مظاهرات تطالب بإسقاط حكومة الدبيبة واستقالات وزارية

5

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. شهدت العاصمة الليبية طرابلس وعدد من مدن ومناطق الغرب الليبي مساء الجمعة تظاهرات حاشدة تطالب بإسقاط حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وذلك على خلفية الاشتباكات المسلحة العنيفة التي شهدتها العاصمة في وقت سابق، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وخرجت حشود من المواطنين في مناطق عدة من داخل وخارج مدينة طرابلس، في إطار ما أُطلق عليه «جمعة الغضب»، وسط تشديدات أمنية فرضتها الحكومة. وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للحكومة، منها «الشعب يريد إسقاط الحكومة»، إضافة إلى هتافات ترفض الفساد والتطبيع، في ظل تصاعد الغضب الشعبي من تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية.

واتجهت المظاهرات نحو ميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس، حيث احتشد الآلاف، رغم العراقيل الأمنية التي شملت إغلاق الطرق المؤدية إلى مقر رئاسة الوزراء بواسطة مدرعات وآليات مسلحة، فيما أفادت الحكومة بسقوط أحد أفراد الشرطة المكلّفين بحماية المقر برصاص مجهولين، وقالت إنها أحبطت محاولة اقتحام.

وأظهرت صور نُشرت على منصات التواصل جانباً من المتظاهرين المتجهين من ورشفانة إلى العاصمة، في مشهد يعكس اتساع نطاق الحراك الشعبي.

من جانبه، دعا «حراك شباب العاصمة» إلى المشاركة في التظاهرات السلمية، قائلاً في بيان له: «ما تمر به ليبيا من فساد وفوضى ممنهجة، وغياب تام للعدالة والشفافية، وتفاقم معاناة المواطن، يستوجب تحركاً شعبياً»، مضيفاً: «كفى عبثاً بمصيرنا، كفى فساداً باسم الشرعية… الشعب يريد إسقاط حكومة الدبيبة الفاشلة».

في المقابل، أصدرت دار الإفتاء في غرب ليبيا بياناً دعت فيه المواطنين إلى عدم المشاركة في هذه المظاهرات، التي وصفتها بـ«المشبوهة»، وقالت إن من يقف وراءها «إما جهات مشبوهة، أو أشخاص لا يُقدّرون المصلحة الشرعية، أو انقلابيون يعملون لتمكين خليفة حفتر». واعتبرت الدار أن المشاركة في هذه المظاهرات تُحمِّل أصحابها مسؤولية شرعية عن ما قد ينتج عنها من فوضى وانتهاكات.

في السياق ذاته، دعا عضو المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني الأجهزة الأمنية إلى حماية المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة، محذراً من السماح لأي عناصر مندسة بتحويل المظاهرات عن مسارها السلمي. وقال في رسالة وجهها إلى المتظاهرين: «أبارك معكم هذا الحراك التاريخي… وأشد على أياديكم وأنتم تطالبون بدولة الحق والعدل والقانون، وأن يُسمع صوتكم».

من ناحيته، دافع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة عن الإجراءات الأمنية التي اتُّخذت مؤخراً، لا سيما عملية «أبو سليم»، قائلاً: «ما قمنا به كان خطوة ضرورية لإنهاء وجود تمادى في تجاوز القانون، وارتبط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان»، مؤكداً أن العملية نُفذت بأسلوب «منظّم وهادئ، دون أي مواجهات».

بدورها، أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن قلقها من استخدام العنف ضد المتظاهرين، محذّرة من أن ذلك يُعد «انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، ودعت كل الأطراف إلى حماية المدنيين.

وفي ظل تصاعد التوتر، أعلنت عدة وسائل إعلام ليبية استقالة عدد من الوزراء في حكومة الدبيبة، من بينهم وزراء: الصحة، والحكم المحلي، والثقافة، والمالية، والإسكان، والاقتصاد. كما تداول نشطاء فيديو لوزير النفط محمد عون يعلن فيه استقالته، مطالباً الدبيبة بالتنحي.

وقال نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة المكلف رمضان أبو جناح في منشور على «فيسبوك»، إنه استقال احتجاجاً على «إهدار الأموال العامة وشراء الولاءات»، متهماً الدبيبة بـ«الاستمرار في السلطة على حساب مصلحة الوطن». كذلك، قال وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي إن استقالته جاءت «انحيازاً للشعب ودعماً لتوجهه وحقناً للدماء»، مشيراً إلى فشل محاولات الإصلاح من داخل الحكومة.

ورغم تتابع أخبار الاستقالات، أصدرت حكومة الوحدة الوطنية بياناً نفت فيه ما يُنشر حول استقالات الوزراء، ووصفتها بـ«التقارير غير الدقيقة»، مضيفة: «تُقدّر الحكومة حجم الضغوط التي قد تُمارس في هذا الظرف، وتؤكد أن ما ورد لا يعكس الحقيقة».

في غضون ذلك، أفادت مصادر متطابقة بأن المجلس الرئاسي الليبي دخل في اجتماع مفتوح مساء الجمعة لمتابعة تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في العاصمة.

ويأتي هذا الحراك في سياق تصاعد التوترات في طرابلس عقب اشتباكات دامية بين فصائل مسلحة الأسبوع الماضي، أدت إلى سقوط ضحايا وأضرار كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة، ما زاد من حدة الغضب الشعبي تجاه حكومة الدبيبة، ورفع سقف المطالب الشعبية بالدعوة إلى إجراء انتخابات وتغيير جذري في السلطة التنفيذية

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here