واشنطن تجمع الخصوم في استضافة حفتر وزوبي

1
واشنطن تجمع الخصوم في استضافة حفتر وزوبي
واشنطن تجمع الخصوم في استضافة حفتر وزوبي

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في تحرك لافت يعكس تجدد اهتمام الإدارة الأميركية بالملف الليبي، قام وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية عبدالسلام زوبي بزيارة رسمية إلى واشنطن، بدعوة من وزارة الدفاع الأميركية، حيث عقد اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين أميركيين داخل مبنى البنتاغون.

جاءت زيارة زوبي بعد أيام قليلة من زيارة مماثلة أجراها صدام حفتر، بصفته رئيس أركان القوات البرية التابعة لقوات المشير خليفة حفتر في الشرق، حيث التقى بمستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس، وبحضور مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى تيم ليندركينغ، والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند.

وفي بيان للسفارة الأميركية في ليبيا، تم التأكيد على أن صدام حفتر حضر اللقاء كمبعوث شخصي لوالده المشير خليفة حفتر. ووفقًا لما جاء في البيان، فقد تم الاتفاق خلال الاجتماع على أهمية بناء دولة ليبية آمنة وموحدة ومزدهرة، بمؤسسات تكنوقراطية قوية، مثل المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، مما يجعلها أكثر قدرة على التعامل مع الولايات المتحدة والشركات الأميركية.

تأتي هذه التحركات الدبلوماسية والعسكرية بعد أسابيع من رسو البارجة الأميركية التابعة للأسطول السادس في ميناءي طرابلس وبنغازي، حيث أُجريت لقاءات عسكرية مع ممثلين عن الجانبين، ما زاد من التكهنات حول دور عسكري متجدد للولايات المتحدة في ليبيا.

وفي تصريح خاص لموقع “أفريقيا برس”، أوضح المحلل السياسي والأكاديمي محمود إسماعيل الرملي أن أهم ما يُفهم من هذه الزيارة هو إعادة الاهتمام بالملف الليبي في ظل الإدارة الجديدة، والاهتمام المتزايد بالشق الأمني والعسكري من قبل إدارة ترامب، وإعادة تعليق الإخفاقات السابقة، والبعد الأميركي الرامي لإرضاء الحلفاء الغربيين من ناحية الهجرة غير الشرعية وغيرها. وأيضًا ملف تمدد الدب الروسي في المنطقة، ما دفع بالإدارة الأميركية للجلوس مع كافة الأطراف لخلق معادلة جديدة ضد التواجد الروسي وبسط نفوذها في المنطقة تحت غطاء من قوات عسكرية تضع لها الأهداف وترسم لها المهام، من حماية الحدود وبسط السيطرة. فالولايات المتحدة تعيد قولبة الأمور، وتريد أن تحقق نجاحًا في الملف الليبي بعد إخفاقها في ملفات دولية.

وأضاف إسماعيل أن هذه الزيارات والجمع بين هذه المتناقضات، وبالصفات الرسمية لكل من الزائرين لواشنطن، تشير إلى وجود خلل كبير في ليبيا. فالوضع الليبي الراهن هو أن من يملك الشرعية لا يملك الفاعلية، ومن يملك الفاعلية لا يملك الشرعية. وقِس هذا المبدأ على هذه الزيارة. فالجمع بين الشرعية والفاعلية بين طرفي هذه الزيارة تحاول ربما تحويل الشرعي إلى فاعل والفاعل إلى شرعي. والواقع العملي أن الولايات المتحدة تريد حلاً لنفسها وما يناسبها، وليس حلاً لليبيين.

