعب المشهد فإن تفكيكه لن يكون مستحيلا في حال صدقت نوايا النخب وتوافقت على مشروع وطني يطوي صفحة التشظي.. ولاشك أن البلاد تزخر بالخيرين وأصحاب العقول الوازنة والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والمتطلعين إلى مستقبل أفضل..

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here