وسط غياب التنمية.. كيف تحول النفط إلى نقمة في أوباري الليبية؟

7
وسط غياب التنمية.. كيف تحول النفط إلى نقمة في أوباري الليبية؟
وسط غياب التنمية.. كيف تحول النفط إلى نقمة في أوباري الليبية؟

وليد عبد الله

أفريقيا برس – ليبيا. سكان في المدينة يقولون إن نعمة النفط تحولت إلى نقمة ويشكون من سيطرة المحسوبية والفساد على هذه الثروة، بينما يعاني المواطنون من أوضاع صعبة ويفتقرون للخدمات العامة

– احتجاجا على سوء الأوضاع، أغلق محتجون حقل الشرارة النفطي في المدينة مرات عديدة أحدثها بين 3 و21 يناير الجاري للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير الوقود وفرص عمل وتنفيذ تنمية مستدامة

– المدينة يسكنها نحو 40 ألف نسمة وتخضع عسكريا لقوات الشرق بقيادة خليفة حفتر، فيما تخضع مدنيا (إداريا) لحكومة الوحدة الوطنية التي تقول إنها نفذت أغلب مطالب المحتجين

على بعد ألف كيلومتر من العاصمة الليبية طرابلس تقع أوباري، وهي مدينة ذات ثروات نفطية هائلة وتشتهر بحقل الشرارة أحد أكبر حقول النفط في البلاد من حيث الإنتاج.

ويعيش في أوباري نحو 40 ألف نسمة من أصل تعداد البلاد البالغ حوالي 8 ملايين، وأغلب سكان المدينة من الطوارق، بالإضافة إلى قبائل أخرى منها العرب والتبو.

ويعتبر العديد من السكان أن نعمة النفط تحولت إلى نقمة؛ مع أحاديث عن سيطرة المحسوبية والفساد على هذه الثروة، بينما يعاني المواطنون من أوضاع صعبة ويفتقرون للخدمات العامة.​​​​​​​

وردا على هذه المعاناة، تعرض حقل الشرارة لإغلاقات عديدة، أحدثها بين 3 و21 يناير/ كانون الثاني الجاري، حين اقتحمه محتجون للتنديد بتدهور الخدمات العامة وللمطالبة بتوفير الوقود وفرص عمل.

ويبلغ معدل إنتاج هذا الحقل 340 ألف برميل يوميا، وهو يقع في صحراء مرزق بإقليم فزان (جنوب)، وتم اكتشافه في عام 1980.

وبعد إغلاق استمر 18 يوما، أعلن المحتجون تعليق اعتصامهم داخل الحقل، بناء على اتفاق توصلوا إليه مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة تعهده فيه بتنفيذ مطالبهم.

​​​​​​​وتخضع أوباري عسكريا لقوات الشرق بقيادة خليفة حفتر، فيما تخضع مدنيا (إداريا) لحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وفي أكثر من مناسبة، قالت بلدية أوباري إن المدينة تعاني نقصا حادا في الخدمات والوقود، وإنها خاطبت الجهات الرسمية، ولكن دون جدوى.

وعند تعليق الإغلاق الأخير لحقل الشرارة، قال نائب رئيس حكومة الوحدة رمضان أبو جناح، في تصريح متلفز، إن الحكومة نفذت أغلب مطالب المحتجين.

مطالب السكان

“لا مستشفيات ولا بنية تحتية ولا وقود للسيارات ولا غاز للطهي، ونشتريه بسعر مضاعف، لهذا سيكون حقل الشرارة نقمة وليس نعمة”.. بتلك العبارات لخَّص الناشط جعفر الأنصاري، معاناة سكان المدينة.

وبنبرة ساخرة، أضاف الأنصاري: “رغم وجود حقل الشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا، غير أن أوباري لم تستفد من النفط سوى تلوث هواء المدينة.. الفائدة الوحيدة تكمن في مبادرة المسؤولين بالاتصال لمعرفة مطالب سكان المنطقة حين يُغلق الحقل”.

