عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. تواصل البعثة الأممية بقيادة ستيفاني خوري جهودها لدفع العملية السياسية في ليبيا نحو مرحلة جديدة تتمثل في تشكيل حكومة موحدة تمهد الطريق لإجراء انتخابات وطنية في 2025. ومع تزايد الضغوط المحلية والدولية، تباينت ردود الفعل حول هذه المبادرة. بعض الأطراف المحلية تدعم المبادرة باعتبارها خطوة نحو الاستقرار، بينما تعارضها أخرى مشككة في نوايا الأمم المتحدة، في حين يعبر البعض عن تحفظات بشأن تنفيذها في ظل الانقسامات السياسية الحالية.
الدعم الدولي والمحلي لخطة خوري
تلقى خطة ستيفاني خوري دعماً قوياً من العديد من الدول الغربية، مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا، التي أكدت دعمها للمبادرة الرامية إلى تشكيل حكومة موحدة وتعزيز الشفافية في البلاد، مما يمهد الطريق لإجراء الانتخابات الوطنية.
أما في ليبيا عبر خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، خلال تصريحه لصحيفة المرصد الليبية عن ترحيب المجلس بالإحاطة التي قدمتها خوري أمام مجلس الأمن بشأن الأوضاع في ليبيا، مؤكدًا أن المجلس يدعم بشكل كامل مساعي توحيد المؤسسات الوطنية وتوفير الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. كما أشار المشري إلى أن المسار السياسي يجب أن يكون “مملوكًا” بالكامل للليبيين، مع دعم المجتمع الدولي
الانتقادات الداخلية للمبادرة
على الجانب الآخر، انتقدت أمينة المحجوب، عضو مجلس النواب، في مداخلة عبر تلفزيون المسار دور البعثة الأممية في ليبيا بشكل حاد، معتبرة أن ستيفاني خوري فشلت في حل الأزمة السياسية في البلاد. المحجوب اعتبرت أن خوري تنفذ إملاءات خارجية تخدم مصالح القوى الكبرى، دون أن تسعى لتحقيق الاستقرار السياسي أو توحيد الحكومة الليبية. وأشارت إلى أن لقاءات خوري مع شخصيات لا علاقة مباشرة لها بالصراع السياسي في ليبيا تمثل دليلاً على أن المبادرة تهدف إلى فرض حلول من الخارج على الشعب الليبي.
دعم لمقترحات الأمم المتحدة
موسى الكوني النائب بالمجلس الرئاسي عبر حسابه على منصة أكس، أشاد بجهود البعثة الأممية، مؤكدًا أن المقترحات التي قدمتها أمام مجلس الأمن تمثل خطوة هامة في دفع العملية السياسية إلى الأمام. عبر الكوني عن دعم ليبيا لمقترحات الأمم المتحدة، وشدد على ضرورة أن يكون الليبيون هم من يديرون المسار السياسي، مع الإبقاء على الدعم الأممي. كما دعا إلى تشكيل فريق استشاري ليبي من خبراء مستقلين لصياغة مقترحات تتعلق بالقضايا السياسية والانتخابية العالقة.
بلقاسم قزيط، عضو مجلس الدولة في تصريح صحفي، حذر من إقصاء أي من الأطراف السياسية، مؤكدًا أن أي محاولة لاستبعاد مجلسي النواب والدولة من المباحثات ستؤدي إلى تعثر الحوار.
قزيط شدد على أن التعاون بين مجلسي النواب والدولة والبعثة الأممية هو المسار الأنسب لتحقيق النجاح في العملية السياسية.
نواب يحمّلون البعثة الأممية المسؤولية
وفي بيان مكتوب مشترك على، حمل فوزي النويري، طلآل الميهوب، سالم قنان، وعائشة شلابي، أعضاء مجلس النواب، البعثة الأممية والمجتمع الدولي المسؤولية عن الفشل المتكرر في ليبيا. وأشار البيان إلى أن مواقف البعثة المتكررة لا تلبّي تطلعات الشعب الليبي، داعين إلى وحدة الصف بين أبناء الشعب الليبي والمصالحة الشاملة. كما أكدوا رفضهم القاطع لأي محاولة لفرض حلول مفصلة خارج إرادة الشعب الليبي أو تجاوز ممثليه الشرعيين، مؤكدين أن العملية السياسية يجب أن تكون تحت سيطرة الشعب الليبي فقط.