نأمل في صناديق اقتراع لا صناديق ذخيرة

وشدّد إسماعيل على أنه بين هذه المتناقضات، لا يمكن لليبيين أن يرضوا بحل وحكم ونظام عسكري لليبيا، وهم يدركون أن صدام حفتر لا يمثل إلا نفسه أو يمثل والده. الليبيون يريدون صناديق الاقتراع لا صناديق الذخيرة، ولا يريدون إعادة صناعة دكتاتور، خاصة أنهم اكتووا بنيران الديكتاتورية لأكثر من أربعين عامًا، وكانت سنين عجاف. في هذا المشهد القاتم، وبين أجسام الأمر الواقع التي لا يمكن تجانسها أو الاتفاق عليها، وفشل الأمم المتحدة عبر مبعوثيها، وأوضاع اقتصادية وأمنية صعبة، وخلافات دولية كبيرة، فإن هذه الدعوة أو الزيارة، في تقييمنا، تهدف إلى أن تُبني أميركا على واقع: هذا هو الموجود والأمر الواقع شرقًا وغربًا، وعلينا أن نبني عليه واقعًا جديدًا قويًا. وهذا مرفوض من شريحة واسعة من الليبيين. والليبيون في الحقيقة لا يريدون إعادة تدوير دكتاتور أو صناعة دكتاتور آخر وفرضه بسياسة الأمر الواقع. ولكن التضحيات الكبيرة التي قدمها الليبيون لنيل الحرية والعدالة الاجتماعية لن يتم التفريط بها بأي حال من الأحوال.

ومن جانب آخر، وفي تصريح لموقع “أفريقيا برس”، أكد الخبير والمستشار العسكري عادل عبدالكافي أن “دعوة عبدالسلام زوبي وصدام حفتر للولايات المتحدة الأميركية جاءت في إطار ممارسة ضغوط عليهم لقبول استكمال مشروع الولايات المتحدة الأميركية. وهذا المشروع هو تشكيل قوة من الشرق والغرب والمنطقة الوسطى والجنوبية، وذلك لحماية الحدود ومقاومة القوى الخبيثة كما أعلنت إدارة “أفريكوم”، والمقصود بها بكل وضوح مرتزقة الفيلق الروسي. وهي تعمل على تشكيل هذه القوة من خلال دمج بعض القوات من الشرق والغرب والجنوب تحت إشراف قيادات ممثلة أيضًا على الشرق والغرب والجنوب، وتحت قيادة من الشرق والغرب والجنوب، وتحت قيادة “أفريكوم” أو الولايات المتحدة الأميركية من خلال الإدارة العسكرية السادسة.

هذا هو الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه الولايات المتحدة الأميركية، أيضًا فرض هيمنتها على هذه الأطراف وهذه القوى على غرار لواء الذنب في الصومال، وهي التي أشرفت على تنظيمه والإشراف عليه ووضع قياداته.

ولذلك، كما قلنا، القوة التي تريد أن تشكلها الولايات المتحدة في ليبيا لحماية الحدود البرية والبحرية، وأيضًا مواجهة التمدد والتغول الروسي على الأراضي الليبية، الذي أصبح منصة من أجل انطلاق عملياته تجاه دول الساحل والصحراء وإمدادات الأسلحة إلى السودان، وحالة انتشار السلاح في شمال أفريقيا…

وهنا نقول إن الولايات المتحدة الأميركية، ومن أجل إعلان تواجدها وبوضوح في الشمال الأفريقي، عليها أن تسعى لتعزيز علاقتها مع الأطراف العسكرية المتواجدة في الشرق والغرب والجنوب.”

وفي الختام، ورغم أن الحراك الأميركي في الأزمة الليبية نشط منذ أشهر، عبر دفع الأطراف الليبية نحو توحيد المؤسسة العسكرية ودعم جهود البعثة الأممية لإحياء العملية السياسية، إلا أن زيارة الوفدين العسكريين إلى واشنطن، ولقاء وفد أميركي مؤخرًا في طرابلس وبنغازي، يأتي بعد تصريحات لمساعد الرئيس الأميركي مسعد بولس، كشف فيها عن خطة مطورة لإدارة ترامب لحل الأزمة الليبية، يكون من أبرز معالمها مشروع حكم موحد يشمل جميع الأطراف في شراكة حقيقية. وبين كل هذه المتغيرات، ستشهد الساحة الليبية العديد من التجاذبات، والأيام ستكشف ما يُحاك خلف الستار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here