وأضاف أن “أوباري بسبب وجود النفط والغاز أصبحت محط أنظار القوى السياسية داخليا وخارجيا، فأمست بين حماية الشرق ونفوذ الغرب نتيجة الانقسام السياسي لقادتها والخلاف والاختلاف بين قبائلها”.

وجراء خلافات سياسية، يتعذر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لإنهاء نزاعات وانقسامات تتجسد منذ مطلع عام 2022 في وجود حكومتين، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (شرق)، والأخرى معترف بها دوليا، وهي حكومة الوحدة التي تتخذ من طرابلس (غرب) مقرا لها.

وأردف الأنصاري أن “احتياجات المواطنين الحقوقية والاقتصادية كانت في السابق أهم العناوين للاحتجاجات التي أدت إلى إغلاق الحقل، غير أنه مع الانقسام السياسي في الدولة وسيطرة مجموعة معينة على النفط (لم يحددها) تم استغلال كل الاحتجاجات سياسيا للأسف”.

وتابع: “من المعروف أن نفط ليبيا من أجود أنواع النفط والكثير يتطلع للحصول على امتياز الاستكشاف والإنتاج في المنطقة، وبعد انقسام الدولة لحكومتين تسعى كل حكومة للتحكم بهذا الملف لعقد صفقات مع الشركات المختلفة لأسباب من أهمها توفير الموارد المالية لدعم وجودها على رأس الدولة.. والضحية هو المواطن”.

الأنصاري دعا إلى “توفير عدة متطلبات لكي يكون للنفط فائدة لسكان المدنية، منها إلغاء المركزية وتنفيذ (إنشاء) مصفاة النفط بالجنوب، وتعيين الخريجين من أبناء المنطقة في الشركات النفطية وتنفيذ التنمية المستدامة بصورة حقيقية”.

توظيف سياسي

فيما قال الصحفي الليبي موسى تيهوساي إنه “بدل أن يستفيد سكان المناطق النفطية من وجود هذه الثروة تحولت إلى نقمة وعامل سيئ لا يجلب سوى النفايات والتلوث البيئي، وتحولت الحقول، التي من المفترض أن تساهم في تنمية الموارد البشرية، إلى مادة للتوظيف السياسي وسلاح بيد أطراف الصراع”.

وأضاف أن “سكان أوباري يعيشون كما لو أنهم في القرن الثامن عشر.. لا توجد فيها أدنى أساسيات الحياة الآدمية.. انعدام وجود الخدمات الصحية والأساسية وتهالك شديد في البنية التحتية، منها المدارس والطرقات والمؤسسات الحكومية الحيوية، بالرغم من وجود نصوص قانونية تلزم مؤسسة النفط بتنمية مناطق الإنتاج تحت بند التنمية المستدامة”.

ومنتقدا، استدرك: “لكن التنمية المستدامة عند مؤسسة النفط لا تتجاوز إصلاح بئر ماء أو جلب مضخة سعرها أقل من ألف دولار مصحوبا بعرض إعلامي يضخم ما تقدمه المؤسسة، بالرغم من أنه لا يرتقي لطموحات سكان المدينة ومعاناتهم”.

تيهوساي قال إن “الواقع الذي تعيشه المدينة رسّخ قناعة لدى الكثير من سكان المنطقة الجنوبية الغنية بالنفط بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية وليس لهم الحق في الاستفادة من خيرات بلادهم، خصوصا إذا نظرنا إلى الفوارق الحادة في مسألة التنمية بين مناطق إنتاج النفط في شرقي ليبيا وجنوبها”.

واعتبر أنه “لو تمت مقارنة أوباري بمنطقة رأس لانوف (شرق) النفطية، فسنجد فوارق فاحشة في التنمية المستدامة التي وفرتها مؤسسة النفط في هذه المنطقة مقارنة بمناطق النفط في فزان”.

و”تفتقر أوباري إلى أبسط مقومات الحياة، منها مادة البنزين التي يرتفع سعرها في السوق السوداء وتصل أحيانا إلى 120 دينارا ليبيا لـ 20 لترا (نحو 25 دولارا)”، كما ختم تيهوساي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here