دعوة للتعاون الإيجابي مع المبادرة
في المقابل، دعا الحزب الديمقراطي في بيان نشر على صفحته الرسمية إلى التعاون الإيجابي مع مبادرة ستيفاني خوري. وطالب الحزب جميع القوى الوطنية بالتفاعل بشكل بناء مع المبادرة، مع الحث على دعم المجتمع الدولي لهذه الجهود والعمل بجدية لإنجاحها. كما عبر الحزب عن دعمها للمسار السياسي الذي طرحته خوري، مشددًا على أهمية أن تتحلى جميع الأطراف الليبية بالإيجابية في التعامل مع هذه المبادرة
التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني عبر هو الآخر في بيان نشر على موقعه الرسمي عن تأكيده التام بدعم المسار السياسي الذي أعلنت عنه ستيفاني خوري. وأكد التحالف التزامه الكامل بتوفير الدعم لهذه المبادرة، داعيًا جميع الأطراف السياسية للتفاعل مع المبادرة بشكل إيجابي والابتعاد عن الانقسامات التي قد تعرقل مساعي تحقيق الاستقرار.
معايير واضحة للعملية السياسية
في تقييمه للمبادرة، عبر المحلل السياسي محمود إسماعيل عن قلقه بشأن فشل الأمم المتحدة المتكرر في ليبيا طوال الفترات الماضية. وذكر في تصريحاته لـ”أفريقيا برس” أن العملية السياسية في ليبيا يجب أن تبنى على معايير واضحة، بحيث يتم تحديد من يمثل من في العملية السياسية ومن سيكون جزءًا من الحوار.
كما شدد على ضرورة تحديد أسلوب تنفيذ المشروع، عنصر الزمن، وضمانات تنفيذ المشروع، خاصة في ظل الانقسامات السياسية الحالية. وفيما يتعلق بالمشاركة الليبية، دعا إسماعيل رجال ليبيا إلى اختيار عناصر قوية تمثل الثورة الليبية بشكل قوي، وضرورة تشكيل فريق يكون جزءًا من المشهد، ويجب أن يتمسكوا بالوطنية والأهداف الوطنية بعيدًا عن المصالح الشخصية. كما حذر من تهميش الأصوات الحرة التي لا يمكن شراؤها، وأكد أن المعركة أكبر من أن تترك بيد “الفشلة”.
صعوبات سياسية تعرقل نجاح المبادرة
في تعليق آخر، قال المحلل السياسي فرج فركاش في تدوينة عبر حسابه على “فيسبوك” إنه رغم نوايا البعثة الأممية الطيبة في بعض جوانب مبادرتها الأخيرة، إلا أن الأسلوب والنهج المتبعين في التعامل مع الأوضاع الليبية، وخاصة في ظل وجود معوقات و”السيسان” الخبيثة، قد لا يؤديان إلى النجاح. فركاش أشار إلى أن هذه الطريقة لن تنجح في تحقيق التقدم المأمول، معتبراً أن هنالك صعوبات سياسية تجعل من تنفيذ المبادرة أمرًا بالغ التعقيد.
خطة ستيفاني خوري بين التأييد والرفض
من خلال التصريحات والآراء المتباينة، يظهر أن الخطة التي طرحتها ستيفاني خوري تشهد تأييدًا من بعض الأطراف السياسية الدولية والمحلية، بينما تواجه تحديات من الأطراف التي تخشى من تأثيرات هذه المبادرة على مصالحها الشخصية والسياسية.
يبقى أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت ليبيا قادرة على تجاوز الانقسامات السياسية الحالية، وتحقيق تسوية شاملة تضمن استقرار البلاد واستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس