ليبيا تترقب مذكرات اعتقال دولية جديدة بحق «متورطين في جرائم»

ليبيا تترقب مذكرات اعتقال دولية جديدة بحق «متورطين في جرائم»
ليبيا تترقب مذكرات اعتقال دولية جديدة بحق «متورطين في جرائم»

علاء حموده

أفريقيا برس – ليبيا. تسود ليبيا حالة من الترقب بعد إعلان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، برئاسة كريم خان، مواصلة العمل على إصدار مذكرات توقيف جديدة بحق مشتبه بهم بارتكاب انتهاكات ترقى إلى «جرائم حرب».

وجاء تقرير خان ليعيد تسليط الضوء على مذكرة اعتقال صادرة بحق ضابط في «الجيش الوطني الليبي»، وسط صمت تام من الحكومتين في غرب ليبيا وشرقها.

ومذكرات الاعتقال الجديدة تضمنها تقرير من خان إلى مجلس الأمن يغطي الفترة من مايو (أيار) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، في وقت يستعد المجلس في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لتلقي الإحاطة نصف السنوية حول أنشطة المحكمة.

ومع استمرار التكهنات بشأن الشخصيات الليبية المستهدفة بمذكرات التوقيف، تحرص المحكمة الجنائية على الحفاظ على سرية الأسماء لأسباب وصفتها بـ«الأمنية والاستراتيجية»، المتعلقة بعمليات القبض والمتابعة القضائية.

ويلحظ الأكاديمي الليبي ورئيس منظمة «نداء لحقوق الإنسان»، موسى القنيدي، أن البلاد تشهد «ترقباً وقلقاً عاماً» حيال الأسماء التي من المتوقع إعلانها، عاداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يحدث هو أحد «بوادر تعاون إيجابي» بين مكتب النائب العام الليبي والمدعي العام للمحكمة، خصوصاً بعد خطاب حكومة «الوحدة الوطنية»، في إشارة إلى خطاب أكد قبول ليبيا لاختصاص المحكمة، بموجب المادة 12 فقرة 3 من نظام روما الأساسي في يوليو (تموز) 2024.

وإذ يشير القنيدي إلى أن «تصاعد الاستياء الشعبي من الأوضاع في ليبيا يسهم في تسريع وتيرة العدالة»، فإنه لا يستبعد «تجدد الخلاف حول الولاية القضائية بين القضاء الليبي والمحكمة الدولية».

وتخضع ليبيا لاختصاص «الجنائية الدولية» منذ إحالة الملف عبر قرار مجلس الأمن 1970 لعام 2011، والذي فتح الباب لتحقيقات طالت شخصيات من النظام السابق، ولا تزال الإحاطات الدورية أمام المجلس مستمرة.

في هذا السياق، يرى عضو «المجلس العلمي بمركز البحوث الجنائية» بمكتب النائب العام، الدكتور شعبان عكاش، أن أداء المحكمة الجنائية «تأثر منذ 2011 باعتبارات سياسية حدّت من فعاليته»، لافتاً إلى رفض النائب العام، و«المجلس الأعلى للقضاء»، أي محاكمة خارج الإطار القضائي المحلي، حسب ما ذكره لـ«الشرق الأوسط».

ووفق رؤية عكاش، وهو أيضاً أستاذ القانون الجنائي بجامعة طرابلس، فإن العلاقة بين القضاءين الدولي والوطني «تكاملية»، مع أولوية القضاء المحلي رغم تحديات «هشاشة المؤسسات والانقسام الأمني وتكدس الملفات القضائية في ليبيا»، وهي عوامل «تحد من الفعالية لكنها لا تلغي القدرة على ملاحقة الجرائم الدولية».

وكان نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وفريقه، قد عقدا في أكتوبر الماضي، اجتماعاً مع أكثر من 30 منظمة حقوقية لمناقشة قضايا متصلة بملف الملاحقات. وذكر تقرير المحكمة أن الاجتماع المقبل سيعقد في مطلع 2026، ضمن مساعي تعزيز الدعم والتحقيقات والتواصل مع الضحايا والشهود.

وفي قلب ملف الملاحقات الدولية للمتهمين الليبيين يبرز اسم الضابط سيف سليمان سنيدل، التابع لـ«الجيش الوطني»، حيث أعاد تقرير خان الأخير تسليط الضوء عليه استناداً إلى مذكرة توقيف صدرت بحقه في أغسطس (آب) الماضي، وقوبلت بصمت من جانب السلطات في شرق البلاد.

تأتي مذكرة اعتقال الضابط الليبي على خلفية اتهامات بارتكاب «جرائم حرب» تشمل القتل والتعذيب وانتهاك الكرامة الإنسانية شرق ليبيا، في ثلاث عمليات إعدام أودت بحياة 23 شخصاً بين عامي 2016 و2017، وهي التي ترتبط أيضاً بملف الرائد الراحل محمود الورفلي، الذي كان مقرباً منه، وواجه مذكرات توقيف عديدة بشأن عمليات إعدام في بنغازي.

ورغم صدور مذكرات اعتقال بحق عديد من الليبيين، فإن تنفيذها لا يزال معرقلاً بفعل الانقسام السياسي والعسكري العميق. وقد ازداد التوتر بين الحكومتين في يوليو الماضي بعدما رفضت حكومة أسامة حمّاد (المكلفة من البرلمان) اعتراف «حكومة الوحدة» باختصاص المحكمة الدولية.

ويرى عكاش أن «تسليم المتهمين الليبيين غير مرجّح» إلا في حال «صفقات سياسية»، مستشهداً بعدم تسليم سيف الإسلام نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وعبد الله السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات السابق، ومشيراً إلى أن عمل المحكمة «مرتبط في نهاية المطاف بحسابات القوى الكبرى ومجلس الأمن».

وتقرير خان يسلط الضوء على أن التعاون مع السلطات الليبية شهد «تقدماً نسبياً»، لكنه لا يزال «غير مُرضٍ» في ما يتعلق بتنفيذ أوامر التوقيف، إذ لا يزال عدد من المشتبه بهم طلقاء، وتتأخر الردود على طلبات التحقيق.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here